الاستطلاعات الأخيرة التي نُشرت في نهاية الأسبوع تكشف بوضوح أن أي محاولة لإسقاط نتنياهو ستظل مجرد وهم إذا لم تستوعب أحزاب المعارضة أن العرب هم المفتاح الوحيد لتغيير المعادلة السياسية. الأرقام لا تكذب: المعارضة لن تصل إلى أغلبية برلمانية دون مقاعد الاحزاب العربية، وهو ما يفرض عليها إعادة النظر في مفهومها السياسي وتجاوز الحواجز النفسية التي منعت في الماضي التعاون مع الأحزاب العربية.
لكن القضية لا تتعلق فقط بالأرقام، بل بالوعي السياسي. فالمعارضة الإسرائيلية ما زالت أسيرة عقلية قديمة ترى في العرب “عاملًا مساعدًا” وليس “شريكًا كاملًا”. هذه العقلية هي التي أبقت نتنياهو في الحكم سنوات طويلة، لأنها منعت بناء تحالفات واسعة قادرة على كسر هيمنته. إن تجاهل العرب يعني عمليًا منح نتنياهو تفويضًا جديدًا، حتى لو كان غير مباشر.
الأحزاب العربية أمام لحظة فارقة. إذا أحسنت إدارة حملاتها الانتخابية، ونجحت في تجنيد الناخبين الذين يشعرون بالتهميش، فإنها تستطيع أن تتحول من قوة احتجاجية إلى قوة تقريرية. المشاركة في الحكم – سواء عبر حكومة بديلة، أو كتلة مانعة، أو الانضمام إلى الائتلاف – ليست تنازلًا، بل وسيلة لحماية مصالح المجتمع العربي داخل إسرائيل.
هذه المشاركة يمكن أن تترجم إلى مكاسب ملموسة:
* المساواة في الميزانيات بين البلدات العربية واليهودية.
* مكافحة الجريمة والعنف الذي يفتك بالمجتمع العربي.
* تطوير البنية التحتية والخدمات العامة بما يليق بمواطني الدولة
* دعم مسيرة سياسية لاقامة دولة فلسطينية وانهاء الاحتلال.
كل هذه القضايا تمس حياة الناس اليومية وتشكل أساسًا لبناء الثقة بين المواطن العربي والدولة، وتعيد تعريف العلاقة بين الطرفين على أساس المواطنة الكاملة لا الهامشية.
أحزاب المعارضة مطالبة بخطاب جديد يقنع جمهورها بأن إشراك العرب ليس خيارًا تكتيكيًا، بل ضرورة استراتيجية لإنقاذ الديمقراطية الإسرائيلية من حالة الجمود التي فرضها نتنياهو. عليها أن تدرك أن العرب ليسوا مجرد رقم انتخابي، بل شركاء شرعيون في الحكم، وأن أي محاولة لتجاهلهم ستعني استمرار نتنياهو في موقعه وتعزيز قوته أكثر.
اللحظة الراهنة تضع الجميع أمام اختبار نضج سياسي:
* إما أن تعترف المعارضة بشرعية الأحزاب العربية كشركاء أساسيين في الحكم،
* أو أن تظل عاجزة عن تشكيل حكومة بديلة، وتترك الساحة لنتنياهو ليواصل ترسيخ سلطته.
وفي المقابل، على الأحزاب العربية أن تستغل هذه اللحظة التاريخية لتكون جزءًا من المعادلة الحاكمة، لا مجرد هامش سياسي. فالمعادلة الجديدة لا يمكن أن تُكتب بدون العرب، ولا يمكن أن تُنفذ بدون شراكة حقيقية تعكس وزنهم البرلماني والاجتماعي.
المصدر:
كل العرب