نشر مُراقِب الدولة ومفوّض شكاوى الجمهور، متنياهو إنجلمان تقريره السنوي في قضايا الاقتصاد والتربية والتعليم . وجاء في التقرير :
مصدر الصورة
" معالجة الحكومة لقضايا الاستيراد:
"إن فتح السوق الإسرائيلي للمنافسة يُعَدّ بالغ الأهمية في مكافحة غلاء المعيشة. بادرت الحكومات إلى تنفيذ "إصلاحات"، غير أنّ هذه الإصلاحات شابتها ثغرات: فتنفيذ إصلاح المعايير (منذ عام 2022) من قبل وزارة الاقتصاد أدّى إلى إرباك ولم يحقق كامل إمكانات التوفير؛ وفي إصلاح "لا نتوقف في الميناء" (منذ عام 2024) أوقفت وزارة الاقتصاد تحويل المنتجات إلى المختبرات لمدة 60 يوماً بسبب عدم تجديد العقود؛ أما في إصلاح "ما هو صالح لأوروبا صالح لإسرائيل" (منذ كانون الثاني 2025) فالمستوردون غير مندمجين في إجراءات الاستيراد. وزارة الصحة ووزارة الاقتصاد لم تنشرا المتطلبات اللازمة لتنفيذ الإصلاح. ويبرز الخلل في المعايير والتطبيق في ضوء نتائج حملات الرقابة التي جرت بين 1.6.2023 و1.6.2024، حيث تم فحص 424 منتجاً، وظهر أن معظمها (حوالي 57%) لا يستوفي معايير الجودة الرسمية.
خفض غلاء المعيشة في إسرائيل أمر حيوي، وإصلاح "ما هو صالح لأوروبا صالح لإسرائيل" يُعَدّ خطوة في الاتجاه الصحيح. على وزيري الاقتصاد والصحة تصحيح النواقص الواردة في التقرير، ويوصى لوزير الاقتصاد بدراسة توسيع نطاق الإصلاح ليشمل دولاً إضافية مثل الولايات المتحدة."
ضمان احتياجات الغذاء لدولة إسرائيل في حالات الطوارئ:
"إنّ قطاع الغذاء في حالات الطوارئ داخل إسرائيل غير منظّم، ولا توجد جهة حكومية شاملة تمتلك الصلاحيات الكافية لضمان الجاهزية. وهذا على عكس دول أخرى مثل اليابان وسنغافورة وسويسرا وبريطانيا التي سنت قوانين وأنشأت هيئات موحدة تُعنى بالأمن الغذائي. نتيجة لذلك، تتوزع الصلاحيات في إسرائيل بين جهات متعددة، أبرزها وزارة الزراعة ووزارة الاقتصاد.
في مجال الزراعة، أظهرت المراجعة أنّ السياسة الحكومية خلال العقد السابق للحرب أضعفت القطاع وأضرّت بالأمن الغذائي الوطني. وتستند الجاهزية للطوارئ جزئياً إلى تخزين القمح والأعلاف في مخازن الطوارئ، لكن تبيّن أن القمح يُخزَّن في ظروف غير ملائمة وبعضه مُلوّث بالحشرات وبفضلات الطيور، كما أن وزارة الزراعة تفتقر إلى صورة دقيقة لحجم الضرر. كما يوجد نقص في مكوّنات الأعلاف الأساسية.
تتحمل وزارة الاقتصاد مسؤولية تخزين المنتجات الأساسية في مخازن الطوارئ والإشراف على المصانع الحيوية في مجال الغذاء، غير أن المراجعة كشفت وجود قصور في العقود الخاصة ببعض المنتجات ونقصاً في كميات المخزون، فضلاً عن أن جاهزية المصانع الحيوية جزئية وغير كافية.
على وزارة الزراعة، بالتعاون مع الوزارات ذات الصلة – الاقتصاد، الصحة، والمالية – وبالتنسيق مع قيادة الجبهة الداخلية، استكمال إعداد الخطة الوطنية للأمن الغذائي والعمل على إقرارها في الحكومة."
جوانب معالجة الحكومة لقضايا الاستيراد
الصورة العامة التي تُستخلص من المراجعة
في عام 2023، تم استيراد بضائع إلى دولة إسرائيل بقيمة تُقدَّر بنحو 90 مليار دولار، موزّعة على النحو التالي: 43% مواد خام (حوالي 39 مليار دولار)، 25% منتجات استهلاكية (حوالي 22 مليار دولار)، 16% منتجات استثمارية (حوالي 14 مليار دولار)، 12% مواد طاقة (حوالي 11 مليار دولار)، و4% ألماس (حوالي 4 مليارات دولار).
