تعلمنا من خلال التجارب أن كافة المواقف السياسية لها أثمان، ولا شيء يقدم بالمجان ولا سيما إذا كانت هذه المواقف أمريكية. وتعلمنا أيضاً عدم وجود صديق دائم أو عدو دائم في السياسة، كما اعترفت بذلك وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليسا رايس. الوزيرة السمراء على حق في قولها. والدليل على ذلك :
مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، زارت سوريا مع المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لشؤون الرهائن، روجر كارستينز، والمستشار المعين حديثا دانيال روبنستين، والذي كلف بقيادة جهود الخارجية الأمريكية في سوريا، قالت خلال مؤتمر صحفي، إنها التقت مع الرئيس السوري أحمد الشرع في دمشق وأنها أبلغته بأن المكافأة التي كانت سارية لعدة سنوات مقابل معلومات عنه سيتم إلغاؤها وتم مناقشة المبادئ التي ترغب واشنطن في أن يتم الالتزام بها في عملية الانتقال السياسي في سوريا. والثمن؟
التاريخ يقول ان أربع قمم جمعت رؤساء أمريكيين مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، أولها في دمشق جرت في يونيو عام 1974 جمعت بين الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون وحافظ الأسد. ويعود اللقاء الثاني الى التاسع من مايو/أيار 1977 مع الرئيس جيمي كارتر واللقاء الثاني كان في الثالث والعشرين من نوفمبر 1990 مع الرئيس جورج بوش، بينما اللقاء الثالث الذي جرى في السادس عشر من يناير 1994 فقد كان مع الرئيس بيل كلينتون. أما اللقاء الرابع الذي جرى في جنيف أيضا فقد كان في شهر مارس عام 2000 . ومن حسن حظ الشعب السوري أن اللقاء الخامس بين رئيس سوري ورئيس أمريكي لم يكن بين الدكتاتور حافظ الأسد أو وريثه في الحكم السابق بشار بل مع رئيس سوري جديد اسمه احمد الشرع الذي أزاح نظام الأسد.
في الرابع عشر من الشهر الحالي تم عقد اجتماع في الرياض بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك على هامش القمة الخليجية -الأمريكية. لقاء الشرع مع ترامب جرى، بعد أقل من 24 ساعة على تصريح الرئيس الأميركي بأنه سيرفع العقوبات عن سوريا ولم تضع الإدارة الأميركية جدولاً زمنياً لإجراءات رفع العقوبات. ولكن ما ثمن هذا السخاء الأمريكي؟
حسب المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، قدم ترامب خلال اللقاء خمسة مطالب أساسية للحكومة السورية الانتقالية: الانضمام لاتفاقات أبراهام، طرد المقاتلين الأجانب من سوريا، ترحيل الفصائل الفلسطينية مثل حركة الجهاد وحماس وغيرها وتقليص نفوذ حركة داعش والمطلب الأخير هو أن تشرف سوريا على السجون التي يتم فيها احتجاز مقاتلي تنظيم داعش كما ذكرت قناةi24NEWS .
كيف سيتصرف احمد الشرع إزاء هذه المطالب خصوصا الاعتراف بإسرائيل؟ إذا كان النظام العلوي الأسدي لم يقدم على هذه الخطوة، فهل من المعقول أن يقدم عليها الرئيس السني الملتزم دينياً احمد الشرع الذي أعاد السنّة الى حكم سوريا بعد غياب 59 عاماً؟
المؤشرات الأولية تقول لا(على الأقل حالياً) لكن هل يستطيع الشرع الناشئ على تربية إسلامية طيلة حياته أن يواجه الضغوطات الأمريكية وحتى العربية؟ ننتظر