آخر الأخبار

كفر قاسم.. المدينة التي اختارت الحياة: كيف أطفأت روح التطوع نار العنف والجريمة

شارك

بقلم: الشيخ د. كامل ريان – رئيس مركز أمان :"في زمنٍ تُثقِل فيه الجراحُ كاهل مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني، ويُخيّم فيه شبح العنف والجريمة على أحيائنا وشوارعنا، تبرز كفر قاسم كأنها تخرج من بين الركام، تحمل رايةً خضراء، وتقول لكل البلاد: هكذا نُقاوم.. لا بالسلاح، بل بالمحبة، لا بالصراخ، بل بالعمل، لا بالعنف، بل بالانتماء.معسكر العمل الإسلامي.. أكثر من طلاءٍ وجدران وزهور وأشجارحين أنهت كفر قاسم هذا الأسبوع، معسكر العمل الإسلامي السنوي 2025، لم تكن تُنهي مجرد مشروع تنظيف أو صيانة بنية تحتية، بل كانت تحتفل بانتصار جديد: انتصار الروح الجماعية، المبادرة، والمسؤولية المجتمعية.عشرة أيام من العمل الدؤوب جمعت آلاف المتطوعين من كل الأعمار: أطفالًا، طلابًا، آباء، أمهات، وشيوخًا.. الجميع حمل المكنسة وفرشاة الطلاء والمعول والطورية والأزهار والأشجار،كأنهم يقولون: هذه مدينتنا، ونحن أولى بحمايتها، لا ننتظر أحدًا.

مدينةٌ تنتصر بالانتماء

العنف لا يُهزم بالحملات الشرطية وحدها، ولا تُطفأ نيرانه بالقرارات من الأعلى فقط. كفر قاسم تعلّمنا أن أقصر الطرق نحو الأمن هي: أن ينتمي الإنسان لأرضه، أن يرى فيها امتدادًا لقلبه، وأن يشعر أن أي خراب فيها هو خدش في ذاته.في كفر قاسم، العلاقة بين الانتماء والتطوع واضحة وضوح الشمس، ومن ينظر إلى معدلات العنف المنخفضة فيها، يجد الإجابة في شوارعها النظيفة، وجدرانها المزدانة برسومات الأمل، وقلوب شبابها الذين يختارون كل يوم أن يبنوا لا أن يهدموا، أن يحبوا لا أن يكرهوا، أن يبادروا لا أن يماطلوا، أن يتطوعوا لا أن يُنَظِّروا. لماذا لا تتعلّم بلداننا العربية من كفر قاسم؟

إذا كانت كفر قاسم استطاعت أن تقود هذا التحوّل، رغم ما تواجهه من تحديات، فما الذي يمنع باقي البلدات؟
الجواب ليس في نقص الموارد، بل في غياب المبادرة. وليس في انعدام القدرات، بل في غياب الإيمان بالممكن.إن نموذج كفر قاسم ليس مشروعًا محليًا فقط، بل هو نداءٌ لكل مدننا وقرانا: عودوا إلى أنفسكم، أعيدوا شبابكم إلى الصفوف الأولى، لا تنتظروا الدولة.. بل بادِروا، نظّفوا شوارعكم، رمّموا مدارسكم، ازرعوا الورد في أرواحكم.. فإن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.

من معسكر العمل إلى معركة الحياة

في وجه الجريمة، نقيم مشاريع حياة.
في وجه اللامبالاة، نرفع راية الانتماء.
في وجه العنف، نردّ بالتضحية.
في وجه الجريمة المنظّمة ننظّم مجتمعنا أولًا.
في وجه الفوضى نؤسّس اللجان الشعبية ولجان الإصلاح ولجان الحراسة والحماية.

كفر قاسم، اليوم، لا تحارب من أجل نفسها فقط، بل من أجل مجتمعٍ كامل، يحتاج أن يُقلّص المسافة بين شعاراته وواقعه، بين ما يريده وما يفعله، بين ما نريده نحن وما يُراد لنا. لذلك، من كفر قاسم.. نقول لكل بلدة في هذا الوطن:جرّبوا أن تحبّوا بلدكم كما أحبّها هؤلاء..جرّبوا أن تتركوا مقاعد الانتظار وأن تنزلوا إلى الشارع وأن تبنوا بأيديكم وأيدي أولادكم..كفر قاسم برسالتها هذه تقول: نعم نستطيع، نعم هذا بمقدورنا، نعم هذا بأيدينا.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا