في أعقاب نشر التقرير السنوي لوحدة تنسيق مكافحة العنصرية في وزارة العدل، والذي أشار إلى أن 39% من الشكاوى التي تلقتها الوحدة خلال عام 2024 جاءت من مواطنين عرب، صرّحت المحامية سماح درويش، مديرة مركز مناهضة العنصرية، أن هذه المعطيات الرسمية لا تعكس سوى جزء ضئيل من الواقع الميداني القاسي الذي يعيشه المواطنون العرب يوميًا.
درويش أوضحت أن مركز مناهضة العنصرية، التابع للمركز الإصلاحي للدين والدولة، استقبل خلال نفس العام 433 شكوى، وهو عدد يتجاوز بكثير ما أوردته الوحدة الحكومية، ما يؤكد أن كثيرين يختارون التوجه إلى الأجسام المدنية بدلاً من مؤسسات الدولة، نتيجة شعور عميق بالنفور، وعدم الثقة، وتجارب متراكمة من الإقصاء والتجاهل. وأشارت إلى أن 69% من هذه الشكاوى جاءت من مواطنين عرب، وقرابة 23% من سكان القدس الشرقية، وغالبها يدور حول التمييز المؤسسي، الحرمان من الخدمات، التنميط العرقي، والإهانات العلنية والمبطنة.
غياب الإرادة السياسية
بحسب درويش، المفارقة بين التقارير الرسمية ومعطيات الميدان تفضح ليس فقط الفجوة في الأرقام، بل تكشف أيضًا غياب الإرادة السياسية لمعالجة الجذور البنيوية للتمييز. فالعنصرية، كما تؤكد، ليست ظاهرة هامشية بل نمط مؤسسي متجذر في أجهزة الدولة، ولا يمكن مكافحته من خلال التقارير أو الخطابات العامة. التحدي، كما تقول، هو في بناء سياسة شاملة تُترجم إلى تشريعات فعالة، آليات مساءلة، وتغيير ثقافي داخل أجهزة الحكم والتعليم والعمل.
"ما لم يكن هناك اعتراف حقيقي بوجود تمييز ممنهج، فلن تتغير السياسات. نسمع الكثير من الكلام، لكن الواقع لا يتغير، بل يزداد قسوة"، ختمت درويش.