في تصويت وُصف بالتاريخي، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلان نيويورك" الداعي إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو تنفيذ حل الدولتين، حيث صوتت 142 دولة لصالح القرار مقابل اعتراض 10 دول وامتناع 12 عن التصويت. الإعلان جاء ثمرة مؤتمر دولي نظمته السعودية وفرنسا، وتضمن إدانة للهجمات الإسرائيلية على المدنيين في غزة ودعوة فورية لوقف الحرب.
الباحث والمحلل السياسي محمد دراوشة اعتبر أن هذا التصويت يحمل رمزية سياسية كبيرة، ويعكس دعماً دولياً واسعاً للحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، لكنه في الوقت ذاته كشف عمق التحديات مع تصويت دول مؤثرة كالولايات المتحدة والأرجنتين ضد القرار. هذا الموقف، بحسب دراوشة، يعكس وجود تيارات سياسية عالمية لا تزال ترفض الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، ما يعني أن الطريق نحو الدولة الفلسطينية لا يزال مليئاً بالعقبات.
غير كافٍ
ورأى دراوشة أن الإعلان الأممي يمثل خطوة مهمة لكنه غير كافٍ وحده، إذ إن بناء الدولة لا يتم عبر النصوص بل على الأرض، من خلال مؤسسات قوية، وحدة وطنية، وإرادة سياسية فلسطينية. وأكد أن إسرائيل تسعى إلى شطب أي كيان فلسطيني، وهو ما يفرض على الفلسطينيين الارتقاء إلى مستوى اللحظة وتوحيد صفوفهم وإعادة ترتيب أولوياتهم.
وشدد دراوشة على أن المطلوب فلسطينياً هو صياغة مشروع وطني جامع يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تحترم الإنسان، معتبراً أن الشعب الفلسطيني الذي دفع أثماناً باهظة يستحق دولة نموذجية، وأن المسؤولية تقع على القيادة لتحويل هذا الحلم إلى واقع لا أن يبقى شعاراً يردد في المحافل الدولية.
وعن ردود الفعل الدولية، أوضح أن الدول التي صوتت لصالح القرار تستحق التقدير، إذ أظهر التصويت أن غالبية دول العالم تقف إلى جانب الحق الفلسطيني وترفض الحرب وتدعو إلى إنهاء العدوان على غزة والضفة. لكنه حذر من تجاهل مواقف الدول المؤثرة التي لم تؤيد القرار، وهو ما يتطلب جهداً دبلوماسياً مضاعفاً خاصة في ظل صعود حكومات يمينية تتبنى مواقف متشددة تجاه القضية الفلسطينية.
وفي ما يتعلق بالاعترافات الدولية المتزايدة بدولة فلسطين، اعتبر دراوشة أن هذه التحولات يجب أن تتحول إلى ضغط سياسي فعلي على إسرائيل، ودعم ملموس للمؤسسات الفلسطينية. وأشار إلى أن الاعترافات المتوقعة من أكثر من 12 دولة غربية، بينها فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وكندا، تمثل ركيزة أساسية لترسيخ حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي.
وختم دراوشة بالقول إن الشعب الفلسطيني يواجه كماً هائلاً من المآسي والكوارث، لكن المطلب الأول سيبقى وقف حرب الإبادة وفتح مسار حقيقي نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، دولة العدالة والكرامة والحرية.