ومن إجمالي واردات المنتجات الاستهلاكية البالغة نحو 22 مليار دولار، تم استيراد النسبة الكبرى ضمن الفئات التالية: الأثاث والأجهزة الكهربائية المنزلية (20%)، المواد الغذائية والمشروبات (17%)، وسائل النقل (16%)، والملابس والأحذية (13%).
إصلاح "لا نتوقف في الميناء" لعام 2024
• في كانون الثاني (يناير) 2024 تم إقرار تعديل على أمر الاستيراد والتصدير (رقم 6) لعام 2024، بهدف إزالة العوائق أمام استيراد السلع الخاضعة للمعايير الرسمية لتقليل التكاليف على المستوردين. قدّرت وزارة الاقتصاد هذه التكاليف بنحو 9% من قيمة الاستيراد، وهي نسبة كان يمكن أن تُترجم إلى خفض في أسعار المستهلك.
أظهرت المراجعة أنّ المستوردين ووكلاء الجمارك يواجهون صعوبات في تطبيق الإصلاح بسبب نقص المعلومات حول نشاط المفوض على شؤون المعايير بما يتعلّق بإجراءات الاستيراد، وبسبب غياب المعلومات الكافية عن مضمون الإصلاح. فقد لوحظت فجوات، منها غياب الوضوح بشأن تعليمات التخزين قبل الفحص، وعدم إتاحة المعلومات حول تسهيلات الاستيراد والملاحق المطلوبة. كذلك، خلال مراجعة مكتب مراقب الدولة، لم يكن هناك مركز مهني متاح تابع للمفوض على المعايير يمكنه الرد على أسئلة واستفسارات الجمهور.
إصلاح "ما هو صالح لأوروبا صالح لإسرائيل" – كانون الثاني (يناير) 2025
• دخل إصلاح "ما هو صالح لأوروبا صالح لإسرائيل" حيّز التنفيذ في كانون الثاني 2025، وهو المرحلة الثانية من الإصلاح الشامل الذي بدأ في تموز 2024. يهدف هذا الإصلاح إلى السماح باستيراد المنتجات التي تُباع في أوروبا أو التي تخضع للتنظيم الأوروبي إلى إسرائيل دون إلزام بإجراء فحوص في معهد مختص. الغاية من الإصلاح هي تقليل العوائق والبيروقراطية، وتحسين الكفاءة التجارية، وخفض الأسعار للمستهلك.
وفقاً لتقديرات وزارة الاقتصاد، يشمل الإصلاح نحو 90% من المنتجات الاستهلاكية المطروحة في السوق الإسرائيلي، ومن المتوقع أن يؤدي إلى توفير يتراوح بين 8% و16% في كلفة الاستيراد، بل قد يسهم في خفض أسعار المنتجات بما يقارب 6,000 شيكل سنوياً للأسرة الواحدة.
وتبيّن أن المستوردين غير مندمجين في إجراءات الاستيراد، وأن المفوّض على المعايير في وزارة الاقتصاد لم ينشر وثيقة تُحدّد سياسة تطبيق المعايير. هذه الضبابية قد تضرّ بأهداف الإصلاح، وتقلّل من عدد المستوردين وحجم الاستيراد، وتؤدّي إلى تأخيرات في الشحنات.
الاستيراد في مجال الغذاء ومجال مستحضرات التجميل
استيراد المواد الغذائية الحسّاسة
• في 24 تموز (يوليو) 2024، أقرّ الكنيست إصلاح "ما هو صالح لأوروبا صالح لإسرائيل"، وفي إطاره أُدخلت تعديلات على قانون الصحة العامة: ووفقاً للتعديل رقم 10، تم اعتماد 44 لائحة تنظيمية أوروبية، من بينها لوائح تخص بعض الأغذية الحسّاسة مثل زيت الزيتون والعسل والشوكولاتة وغيرها. يهدف اعتماد التنظيم الأوروبي إلى تسهيل عملية استيراد المواد الغذائية إلى إسرائيل.
• تبيّن أنّ قسم الغذاء في وزارة الصحة، عند دخول الإصلاح حيّز التنفيذ في كانون الثاني (يناير) 2025، لم يقم بترجمة أو نشر 40 من أصل 44 لائحة أوروبية تم اعتمادها ضمن الإصلاح، مما قد يصعّب على المستوردين فهم المتطلبات والخصائص التي يجب أن تتوافر في الأغذية الحسّاسة.
• نشر قسم الغذاء الوطني في وزارة الصحة سياسة وإجراءات إنفاذ في مجال الغذاء، غير أنّ الوزارة لم تستكمل عند دخول الإصلاح حيّز التنفيذ في كانون الثاني 2025 إنشاء منظومة الرقابة لتنفيذه، بما في ذلك النظام الإلكتروني المخصص، ولم تبدأ فعلياً في تطبيق إجراءات المراقبة. تطبيق الإصلاح دون منظومة رقابة فعّالة تتابع المنتجات في الأسواق قد يعرّض صحة الجمهور للخطر ويحدّ من فعالية الإصلاح.
