بقلم: المحامي يحيى دهامشة- أمين عام القائمة العربية الموحدة ورئيس المكتب السياسي في الحركة الإسلامية
تتجدّد في الأيام الأخيرة، للأسف، حملة الهجوم على القائمة العربية الموحّدة وعلى رئيسها الدكتور منصور عباس، من جهاتٍ إعلامية وحزبية يهودية تحاول ربطها بجهات معادية للدولة، وأيضًا من فئات سياسية وإعلامية عربية تستغلّ هذه المواد ذاتها وتعيد تدويرها حسب أهوائها داخل مجتمعنا العربي. اصطفافٌ مؤسف، تكاملت فيه الأدوار من دون اتفاق، والهدف: تسجيل نقاط سياسية على حساب الموحّدة.
الجهات اليهودية التي تحرّض على الموحّدة معروفة، فالمؤسسات الإعلامية التي تمارس الحملة واضحة الانتماء، وهي تتّبع المنظومة الحاكمة الحالية، وتراهن من خلال هذا التحريض على إعادة الموحّدة إلى “المربّع القديم”: حزب عربي غير محسوب سياسيًا، محصور في دور الاحتجاج والخطابات العالية فقط.
وفي الجهة الأخرى، تسعى بعض الجهات العربية إلى النتيجة نفسها، لكن من باب التحريض الداخلي؛ لتعود الموحّدة إلى موقع عديم التأثير، مثلهم تمامًا.
اليمين الفاشي تعلّم الدرس. فهو يدرك أن حزبًا عربيًا فعّالًا ومؤثرًا في الكنيست يقلّص نفوذه، بل قد يهدد وجوده السياسي بعد السابع من أكتوبر. لذلك يعمل بكل أدواته ليحافظ على فرص الهيمنة وتشكيل الحكومة المقبلة. لكن السؤال: ماذا تعلّمت الأحزاب العربية من الماضي؟
ماذا تعلّم من ثَبُت بالأدلّة أنه جُنِّد – من حيث لا يعلم – ليخدم حملة المستشارة الاستراتيجية لليكود الداعية لمقاطعة التصويت في المجتمع العربي؟ وما زال إلى اليوم يواصل التحريض بلا خجل؟!
وماذا تعلّم كل من دعم وساهم، بوعي أو بغير وعي، في سقوط الائتلاف السابق وفي صعود هذا اليمين الفاشي إلى الحكم؟
للأسف، يبدو أن الفئات السياسية العربية لم تراجع نفسها، ولم تتعلّم شيئًا، ولن تتحمّل أي مسؤولية عن الكوارث التي ساهمت فيها. هذا المسار الذي من خلاله تختزل هذه الفئات العمل السياسي بالاحتجاج والخطابات النارية هو وحده ما يبقي لهم فرصة للبقاء السياسي، ولو على حساب مجتمعٍ يعاني ميدانيًا ولا يتغير شيء من واقعه. بدل أن تعمل هذه القوى على تقديم حلول حقيقية وتتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية، تنشغل في صون نفوذها الداخلي في لجنة المتابعة وتثبيت سيطرتها. أما الخاسر الوحيد في هذه المعادلة فهو المجتمع العربي.
ليكن واضحًا، الموحّدة ماضية في طريقها. لقد كسرت منظومة التفكير التقليدية التي حكمت العمل السياسي العربي لسنوات، ولن تعود إلى الوراء. لن نساوم على دورنا السياسي الذي نمارسه من أجل مجتمعنا، ولن نقبل الانتقاص من حجم تمثيلنا في المؤسسات الوطنية الجامعة وعلى رأسها لجنة المتابعة التي بحاجة لإصلاحات جذرية وواسعة حتى تبقى بالفعل السقف الأعلى الذي يمثّل مجتمعنا العربي بكافة شرائحه. شرعيتنا نأخذها من مجتمعنا العربي وحده، من دعمه وتأييده، لا من رضا هذا الحزب أو ذاك، ولا من "توافقات" تُفرض لحماية نفوذ بعض الجهات.
المصدر:
كل العرب