بالرغم من اني اعتذرت للقراء في منتصف الشهر الماضي عن عدم مواصلتي كتابة التحليلات السياسية في موقع "كل العرب" بسبب وجودي في أوروبا للمعالجة، إلاّ أن تطور الأحداث في مجتمعنا العربي ولا سيما فيما يتعلق بقائمتهم "المشتركة" وأختها في الكنيست "الموحدة"، هذا التطور دفعني للكتابة حول هذا الموضوع الذي يمس بالدرجة الأولى شعبنا لما فيه من تضليل للمواطن العربي الفلسطيني. هنا لا بد من الإشارة مجدداً الى أني من الذين لا يشاركون في انتخابات الكنيست، لكن من حق القرّاء عليّ أن أكتب تحليلات حول ذلك ليعرفوا حقيقة ما يجري.
بعد لقاء أعضاء النادي الرباعي في حيفا (الموحدة، الجبهة، العربية لتغيير والتجمع) أصدرت الموحدة بيانا تقول فيه لأنصارها ولمن يهمهم الأمر، انها قدمت ثلاثة مسارات تصفها بـ"واقعية" للتوافق بين الأحزاب. ومن بينها إعطاء الأحزاب الثلاثة للموحدة شهادة حسن سلوك ولكن ليس بصيغة "لا حكم عليه" انما "شهادة عدم تخوين" بمعنى تبرئة من التخوين بعد دخولها إلى الائتلاف في حكومة بينيت. واتفقوا على وضع المناكفات جانبا، ولا أحد يعرف إلى متى؟
"الموحدة" تتحدث في بيانها عن "اتفاق واضح على أن أخطاء الماضي وخاصة ما حصل في إسقاط حكومة التغيير – لا يجوز أن تتكرر وهذا تطور إيجابي يمثل صفحة جديدة ويصب في مصلحة مجتمعنا العربي." كمال جاء في البيان. ماذا يعني هذا الاتفاق؟ في المفهوم السياسي لما حصل، يعني ان الجبهة والتغيير اعترفتا بأنهما ارتكبتا خطاً في اسقاط حكومة بينت اليمينية التي كانت "الموحدة" شريكة فيها، وانهما لن يفعلاها ثانية إذا ما أقدم بينيت على تشكيل حكومة تكون "الموحدة" شريكة في ائتلافها.
هكذا يفهم من بيان الموحدة. الشيء الذي كان في صالح "الموحدة" انها أثبتت لجمهور الكنيست العربي انها على "حق" في نهجها بتحالفها مع بيتت بدليل اعتراف الجبهة والتغيير بأن اسقاط بينيت كان خطأً.
وبما أن الجبهة والعربية للتغيير لم يصدر عنهما أي رد على ذلك، فيحق لمتصور عباس أن يبتسم أو يضحك على الذين تسببوا بالضحك عليهم.
"الموحدة" وحسب بيانها تريد فرض نهجها على "المشتركة" المقبلة (لو رأت نور الحياة) وهذا ما ورد في المسار السياسي الأول لخياراتها اذ يتضمن هذا المسار:" قائمة مشتركة بنهج الموحدة كخيار أساسي أثبت قوته وفاعليته." إذا الموضوع حسب وجهة نظر الموحدة أصبح بمنتهى الوضوح: نعم لقائمة مشتركة جديدة ولكن بنهج منصور عباس.
المسار الثاني الذي طرحته "موحدة" منصور عباس يتضمن: "حضور الموحدة كلاعب أساسي في صياغة مستقبل الحكومة القادمة، مع احترام خصوصية باقي الأحزاب. " هذا يعني ان منصور عباس هو الذي يقرر إذا كان يريد المشاركة في ائتلاف حكومي مستقبلي (اذا وافق الائتلاف) ومن الطبيعي أن
تتحفظ الجبهة والتجمع والتغيير على ذلك، لأن ذلك يعطي الحق للموحدة بحرية العمل دون الرجوع لمركبات المشتركة.
"الموحدة" طرحت في المسار الثالث بديلاً في حال عدم التوافق: قائمتان ترتبطان باتفاق فائض أصوات، ودعوة مشتركة للتصويت للقوائم العربية، مع وضع آلية للتعاون والتكامل بين القائمتين بعد الانتخابات.
واضح أن "الموحدة" معنية بقائمة مشتركة ولكن حسب تفصيلها، وإن لم يكن فالإشارة الخضراء جاهزة لقائمتين بمعنى بقاء "حليمة على عادتها القديمة " موحدة مقابل "مشتركة" قد تشمل التجمع.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تصر الأحزاب الأربعة احتكار "المشتركة" لها وحدها فقط رغم انها تمثل أقل من نصف المجتمع الغربي ومصرة على إبعاد شخصيات وطنية مستقلة فاعلة؟
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com