استيراد مستحضرات التجميل
• تشمل مستحضرات التجميل منتجات مثل أصباغ الشعر، مستحضرات الوقاية من أشعة الشمس، ومعاجين الأسنان.
الرقابة في أسواق مستحضرات التجميل
• إنّ الرقابة في أسواق مستحضرات التجميل تُعدّ جزءاً أساسياً من الإصلاح، لأنّ السماح باستيراد منتجات بناءً على تصريح فقط قد يعرّض المستهلكين لمنتجات مشكوك في سلامتها.
• أظهرت المراجعة أنّ وزارة الصحة، عند دخول الإصلاح حيّز التنفيذ في كانون الثاني 2025، لم تبدأ بعد بإنشاء منظومة رقابية لتنفيذ إصلاح "ما هو صالح لأوروبا صالح لإسرائيل"، بما في ذلك تخصيص طاقم مهني، ووضع إجراءات لفرض الغرامات الإدارية وإرسال التحذيرات الرسمية، وإنشاء نظام إلكتروني خاص لأجهزة الرقابة. إنّ دخول الإصلاح حيّز التنفيذ والسماح باستيراد المنتجات بناءً على تصريح فقط، دون وجود منظومة رقابة تفحص السلع في الأسواق، قد يُلحق ضرراً بصحة الجمهور.
مُراقب الدولة متنياهو إنجلمان قرّر:
على وزير الاقتصاد دراسة تنفيذ إصلاحَي "لا نتوقف في الميناء" و"ما هو صالح لأوروبا صالح لإسرائيل"، والعمل على تسوية التناقضات بين القانون الإسرائيلي والمتطلبات الأوروبية، واستخدام صلاحياته القانونية لإقرار الأنظمة الفرعية عند الحاجة.
كما يتوجّب عليه التأكد من استكمال استعدادات المفوض على شؤون المعايير وأذرع الرقابة لتطبيق الإصلاح بالشكل الأمثل، وبالتعاون مع سلطة المنافسة فحص تأثير الإصلاحات على الأسواق والاستيراد الموازي، وإجراء التعديلات المطلوبة لإزالة العقبات المتبقية.
أما وزير الصحة فعليه التأكد من إقامة واستكمال جميع المنظومات اللازمة لتنفيذ الإصلاح، وخاصة منظومة الرقابة، ومتابعة تطبيق الإصلاح لإزالة أي عوائق محتملة.
ضمان الاحتياجات الغذائية لدولة إسرائيل في حالة الطوارئ
الهجوم الإرهابي في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) أثّر بعمق على اقتصاد دولة إسرائيل، وخصوصاً في الأشهر الأولى، كما انعكس أيضاً على الحياة اليومية لمواطني الدولة.
الضرر الذي لحق بالجبهة الداخلية خلال الحرب واستمرارها يفرضان على الجهات الحكومية الاستعداد لتقديم خدمات تضمن استمرارية عمل المرافق وتقلّل من تأثيرات الحرب على الجمهور.
صورة الوضع التي تتبيّن من المراجعة
توزّعت المسؤولية والصلاحيات في مجال الغذاء في إسرائيل بين عدة جهات حكومية، منها وزارة الزراعة، وزارة الاقتصاد، ووزارة الصحة.
وفي حالات الطوارئ، تنضم أيضاً الهيئة الوطنية للطوارئ إلى هذه الجهات.
على عكس دول مثل اليابان وسنغافورة وسويسرا وبريطانيا التي سنت قوانين وأقامت هيئة موحدة تُعنى بالأمن الغذائي، لا يوجد في إسرائيل تنظيم واضح أو جهة مركزية مسؤولة عن أمن الغذاء.
وبالتالي، يدير كلّ مكتب حكومي استعداداته للطوارئ بشكل منفصل، وأحياناً من دون تنسيق مع الوزارات الأخرى.
وفي غياب هيئة موحدة تتابع وتفرض التعليمات، يُخشى أن تكون الجاهزية جزئية وغير منسّقة، مما قد يؤدي إلى استجابة ناقصة في حالات الطوارئ وإلى هدر الموارد.
خلافاً للعديد من الدول مثل إيرلندا وتايوان والإمارات وسويسرا التي وضعت سياسات وخططاً طويلة الأمد للأمن الغذائي، لم تضع إسرائيل حتى الآن خطة مماثلة.
وهذا يتعارض أيضاً مع توصية اللجنة الخاصة بالاستعداد الغذائي لتغيّر المناخ.
