آخر الأخبار

التصعيد قبل المرحلة الثانية في غزة لن يوقفها

شارك

ادت الغارات الاسرائيلية على غزة خلال يومي 28و 29 تشرين اول الى سقوط 104 من الفلسطينيين وفقا للمعطيات الطبية من غزة. فيما تعتبر اسرائيل ان اي استهداف لجنودها وآلياتها او الاقتراب الى "الخط الاصفر" الذي يقتطع اكثر من نصف مساحة القطاع، بمثابة انتهاك فلسطيني يستوجب الرد القاسي وفقا للمؤسسة الاسرائيلية. كما شددت الرواية الاسرائيلية على اعتبار الغارات الفتاكة بأنها رد فعل على انتهاكات حماس.
بدوره، ادان رئيس الوزراء القطري المتواجد في واشنطن استهداف الجنود الاسرائيليين في غزة يوم 28/10 معتبرا اياه انتهاكا فلسطينيا لوقف اطلاق النار. فيما أكد على انكار حركة حماس مسؤوليتها عن الحدث، وأضاف بأن من واجب جميع الفصائل في غزة بما فيها حماس نزع السلاح لاتاحة المجال نحو اعادة الاعمار واستتباب الوضع في القطاع.
فيما أعلن ترامب بأن "حماس أصابت جندياً إسرائيلياً وإسرائيل ردّت بإطلاق النار. عليهم أن يردّوا بإطلاق النار. هذا لن يعرض وقف إطلاق النار للخطر. على حماس أن تتصرّف بشكل جيد. إذا لم يتصرّفوا بشكل جيد فسيُدمَّرون، وهم يفهمون ذلك".
شدد الموقف الاسرائيلي على ان الغارات على جنوب وشمال القطاع "حملت رسالة الى كل من تركيا وقطر" للضغط عليهما لنزع سلاح حماس. فيما قلّلت الادارة الامريكية من خطورة ما يحدث باعتباره "مناوشات لن تعيق الانتقال للمرحلة الثانية" من خطة ترامب.
تجمع التحليلات الاسرائيلية على أن الغارات الاسرائيلية تؤكد محدودية القدرة - ليس العسكرية - على التحرك كما تشاء في قطاع غزة. او كما وصفها عدد من المحللين بأن "الأيدي مقيّدة". كما توضح بأن حكومة نتنياهو قد أبرمت على مضض اتفاق خطة ترامب وبضغط امريكي مكثف وليس عن طيب خاطر. بالاضافة، اعتقد كلّ من نتنياهو ووزير الامن كاتس ووزير الشؤون الاستراتيجية ديرمر بأنه سيكون بقدرتهم نسخ نمط العمل في لبنان بعد وقف اطلاق النار في هذا البلد الذي يخضع لغارات اسرائيلية شبه يومية ونقل هذا النمط الى قطاع غزة. الا ان هذه النوايا تصطدم بواقع لا يتيح تحويلها الى سياسة. كذلك الامر بالنسبة الى نزع السلاح في غزة بحيث تدفع اصوات في الائتلاف الحاكم بما فيه داخل حزب الليكود، الى اعتبار عدم ضمانه بمثابة تبرير لاعادة احتلال القطاع.
تصطدم هذه النوايا بواقع مختلف تماما عن الوضع في لبنان حيث تسعى اسرائيل الى اعادة فتح المفاوضات بالقوة وبخلاف الموقف اللبناني والعربي والدولي الذي يرى ان الاولوية هي تطبيق اسرائيل لاتفاق وقف اطلاق النار كما هو وعدم انتهاكه.
تختلف "خطة ترامب" جوهريا عن اتفاق وقف اطلاق النار كما تمنّى نتنياهو او هدنة طويلة الامد كما توخت حماس، بل وبغض النظر عن الموقف منها هي خطة متكاملة صادقت عليها الاطراف وبرعاية متعددة الاطراف عربيا واقليميا ودوليا وامريكيا. ثم انها متشابكة حيث مقابل نزع السلاح سيكون الانسحاب الاسرائيلي الاضافي وستدخل قوات امن عربية فلسطيينة دولية كما سينتهي فصل الفراغ السلطوي في غزة لتتوفر الشرط لاعادة الاعمار وبوجود السكان.
الهاجس الذي يراود حكومة نتنياهو هو ان المسعى الامريكي والمصري والعربي الاقليمي عموما بالتحوّل من المرحلة الاولى الى الثانية من الخطة سوف يشكل نقطة اللا-عودة الى الحرب ويكفّ عن ان يكون وقف اطلاق النار بحد ذاته هو المحور، فيما حاليا تشكل الزيارات المكثفة الى اسرائيل واقامة قاعدة الرقابة على الخطة في الجنوب، آليّتي رقابة وضبط للسلوك الاسرائيلي ايضا بما فيه الأمني والسياسي وحتى تصريحات مثل اقوال سموتريتش العنصرية عن المملكة العربية السعودية تتصدى لها الادارة الامريكية وتقوم بمساءلة نتنياهو.
فيما مراقبة سلوك حماس تتم من خلال تهديدات امريكية مباشرة الى جانب آليات الضغط المكثف عليها وتصميم المشهد الفلسطيني الذي تقوم به مصر من ناحية أمنية وفيما يخص مستقبل غزة، وكذلك تريد ادارة ترامب دورا جوهريا لكل من قطر وتركيا سعيا لاحتواء حماس وضبطها سياسيا والضغط عليها لنزع سلاحها والتنازل عن السلطة وتنفيذ الخطة بتفاصيلها. كما تسعى اادارة ترامب الى ضم تركيا كدولة وسيطة ثابتة لهذا الغرض مباشرةً ولاغراض جيوسياسية اقليمية، كما قد تكون زيارة وزير المخابرات المصرية الى بيروت سعيا لمنع تدهور الامور نحو المواجهة الشاملة مع اسرائيل نتيجة انتهاكات الاخيرة لوقف اطلاق النار وسعيها لجر لبنان الى الحرب او ليكون ساحة حرب، وذلك ضمن توسيع دائرة خطة انهاء الحرب في غزة لتشمل الملفات الاقليمية.
الاولويات الامريكية هي ما يحرّك الموقف الامريكي وفي مقدمتها تطبيق خطة ترامب بالكامل وتوسيع نطاقها. وهو ما يندرج ضمن رؤية شاملة للولايات المتحدة نحو تصميم النظام العالمي والاصطفافات الدولية بما يخدم اولويات الدولة العظمى. بناء عليه كانت لافتة المواقف بمنع ضم الضفة الغربية وتجميد مشروع قانون بسط السيادة الاسرائيلية عليها او على جزء منها (منطقة الخان الاحمر/معاليه ادوميم)، ثم كان لافتا ايضا زيارة نتنياهو الى قاعدة الرقابة الامريكية على تنفيذ خطة ترامب، والتي تمت يوم 29/10 بإذن امريكي، وبما معناه تحولها الى قاعدة سيادية امريكية داخل اسرائيل.
ما يؤكد سيطرة القرار الامريكي على الموقف الاسرائيلي هو اذعان اسرائيل لاعادة اشراك عناصر حماس في التفتيش عن رفاة الاسرائيليين في مناطق تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي شرقي "الخط الاصفر" والى جانب طواقم الصليب الاحمر، مما يشير الى ثبات الخطة على حساب تراجع حكومة نتنياهو عن التصعيد الاخير 28/29 تشرين اول.

