في مشهد يُشبه روايات القمع لا الحياة اليومية، روت المربية سوسن مصاروة من مدينة الطيبة تفاصيل تجربة قاسية ومهينة تعرّضت لها أثناء زيارة ثقافية إلى متحف في تل أبيب. بدلًا من لحظات الإلهام الفني، وجدت نفسها معتقلة داخل قاعدة عسكرية محصنة – هكرياه – وكأنها ارتكبت جريمة فقط لأنها "تشبه من يُشتبه بهم".
وقوف مؤقت تحوّل إلى "اشتباه أمني"
بدأت الحكاية عندما أوقفت سوسن سيارتها مقابل متحف تل أبيب، وجلست فيها لعدة دقائق قبل الدخول إلى المعرض. فجأة، اقترب منها جنديان من الجانبين وطلبا منها بطاقة الهوية. لم تكن الأسئلة روتينية، بل اتخذت طابع الشك:
"ماذا تفعلين هنا؟ من أين أتيتِ؟ ماذا تريدين من المتحف؟"
ورغم تعاونها الكامل، وتقديمها دعوة المعرض واسم الفنانة، إلا أن الرد لم يكن احترامًا، بل تصعيدًا. فتّش الجنود سيارتها بالكامل، وأخرجوا كل محتوياتها. ثم تم استدعاء الشرطة، وأُغلق الممر المجاور لسيارتها، وتم نقلها إلى داخل قاعدة هكرياه بزعم "إجراء فحص أمني شامل".
تفتيش جسدي مهين داخل القاعدة
تقول سوسن:"نُقلت إلى الداخل وخضعت لتفتيش جسدي بارد ومُهين. لم أرتكب شيئًا، لكنني شعرت فجأة وكأنني فقدت صفة 'المواطِنة'. لم يكن هناك اعتذار، ولا توضيح، فقط كلمات ثلاث: 'بإمكانك الذهاب'".
المدة التي قضتها في التحقيق والإذلال دامت أكثر من ساعة وأربعين دقيقة، خرجت منها بجسد مرتجف وقلب منقبض، عاجزة عن التفاعل مع الفن الذي جاءت لأجله.
تصف سوسن التجربة بالكلمات التالية:
"ليس لأنني خالفتُ القانون، بل فقط لأن مظهري 'معيّن'، ولأنني وقفتُ بالخطأ في الشارع الخطأ، في التوقيت الخطأ، وأنا أتنفس بالهوية 'الخطأ'".
وتضيف: "في هذا الواقع، كل ما يلزم لتحويلك من 'مواطنة' إلى 'مشتبه بها' هو أن تكوني موجودة".
تختتم سوسن شهادتها بنداء موجّه إلى كل من يبرر هذه الأفعال تحت شعار "الأمن والنظام"، قائلة:
"لن تفهموا ماذا يعني أن تُسلب إنسانيتكم حتى تمرّوا بتجربة كهذه. أتمنى من كل من يعظ من بعيد أن يشعر بنفس الشعور الذي مررت به، ربما يبدأ عندها فقط بالفهم".