فحتى الآن، لم تضع إسرائيل استراتيجية شاملة رغم كونها "دولة جزيرة" تواجه تهديدات أمنية وكثافة سكانية ومحدودية في الأراضي الزراعية ومعدل نمو سكاني مرتفع.
في خطة العمل الحكومية لعام 2022، حدّدت وزارة الزراعة هدفاً لإعداد تصور وطني للأمن الغذائي، لكنها لم تنجح في تحقيقه.
وتم إدراج الهدف ذاته في خطة عام 2023، إلا أن الخطة لم تُنجز أيضاً.
وفي آذار (مارس) 2024 أعلنت الوزارة أن الوزير سيقدّم خلال 180 يوماً خطة وطنية للأمن الغذائي، لكن هذا الموعد لم يتحقق، ولم تُستكمل الخطة حتى بعد اندلاع حرب "السّيوف الحديديّة".
وفقاً لإجراء مشترك بين الهيئة الوطنية للطوارئ ووزارة الاقتصاد، يشمل الغذاء المطلوب للطوارئ لحوماً وأسماكاً وبيضاً وخضروات وفواكه، إضافة إلى منتجات أساسية مثل الأرز والسكر وطعام الأطفال والخبز.
أظهرت المراجعة أنه بالنسبة لسلعتين أساسيتين لم تُبرم عقود توريد كافية، واعتباراً من تموز (يوليو) 2024 هناك نقص بنسبة 12.2% و44% على التوالي. كما تبيّن وجود نقص إضافي بنسبة نحو 15.9% في منتج أساسي آخر ضمن المخزون المطلوب. وفي ظل حالة الطوارئ واحتمال تفاقمها، تُعتبر هذه الفجوات خطيرة وقد تضرّ بقدرة السكان والاقتصاد على العمل بشكل سليم. يُعدّ سدّ هذه الفجوات أمراً عاجلاً، نظراً لاحتمال استمرار حرب "السّيوف الحديديّة" واتساع نطاقها.
وزارة الاقتصاد لم تحدد بعد مصادر توريد المنتجات التي تقع ضمن مسؤوليتها ولا الكميات المطلوبة وفقاً لنمو السكان، كما أنها لا تتابع بشكل دوري حجم المخزون المتوافر من كل منتج في السوق.
أربعة من أصل عشرة منتجات أساسية تقع ضمن مسؤولية وزارة الاقتصاد مخزّنة في منطقة جغرافية واحدة فقط، وأربعة أخرى في منطقتين فقط.
أما باقي المنتجات فتوزّع على ثلاث مناطق فقط، مما يشير إلى انتشار غير مثالي ويزيد خطر عدم القدرة على نقل الإمدادات للمناطق المختلفة في حال حدوث اضطرابات في النقل.
مراقبة مخازن القمح
بين كانون الثاني (يناير) 2023 وآب (أغسطس) 2024 أجرَت وزارة الزراعة مراجعات في عشرة مواقع تخزين، وتبيّن أن القمح في معظمها لا يُخزَّن في ظروف مناسبة. في بعض المستودعات وُجد القمح ملوّثاً بالحشرات والعثّ وفضلات الحمام، وفي أخرى كان مُخزّناً في درجات حرارة مرتفعة مما جعله متعفّناً أو مغطى بالغبار.
ورغم أن كمية القمح الإجمالية تفي بالكميات المطلوبة للطوارئ، إلا أن وزارة الزراعة لا تملك صورة دقيقة لحجم القمح التالف، ما يجعل جزءاً من المخزون غير قابل للاستخدام في حالات الطوارئ. حجم الظاهرة غير معروف، ومستوى الجاهزية لتوريد القمح في أوقات الطوارئ غير كافٍ.
تبيّن أنه حتى قبل اندلاع حرب "السّيوف الحديديّة" كان هناك نقص بنسبة تقارب 50% في مخزون الأعلاف مقارنة بما هو مطلوب في سيناريو الطوارئ.
ومنذ اندلاع الحرب، ازداد هذا النقص، ويجب رفع كمية المخزون بنسبة 300% تقريباً للوصول إلى المستوى المطلوب.
علاوة على ذلك، فإن المخزون الحالي يفتقر إلى مكونات أساسية مثل الزيوت والفيتامينات الضرورية للحفاظ على صحة الحيوانات.
إن الاكتفاء الذاتي في مجالات الدواجن والديك الرومي والحليب ومنتجاته، إضافة إلى البطاطا والخضروات والفواكه، مرتفع نسبياً ويعتمد في معظمه على الإنتاج المحلي.
أما في مجالات البقوليات والزيوت والأسماك والسكر، فالاكتفاء الذاتي منخفض، وتعتمد الدولة أساساً على الاستيراد.
