آخر الأخبار

محمد دراوشة لبكرا: “لقاء نتنياهو–ترامب… عناق سياسي يخفي ضغوطًا حقيقية”

شارك
Photo by Liri Agami/Flash90

في أعقاب زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى مار‑أ‑لاجو ولقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أجرى موقع بكرا مقابلة خاصة مع الخبير في الشؤون السياسية محمد دراوشة، الذي قدّم قراءة معمّقة لأبعاد الزيارة ورسائلها العلنية والخفية.

بكرا: كيف تقيمون اللقاء بين نتنياهو وترامب من حيث الشكل والمضمون؟
محمد دراوشة: اللقاء حمل الكثير من الرمزية السياسية. ترامب قدّم لنتنياهو عناقًا سياسيًا واسعًا، مليئًا بالمديح والتقرب الشخصي، وهذا يخدم نتنياهو داخليًا في لحظة سياسية حساسة. لكن خلف هذه الصور الدافئة، هناك فجوات حقيقية في الملفات الأساسية، خصوصًا غزة والضفة الغربية. بمعنى آخر، نتنياهو عاد بصور قوية، لكنه لم يعد بحلول.

بكرا: لنبدأ بملف غزة. ما الذي كشفه اللقاء في هذا السياق؟
دراوشة: ترامب شدد على ضرورة نزع سلاح حماس، وهذا يتماشى مع الموقف الإسرائيلي التقليدي. لكنه في الوقت نفسه أكد أن إعادة إعمار غزة يجب أن تبدأ فورًا، وأن الوضع الإنساني لا يحتمل الانتظار. هنا تظهر فجوة واضحة: إسرائيل تريد ربط الإعمار بنزع السلاح، بينما واشنطن ترى أن الإعمار ضرورة عاجلة. هذا التباين قد يتحول إلى نقطة احتكاك حقيقية في المرحلة المقبلة.

بكرا: وماذا عن الحديث حول دور تركي محتمل في غزة؟
دراوشة: هذا كان أحد أكثر النقاط إثارة للقلق في إسرائيل. ترامب لم يستبعد وجود دور تركي، بل ألمح إلى أنه قد يكون خيارًا جيدًا. بالنسبة لنتنياهو، هذا خط أحمر تقريبًا. إسرائيل ترى في تركيا لاعبًا إقليميًا غير مرغوب فيه داخل غزة، وفتح الباب أمامها يعني خلافًا جوهريًا مع واشنطن حول ترتيبات اليوم التالي.

بكرا: في المقابل، يبدو أن نتنياهو حصل على دعم قوي في الملف الإيراني؟
دراوشة: صحيح. ترامب قدّم لنتنياهو ما يمكن اعتباره أكبر مكاسب الزيارة. قال بوضوح إن استمرار إيران في برنامجها النووي والصاروخي سيقابل بدعم أمريكي لعمل عسكري، بل أضاف أن الولايات المتحدة قد تقوم بذلك فورًا. هذا التصريح يمنح إسرائيل غطاءً سياسيًا مهمًا، حتى لو لم يكن هناك تحرك فوري. إنه رسالة ردع موجهة لطهران، ورسالة دعم موجهة لنتنياهو.

بكرا: على المستوى الشخصي، كيف استفاد نتنياهو من اللقاء؟
دراوشة: ترامب قدّم له مديحًا غير مسبوق، وصوّره كقائد ضروري لأمن إسرائيل، بل دعم علنًا فكرة العفو عنه. هذه مكاسب إعلامية مهمة لنتنياهو، لكنها لا تغيّر قواعد اللعبة داخل إسرائيل. هي تخدمه سياسيًا، لكنها لا تحل أزماته القضائية أو الائتلافية.

بكرا: تحدّثت عن ضغوط أمريكية في ملف الضفة الغربية. ما طبيعتها؟
دراوشة: رغم العناق السياسي، ترامب مارس ضغطًا واضحًا على نتنياهو في ملف الضفة. الإدارة الأمريكية طالبت بوقف عنف المستوطنين وانفلاتهم، معتبرة أن هذا السلوك يقوّض الاستقرار ويضعف قدرة إسرائيل على حشد دعم دولي في الملفات الكبرى. كما شددت واشنطن على ضرورة إنعاش السلطة الفلسطينية وإعادة تمكينها، لأنها الجهة الوحيدة القادرة على لعب دور في المرحلة الثانية في غزة. هذا موقف مهم، ويكشف أن واشنطن لا ترى مستقبل غزة بمعزل عن الضفة والسلطة الفلسطينية.

بكرا: هل يمكن القول إن الزيارة حققت اختراقًا سياسيًا؟
دراوشة: لا يمكن الحديث عن اختراق. لا توجد تفاهمات حاسمة حول غزة، ولا رؤية مشتركة حول ترتيبات اليوم التالي. هناك دعم أمريكي في ملف إيران، لكن في المقابل هناك فجوات كبيرة في ملفات غزة والضفة. الزيارة كانت ناجحة إعلاميًا لنتنياهو، لكنها لم تغيّر الواقع السياسي أو الأمني.

بكرا: ما الخلاصة التي يمكن الخروج بها من هذا اللقاء؟
دراوشة: ترامب ونتنياهو يتحدثان اللغة نفسها على المستوى العاطفي–الاستراتيجي، لكنهما يختلفان في ترجمة التفاصيل. وفي الشرق الأوسط، التفاصيل هي التي تحدد ما إذا كانت القمة إنجازًا سياسيًا أم مجرد نقطة انطلاق لنقاش طويل. نتنياهو عاد بعناق سياسي، لكنه عاد أيضًا بقائمة طويلة من التحديات التي سترافقه في الأسابيع المقبلة.

بكرا المصدر: بكرا
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا