تشهد مدينة القدس توتراً متصاعداً عشية تنظيم "مسيرة الأعلام" السنوية التي ستنطلق يوم غد الإثنين، وسط استعدادات مكثفة من قبل السلطات الإسرائيلية، واحتجاجات متزايدة من شخصيات تربوية ومدنية داخل إسرائيل، تطالب بإلغاء مشاركة المدارس في هذا الحدث الذي يعتبر في أوساط واسعة بمثابة استعراض قومي واستفزازي.
تعزيزات أمنية في محيط باب العمود
مع اقتراب موعد المسيرة، قامت القوات الإسرائيلية، ظهر اليوم الأحد، بنصب حواجز حديدية في محيط باب العمود، أحد أبرز مداخل البلدة القديمة، وذلك لتأمين مرور آلاف المشاركين في المسيرة التي ستنطلق من ساحة البراق، مرورًا بالحي الإسلامي وأحياء فلسطينية مكتظة.
محافظة القدس حذّرت في بيان رسمي من أن المدينة ستشهد تصعيداً خطيراً نتيجة تنظيم هذه الفعالية، التي تُعتبر جزءًا من سلسلة خطوات تهدف إلى فرض وقائع سياسية وميدانية بالقوة، في ظل حماية مشددة من الشرطة. وذكرت المحافظة أن المسيرة غالباً ما تترافق مع اعتداءات على المواطنين المقدسيين، إغلاق محال تجارية، وترديد شعارات عنصرية ضد المسلمين والمسيحيين.
احتجاج مديري المدارس: "مسيرة عنف وتحريض"
في خطوة غير مألوفة، وجّه 34 مديرًا من مدارس مختلفة داخل إسرائيل رسالة إلى مدير عام وزارة التربية والتعليم، طالبوا فيها بوقف مشاركة مؤسسات تعليمية وشبابية في المسيرة. ووصف الموقعون الحدث بأنه "تحريضي وعنيف"، مشيرين إلى الأذى الكبير الذي يتسبب به لسكان الأحياء الفلسطينية، مثل إغلاق المحال قسرًا، قطع الطرق، واعتداءات متكررة.
المدراء شددوا على أن مشاركة طلاب المدارس، أحياناً ضمن ترتيبات رسمية، تشكل خطراً مزدوجاً: على سلامتهم الشخصية، وعلى تطبيعهم مع العنف والتحريض القومي.
يوآف فريدمان، مدير ثانوية فنون في تل أبيب وأحد الموقعين على الرسالة، وصف المسيرة بأنها "استعراض قومي تحريضي"، ودعا الوزارة إلى إصدار توجيه رسمي يمنع مشاركة الطلاب في ما أسماه "مسيرات الكراهية".
خلفية سياسية وأمنية متوترة
تُنظَّم المسيرة في يوم ما يُعرف بـ"توحيد القدس"، وغالبًا ما يشارك فيها وزراء وأعضاء كنيست من التيارات اليمينية المتطرفة، إلى جانب مجموعات شبابية قومية. في السنوات الماضية، شهدت المسيرة أحداث عنف، تحرشات بالصحافيين، وهتافات عنصرية في قلب البلدة القديمة.
هذا العام، تأتي المسيرة في ظل أجواء أمنية مشحونة نتيجة الحرب المتواصلة على قطاع غزة، وتصاعد الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، ما يثير مخاوف جدية من انفجار ميداني في المدينة.
الشرطة أعلنت عن نشر نحو 3000 عنصر لتأمين المسيرة، ما يؤشر إلى مدى التوتر المتوقع، خاصة في مناطق التماس مع السكان الفلسطينيين.
دعوات لتدخل رسمي
في ظل هذه المعطيات، تتزايد الأصوات المطالبة بوقف المسيرة أو على الأقل تغيير مسارها لتفادي التصعيد. لكن في الوقت الراهن، لا تبدو هناك مؤشرات على استجابة رسمية، ما يضع القدس مجددًا في قلب أزمة سياسية وميدانية ذات أبعاد دولية.