ويشهد قطاع الزراعة في إسرائيل تراجعاً خلال العقد الأخير، سواء في الإنتاجية أو في حجم الإنتاج المحلي، مع ازدياد الاعتماد على الاستيراد.
وهذا التراجع يضرّ بأمن الغذاء الوطني ويزيد من تعرّض الدولة للمخاطر الخارجية.
توصية مراقب الدولة
على وزارة الزراعة، بالتعاون مع مجلس الأمن القومي، الهيئة الوطنية للطوارئ، وزارة الاقتصاد، وزارة الصحة ووزارة المالية، وبالتنسيق مع قيادة الجبهة الداخلية، استكمال إعداد الخطة الوطنية للأمن الغذائي وعرضها للمصادقة الحكومية.
ويجب على وزارة الاقتصاد سدّ النقص في مخزون الطوارئ دون تأخير.
وعلى وزارة الزراعة التأكد من أن القمح يُخزَّن في ظروف مناسبة، والعمل على تحسين جودته أو استبداله عند الحاجة.
كما يُنصح بأن تُكمل وزارة الزراعة مخزون الأعلاف في المستودعات بما يشمل جميع مكوناته. وعلى وزارة الزراعة، بالتعاون مع وزارة المالية، وضع استراتيجية لتعزيز الزراعة كقطاع استراتيجي يضمن أمن الغذاء ويحافظ على أراضي الدولة وحدودها ومكانتها البيئية.
مشاريع النقل البرّي
تتناول هذه المراجعة مشاريع النقل البرّي، التي تُموَّل في معظمها من ميزانية الدولة.
بين عامي 2020 و2023 موّلت وزارة المواصلات مشاريع نقل بتكلفة سنوية متوسطة بلغت نحو 20 مليار شيكل — أي ما يعادل 4% من الميزانية العامة للدولة. ويُعدّ هذا أعلى ميزانية تطوير مدني بين الوزارات، إذ بلغت الاستثمارات في البنية التحتية للطرق نحو 8.6 مليارات شيكل سنوياً، وفي السكك الحديدية نحو 4.3 مليارات شيكل.
تشير الكثافة السكانية في إسرائيل والمقارنة الدولية إلى أن الاستثمار في البنية التحتية للنقل أمر ضروري للتطور الاقتصادي والاجتماعي للدولة. ورغم زيادة الاستثمارات، فإن حجم البنية التحتية للطرق أقل بنسبة 35% من متوسط دول الـOECD، وشبكة السكك الحديدية أقل بنسبة 15%. لذلك، من الضروري الاستخدام الأمثل للميزانيات لاختيار المشاريع الأكثر جدوى من حيث الكلفة والفائدة للاقتصاد.
مشاريع رئيسية في قطاع النقل
قام مكتب مراقب الدولة بفحص ثلاثة مشاريع رئيسية في قطاع النقل ووجد فيها ثغرات جوهرية.
• خط القطار الخفيف حيفا–الناصرة ("نوفيت") – ارتفعت تكلفة المشروع من 5.75 إلى 8.2 مليارات شيكل (حتى عام 2024)، إلا أن وزارة المواصلات لم تُجرِ دراسة جدوى اقتصادية محدثة.
•محطة القطار في ديمونة – توقعت الدراسة نحو 965 ألف مسافر سنوياً، بينما بلغ العدد الفعلي عام 2024 نحو 18 ألفاً فقط، أي ما يعادل 1.9% من التقديرات الأصلية.
• مشروع "كيشت موديعين" – وُجد فرق بنحو 10% بين عدد الركاب المتوقع والفعلي في المحطات الثلاث ضمن المشروع.
تشغيل مهندسين
رغم ملاحظات مراقب الدولة السابقة (2017 و2022) ومراجعة التدقيق الداخلي (2023)، انخفض عدد المهندسين في إدارة البنية التحتية من 18 إلى 14 فقط. نسبة إشغال الوظائف تبلغ 82% فقط، ويوجد مهندس واحد مسؤول عن الموافقات المالية، من دون مهندسين إضافيين لمتابعة المشاريع أو الإشراف عليها. بعض الخطط الاستراتيجية للنقل وُضعت قبل أكثر من عقد ولم تُحدّث منذ ذلك الحين. نُشرت خطة تطوير النقل العام عام 2012، وخطط المواصلات لمدينتَي حيفا وتل أبيب بين عامَي 2015 و2016. كما لا توجد خطة استراتيجية لمنطقة بئر السبع، فيما بقيت خطة حيفا في مرحلة المسودة فقط. وزارة المواصلات، التي يُفترض أن تكون "المخطّط الوطني"، تتلقى قرارات لجان شركات البنية التحتية من دون الاطلاع على جميع البدائل وتكاليفها. وبالتالي، فإن قدرتها على التأثير في اختيار المشاريع وفقاً للمعايير المهنية والوطنية محدودة للغاية.