للخلاصة، وبخلاف الحديث عن هشاشة الخطة الامريكية العربية الدولية، يؤكد التصعيد الاخير ثم التراجع السريع عنه بأن الخطة ثابتة وتسير نحو مرحلتها الثانية ضمن آليات ضبط لكل من اسرائيل وحماس. فيما الحديث الواسع عن "انهيار الخطة" كان مبالغاً فيه ولا يبدو ان المسار يؤول مرحليا على الاقل الى التوقف.
مخطط توسيع نطاق خطة وقف الحرب في غزة لتشمل الملف اللبناني، قد يكون نافذا، اذ قد يوفر للبنان مخرجا ضمن البعد العربي والاقليمي متعدد الاطراف بما فيه مصر والسعودية، فيما بالنسبة لاسرائيل قد ترى به إعادة فتح الاتفاق، بيد انه وفي اعقاب زيارة رئيس المخابرات المصرية الى بيروت يبدو لتوفير ضمانات أفضل للبنان وتحول دون النوايا الاسرائيلية بتحويله الى ساحة حرب شاملة. بناء عليه فإن التهديد الاسرائيلي بتوسيع سيطرة الجيش في قطاع غزة لا يحظى حاليا بقبول امريكي بما يعني انه لن يتحقق ما دامت الضغوطات الامريكية قائمة والواقع في غزة يتغير.
فيما فلسطينيا، يصبح أكثر إلحاحية عدم توفير اية فرصة لاسرائيل لانتهاك خطة انهاء الحرب في اية مرحلة من مراحلها.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا