رحيل أيقونة النضال الفلسطيني بيان نويهض الحوت...هكذا عرفتها
الإعلامي أحمد حازم
وترجّلت الفارسة. هي المفكرة والأستاذة الجامعية والكاتبة الأديبة، الدكتورة بيان نويهض الحوت. رحلت بيان (ام هادر) أرملة القائد الكبير وأحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، وأول سفير لفلسطين في لبنان، المرحوم شفيق الحوت، معلمي في السياسة والصحافة واستقلالية الرأي والموقف. هي بيان أيقونة النضال الفلسطيني والتي تعتبر أكبر وأهم موثقة لمجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت عام 1982 إذ قررت أن تجمع أسماء ضحايا المجزرة وأن تسجل شهادات ذويهم حيث أصدرت عام 2003 كتابها عن المجزرة بعنوان" صبرا وشاتيلا" الذي يقع في 802 صفحة ويشمل شهادات وروايات عن المجزرة التي ذهب ضحيتها في تلك الفترة 3500 شخصا.
كانت بداية معرفتي بها في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي عندما كانت تعمل في مجلة الصياد اللبنانية والتي كانت تعتبر من كبرى المجلات في الشرق الأوسط لكنها تركت عملها بعد تعيين زوجها شفيق الحوت مديراً لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت. كانت علاقتي بها وبزوجها جيدة جداً ولي حكايات عديدة مهمة معهما سأنشرها (لو أطال الله بعمري) ضمن مذكراتي مع المشاهير في عالم السياسة ولا أعني الساسة الفلسطينيين فقط بل وأيضاً غيرهم من الساسة العرب.
ذات يوم اتصلت هاتفياً للاطمئنان على معلمي شفيق الحوت "أبو هادر" وكانت بيان على الطرف الآخر، وقالت لي: " شفيق تعبان نفسياً يا أحمد لأن السلطات المصرية منعته من الدخول للقاهرة للمشاركة في مؤتمر عربي." تصوروا أن هذا القيادي الفلسطيني والعربي الذي كان يفرش له السجادة الحمراء في مطار القاهرة يمنع في عهد مبارك من الدخول لمصر.
وبعد إصدار كتابها عن مجزرة صبرا وشاتيلا أرسلت لي نسخة من الكتاب موقعة لي شخصيا منها، وأذكر النها أرسلت النسخة مع مدير مكتب العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله في برلين، والذي كانت ولا تزال تربطني به علاقة طيبة، مثل العلاقة مع العلامة.
المناضلة الراحلة تخصصت في التاريخ والعلوم السياسية، وكرّست قلمها لتوثيق القضية الفلسطينية وتركت لفلسطين والعرب دراسات عديدة وخمسة كتب:
* القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917 - 1948
* الشيخ المجاهد عز الدين القسام في تاريخ فلسطين (1987).
* فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة: التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين
* مذكرات عجاج نويهض: ستون عاماً مع القافلة العربية
* صبرا وشاتيلا: أيلول 1982. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2003
الراحلة المناضلة لم يقتصر عملها على الكتابة فقط، بل شغلت مواقع مهمة في منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت من أوائل الأصوات النسائية الفلسطينية في النضال الوطني، والدفاع عن حقوق شعبنا في المحافل الثقافية والأكاديمية، ولذلك تم تكريمها في بيروت من جهات عديدة تقديرًا لدورها الوطني والقومي، بحضور لجنة "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا".
ولا بد من القول أيضا ان الراحلة نالت جائزة القدس للثقافة والإبداع التقديرية للعام 2015 لإنجازاتها المميزة في الثقافة الوطنية الملتزمة التي تنتصر للقدس وللفضية الفلسطينية ولقضايا الإنسان والمجتمع.
يا رفيقة درب شفيق الحوت ونضاله، جمعتكم الحياة الدنيا بحلوها ومرها
ورحلت الى الدار الآخرة لتجتمعي معه في حلوها وسعادتها بإذنه العلي القدير
وداعا ام هادر
وداعا يا أيقونة فلسطين