تطوير البنية التحتية
تتأخر دولة إسرائيل بشكل ملحوظ مقارنة بالدول المتقدمة في تطوير البنية التحتية للنقل العام، مما يؤدي إلى اتساع الفجوات بين المركز والأطراف. هذا، وقسمت وزارة المواصلات متروبولين حيفا إلى ثلاث حلقات:
• الحلقة الداخلية ("النواة") – تشمل مدينة حيفا، مدن الكرايوت، نِيشر وطيرة الكرمل.
• الحلقة الوسطى – تحيط بالنواة وتضم بلدات ومناطق مفتوحة، وتُعدّ عكّا المدينة الرئيسية فيها.
• الحلقة الخارجية – تضم مدناً مثل الناصرة، نوف هجليل، نهاريا، كرمئيل ومجدال هعيمك، وتستند إليها قرى عربية ويهودية مجاورة.
وِفق الخطة الاستراتيجية المشتركة بين وزارتي المواصلات والمالية لعام 2015، خُطط تنفيذ مشاريع نقل كبرى في منطقة حيفا بين الأعوام 2016–2045، بميزانية إجمالية تُقدّر بنحو 23 مليار شيكل، وتشمل:
(أ) مضاعفة خطوط السكك الحديدية الساحلية؛ (ب) القطار الخفيف حيفا–الناصرة؛ (ج) توسيع خطوط "المترونيت" في حيفا والكرايوت وإنشاء خطوط إضافية نحو طيرة الكرمل وعكّا.
في آذار (مارس) 2019 نشر مراقب الدولة تقريراً خاصاً بعنوان "أزمة النقل العام"، وتضمّن فصلاً حول متروبولين حيفا . وفي الفترة بين آب (أغسطس) 2024 وآذار (مارس) 2025 أُجري تدقيق متابعة للتحقق من تصحيح الإخفاقات السابقة. تمّ الفحص في وزارة المواصلات، اللجنة الوطنية للبنى التحتية، بلدية حيفا، شركة "قطارات إسرائيل"، وشركتَي "نتيفي يسرائيل" و"عابر إسرائيل".
في المراجعة السابقة تبيّن أنّ الخطة الاستراتيجية لم تتضمّن هدف تقليص زمن الرحلة "من الباب إلى الباب" ولم تحدد مؤشراً لذلك. أما في تدقيق المتابعة الحالي، فقد أُدخل المؤشر ضمن المعايير لكن بأهمية نسبية منخفضة بلغت 5% فقط. كما تبيّن أن آخر خطة استراتيجية لمنطقة حيفا وُضعت عام 2015 ولم تُحدّث رغم مرور عشر سنوات.
الرقابة على الركّاب في وسائل النقل العام
في المراجعة السابقة تبيّن أن المفتشين لم يحصلوا على الصلاحيات أو الأدوات اللازمة لمراقبة دفع الأجرة. كان الركاب الذين لم يدفعوا الأجرة يتجاهلون طلبات المفتشين، ولم يبدأ العمل لتقنين صلاحياتهم القانونية إلا عام 2017. ونوقش مشروع القانون المتعلق بصلاحيات المراقبة لأول مرة في الكنيست نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2018. وأظهر تدقيق المتابعة أن هذا الخلل صُحّح جزئياً فقط.
مشروع القطار الخفيف حيفا–الناصرة
بدأ تخطيط مشروع القطار الخفيف حيفا–الناصرة عام 2005، وأُعلن مشروعاً وطنياً للبنية التحتية عام 2011، وصودق على ميزانيته عام 2017. لم يحصل المشروع على موافقة الحكومة إلا عام 2018، وبدأ التنفيذ بعد سنوات طويلة من التأخير. وقد نتج التأخير جزئياً عن خلافات مع بلدية كريات آتا حول مسار القطار في المنطقة. في المراجعة الحالية تبيّن أن المشروع يتقدم فعلياً، وبدأ التنفيذ في عدة مقاطع، ومن المتوقع إنجازه بحلول عام 2029. ومع ذلك، ارتفعت تكلفة المشروع إلى نحو 8.2 مليارات شيكل — بزيادة تُقدّر بنحو 19% عن التقدير الأصلي الوارد في قرار الحكومة لعام 2016.
