وسط أجواء من القلق والاضطراب التي خلفتها أحداث العنف في المجتمع العربي والحروب، أطلق طاقم العمل في مؤسسة تمار "حملة رفع الوعي حول الاضطرابات النفسية والقلق على خلفية التوتر الناتج عن أحداث العنف في المجتمع العربي والحروب"، بهدف فتح نافذة أمل وتوفير مساحة آمنة للحديث عن الألم النفسي وطرق التعافي منه وبناء الحصانة النفسية. منذ اللحظة الأولى، تحولت الحملة إلى حوار حي مع الناس، يكشف عن قصص مؤثرة واحتياجات عميقة، ويعكس رغبة حقيقية في البحث عن الدعم.التفاعل كان لافتًا؛ عشرات الأشخاص يوميًا يلجؤون إلى قنوات الاتصال، بين من يكتب عبر الواتساب ومن يرفع سماعة الهاتف، بمتوسط 25 محادثة يوميًا، إلى جانب آلاف المشاهدات على فيديوهات الحملة المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لم تكن هذه مجرد أرقام، بل حكايات إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. طاقم الاستجابة، يصف الأمر بقولهم: "الأشخاص الذين يكتبون لنا لا يطلبون معلومة فقط، بل يفرغون ما في قلوبهم. في كل رسالة نشعر أننا أمام حياة كاملة، وأن مهمتنا ليست فقط الرد، بل الإصغاء للقصة الكاملة لكل شخص يطلب المساعدة."
ومن بين القصص التي لامست قلوب الطاقم، كان هناك رجل يبلغ من العمر 65 عامًا وله 21 حفيدًا، شارك تجربته قائلاً: “شكرًا كثيرًا لأنكم أعطيتموني الفرصة لأعبر عن أشياء كانت مدفونة بداخلي لسنوات طويلة، لم أستطيع أن أشارك أحد بها بالرغم من وجود الكثيرين حولي". هذه الكلمات كانت أكثر من مجرد شكر؛ كانت إقرارًا بعمق الحاجة إلى الإصغاء وتقدير الألم الإنساني.
بالنسبة لإدارة الحملة، كانت الرؤية واضحة منذ البداية. إبراهيم أبو جعفر، أخصائي نفسي ومدير عام مؤسسة تمار، يقول: "هدفنا ليس فقط أن نسمع صوت الناس، بل أن نوفر لهم المسار المناسب للدعم والعلاج. نحن نريد أن يتواصلوا معنا حين يكونون مستعدين، حتى نتمكن من تقديم المساعدة بأفضل شكل ممكن." هذه الرؤية جعلت الحملة تتجاوز حدود الأرقام والمؤشرات، لتصبح مبادرة إنسانية بامتياز.
مؤسسة تمار هي مؤسسة مجتمعية غير ربحية تعمل على تعزيز الصحة النفسية في المجتمع من خلال برامج دعم وإرشاد، حملات توعية، وتوفير خدمات علاجية متخصصة. تهدف المؤسسة إلى بناء الحصانة النفسية لدى الأفراد والعائلات، خاصة في مواجهة الأزمات والأحداث الصادمة، مع التركيز على الفئات الأكثر عرضة للتأثر النفسي والاجتماعي.
ومع التخطيط لاستمرار الحملة لشهر إضافي، ونشر المزيد من الفيديوهات التوعوية بهدف الوصول إلى أكبر عدد من الناس المحتاجين للدعم، يبدو أن الأفق يحمل المزيد من القصص التي ستجد في هذا الحوار بداية الشفاء وبناء الحصانة النفسية.