قرّر مراقب الدولة متنياهو إنجلمان أنّه يجب على رئيس الحكومة، بصفته رئيس لجنة البنى التحتية الوطنية، العمل على عقد اللجنة التي أُنشئت أساساً لتسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية الوطنية، وفق جداول زمنية ومعالم مركزية محددة لكل مشروع. إنّ عقد اللجنة سيسمح بمتابعة ومراقبة أداء الوزارات المسؤولة عن هذه المشاريع. أما عدم انعقادها فيُصعّب عملية المتابعة والإشراف رغم حجم الاستثمارات الضخم الذي يصل إلى مليارات بل عشرات المليارات من الشواكل. إنّ المشاريع التي تمتدّ على مدى سنوات طويلة قد تؤدي إلى خسائر مالية (مثل تجاوز التقديرات الأصلية للتكلفة)، وإلى أضرار أخرى نتيجة تأخير مشاريع مترابطة معها، كبرامج التجديد الحضري وإضافة الوحدات السكنية على طول الشاطئ في بلدية حيفا.
يُوصي مراقب الدولة وزيرة المواصلات ووزارتَي المواصلات والمالية بالعمل على إنشاء هيئة نقل حضرية أو إقليمية في منطقة حيفا، وكذلك في مناطق حضرية أخرى (غوش دان، القدس، بئر السبع). من شأن هذه الهيئة تحسين إدارة وتطوير أنظمة النقل العام وتسريع تنفيذ المشاريع في جداول زمنية مثالية. تُعتبر هذه الخطوات ضرورية أيضاً في ضوء سياسة وزارة المواصلات الرامية إلى نقل الركاب من الشمال (الأطراف) إلى المركز عبر منطقة حيفا، بهدف تحسين خدمة النقل العام لصالح سكان الشمال وسكان حيفا الكبرى.
أظهرت مراجعة المتابعة أنّ تنفيذ بعض المشاريع في متروبولين حيفا، مثل القطار الخفيف حيفا–الناصرة ومضاعفة خطوط السكة الحديد بين تل أبيب وحيفا، سيستغرق عقوداً من الزمن. الفترة الزمنية المتوقعة من مرحلة التخطيط حتى التنفيذ الكامل تتراوح بين 18 و28 عاماً. ورغم هذه الفترات الطويلة وحجم الموارد الكبير المخصّص للمشاريع، لم تُعقد بعد لجنة الوزراء للبنى التحتية الوطنية التي أُنشئت بموجب قرار الحكومة رقم 851 الصادر في تموز (يوليو) 2023.
تقييم جودة التعليم في الجامعات والكلّيات
يتناول هذا التقرير جودة التعليم الأكاديمي في مؤسسات التعليم العالي المموّلة من الدولة عبر لجنة التخطيط والتمويل، ويشمل ثماني جامعات بحثية وعشرين كلية أكاديمية يتركز نشاطها في التدريس. أُجري التدقيق بين تموز (يوليو) 2022 وتشرين الأول (أكتوبر) 2023، واستُكملت فحوص إضافية في نهاية عام 2024 وبداية عام 2025.
يُشكّل عنصر التدريس نحو 40% من ميزانية التعليم العالي. فعلى سبيل المثال، خُصص في عامَي 2021–2022 نحو خمسة مليارات شيكل من أصل ميزانية إجمالية قدرها 12.5 مليار شيكل. تُظهر الأبحاث أنّ كلّما صغر حجم الصف زاد رضا الطلبة وارتفعت إنجازاتهم، بفضل التعلم التفاعلي والتواصل المباشر مع المحاضر. يُستخدم عادة مؤشر نسبة الطلاب إلى أعضاء الهيئة التدريسية لقياس حجم الصفوف، لكن وفق تعريف لجنة التخطيط والتمويل لا يشمل المؤشر المحاضرين الخارجيين أو المساعدين الأكاديميين، الذين يشكّلون 41% من الطاقم في الجامعات و54% في الكليات. وبذلك فإنّ هذا المؤشر لا يعكس بالضرورة الحجم الحقيقي للفصول الدراسية.
تدريب مهني للمحاضرين في مجال التعليم
المحاضرون في إسرائيل غير ملزمين بتلقي تدريب تربوي كشرط للتوظيف، إذ تعتمد مؤهلاتهم التعليمية على المبادرات الداخلية لكل مؤسسة. وأظهرت المراجعة أنّ نحو رُبع المؤسسات لا توفّر تدريباً للمحاضرين الجدد، وأن أربع مؤسسات فقط نظّمت تدريباً وفق الحد الأدنى المطلوب. حوالي 41% من المحاضرين لم يشاركوا في أي تدريب تعليمي خلال الأعوام 2021–2023، وثلثهم لم يتلقوا تدريباً حتى من مراكز تطوير التدريس الأكاديمي. ومن بين المحاضرين الذين حصلوا على تقييم منخفض من الطلاب، شارك نصفهم فقط – في أفضل الحالات – في تدريب مهني أو تربوي. بالتالي، فإنّ المعرفة البيداغوجية وأساليب التدريس لدى عدد من المحاضرين ما تزال غير كافية.
في العديد من الدول، يتمّ تشغيل طلاب الدكتوراه كجزء من الهيئة التدريسية ويتلقّون تدريباً تعليمياً يمنحهم شهادة، كما هو الحال في جامعات ستانفورد، MIT، بيركلي، وكامبريدج. وبذلك يكتسبون مهارات التدريس ويُشجَّعون على الاستمرار في المسار الأكاديمي لاحقاً. أما في إسرائيل، فيعمل نحو 50% من طلاب الدكتوراه في التدريس، غير أن 5 جامعات من أصل 8 (60%) لا توفّر لهم تدريباً تربوياً خاصاً.
تشجيع الابتكار في التدريس وتطبيق مهارات القرن الـ21
يُسجَّل إيجابياً إنشاء "منتدى التعلم الرقمي"، وهو منصة لتبادل الخبرات والتفكير الجماعي وحل المشكلات. وقد ساعد هذا المنتدى والبنية الرقمية التي أُقيمت لتطوير التعليم الإلكتروني في دمج التعلم عن بُعد خلال فترات الطوارئ، سواء في جائحة كورونا أو خلال حرب السّيوف الحديديّة. آراءُ محاضرين كما ظهرت في استبيان مراقب الدولة، تُظهر الفجوات في موضوع جودة التدريس: "نظرًا للعبء الكبير في التدريس في الجامعات، والتوقّع بأن نلبّي حصص المقالات والمنح البحثية، ونشارك في أنشطة أكاديمية داخل المؤسسة، لا يمكن تخصيص وقت كافٍ لتحديث محتوى المساقات... تخفيف عبء التدريس فقط سيسمح بتخصيص وقت لذلك، إلى جانب آلية إرشاد للمحاضرين الذين يواجهون صعوبات، وإعطاء وزن أكبر للتدريس في معايير الترقية الأكاديمية".
"يجب إنشاء تدريب واسع النطاق يتيح دمج أدوات تدريس جديدة. فالأمر يتطلّب تغييرًا جذريًا يستدعي عملية طويلة الأمد. تدريبٌ من ساعة ونصف هنا وساعة ونصف هناك لا يمكن أن يحدث تحولًا حقيقيًا".
"هناك صعوبة موضوعية في دمج الأدوات المبتكرة. لا يمكن الاكتفاء بورشة قصيرة، بل يجب تنفيذ دورة تدريبية متكاملة بمرافقة مهنية تُطبَّق خلالها الأدوات عمليًا".
"يُقيَّم أداؤنا فقط بناءً على عدد المقالات التي ننشرها، ولذلك... لا فرصة لتحسين جودة التدريس".
"لا توجد آلية ترقية عملية لمن يدرّس دون أن يشارك في كتابة الأبحاث. فالترقية الأكاديمية تعتمد فقط على عدد المقالات المنشورة".
"تُفضّل المؤسسات الأكاديمية توظيف الباحثين غير المتمرّسين في التعليم على توظيف المختصين في التعليم الذين لا يمارسون البحث".
أكد مراقب الدولة متنياهو إنجلمان أنّه على مجلس التعليم العالي والمؤسسات الأكاديمية إحداث تغيير جذري في التفكير، بحيث يوجّه نظام التعليم العالي اهتمامًا حقيقيًا إلى التدريس الأكاديمي، وألا يُعتبر تطوير جودة التعليم مسألة ثانوية مقارنة بالبحث العلمي. ويجب أن ينعكس هذا التغيير في مستوى مجلس التعليم العالي ولجنة التخطيط والتمويل من خلال تخصيص ميزانيات لدعم جودة التدريس، وتعيين جهة تنسيقية تُعنى بالموضوع، ووضع معايير محدّثة وواضحة لجودة التعليم ومتابعة تطبيقها فعليًا. وعلى مستوى المؤسسات، يجب الاستثمار في مراكز تطوير التدريس، وبناء مسارات تدريب مهني مستمرّة، وتحفيز المحاضرين على تبنّي أساليب تعليم حديثة وتحديث البرامج الدراسية بما يتلاءم مع احتياجات المتعلمين. وينبغي أن تكون التميّزات التعليمية عاملاً أساسياً في معايير الترقية الأكاديمية، إلى جانب البحث العلمي، خصوصًا في الكليات. ويُوصى بأن يعتمد رؤساء الجامعات والكليات، بالتعاون مع مراكز التعليم، أدوات تقييم موثوقة ومتنوعة لقياس جودة التدريس لدى المحاضرين، بما يوفّر صورة دقيقة لمهاراتهم التعليمية ويُعزّز الثقة والتعاون داخل المؤسسات الأكاديمية " - الى هنا نص التقرير .