أصدرت الوحدة الحكومية لتنسيق مكافحة العنصرية في وزارة العدل الإسرائيلية، اليوم الأحد، تقريرها السنوي لعام 2024، الذي يكشف عن معطيات مقلقة تتعلق بانتشار العنصرية والتمييز داخل المجتمع الإسرائيلي، وخاصة تجاه المواطنين العرب.
بحسب التقرير، فإن 39% من الشكاوى التي تلقتها الوحدة خلال العام الماضي تتعلق بحالات عنصرية وتمييز ضد مواطنين عرب، ما يجعلهم المجموعة السكانية الأكثر استهدافًا. كما تلقّت الوحدة شكاوى من مواطنين من أصول إثيوبية (16%)، من المجتمع الحريدي (15%)، ومن مهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي السابق (5%).
تركزت غالبية الشكاوى في التمييز في تقديم الخدمات العامة (29%)، التمييز في أماكن العمل (12%)، منشورات أو تصريحات ذات طابع عنصري أو نمطي (11%)، تعبيرات عنصرية في مؤسسات الدولة (9%)، حالات تمييز في المنظومة التربوية (6%)، وشكاوى ضد الشرطة وجهات إنفاذ القانون (4%).
من بين الحالات التي عالجتها الوحدة خلال العام الماضي، وردت شكوى ضد معلمة في مدرسة شمالية وجهت ملاحظة عنصرية لتلاميذ من أصول إثيوبية، وكذلك بلاغ من سائق سيارة إسعاف عربي أفاد بأن حارس أمن في أحد مستشفيات وسط البلاد نعته بعبارات عنصرية عند وصوله لنقل مصابين. كما تقدّمت سيدة من الوسط الحريدي بشكوى بعد أن فُصلت من عملها بسبب انتمائها الديني، بحسب ادعائها.
التقرير السنوي، الذي قُدّم لوزير الشؤون القضائية دودي أمسالم ومدير عام الوزارة إيتامار دوننفيلد، يشمل أيضًا عرضًا لبرامج العمل التي بادرت إليها الوحدة، منها ورشات تدريب لمكافحة العنصرية في المدارس وملاعب كرة القدم، بمشاركة أندية كبرى مثل مكابي حيفا، هبوعيل بئر السبع وبيتار القدس. كما يتضمن التقرير تفاصيل حول مشروع مشترك مع وزارة التربية والتعليم لنقل ورشات وتجارب تربوية في عشرات المدارس الإعدادية والابتدائية بهدف نشر الوعي وتعزيز المساواة.
ويشير التقرير أيضًا إلى تجديد العمل بـ"أمر الساعة" الذي يسمح بتوفير تمثيل قانوني مجاني لضحايا التمييز، وفق تعديل قانون المساعدة القضائية الذي بادر إليه وزير العدل ياريف ليفين، والذي صادقت عليه الكنيست في أكتوبر 2024 لثلاث سنوات إضافية. القرار يهدف إلى ضمان تمثيل قانوني فعّال للفئات الضعيفة، وخاصة المتضررين من التمييز العنصري في أماكن العمل، الخدمات العامة، أو الفضاءات العامة.
وعلى الرغم من انخفاض عدد الشكاوى المقدّمة مقارنة بالسنوات السابقة، تشير الوحدة إلى أن هذه المعطيات لا تعكس بالضرورة انخفاضًا في مظاهر العنصرية، بل قد تكون دليلاً على تراجع ثقة الجمهور في فعالية المؤسسات الرسمية. ولهذا، يدعو التقرير إلى تعزيز الوعي العام بنشاط الوحدة، وزيادة انخراط المواطنين في الإبلاغ عن الانتهاكات.
أمسالم يؤكد التزام الحكومة بمحاربتها
في تعقيبه على التقرير، قال وزير الشؤون القضائية دودي أمسالم: "التقرير يسلط الضوء على أهمية توفير التمثيل القانوني المجاني في حالات التمييز. محاربة العنصرية هي معركة متعددة المستويات، تبدأ من التشريعات، مرورًا بالتربية القيمية، وصولًا إلى العمل اليومي في الميدان. أرحب بالشراكة القائمة بين الوحدة ومنظومة التعليم والرياضة – وهما مجالان حيويان في تشكيل وعي الجيل القادم. النضال ضد العنصرية هو قيمة جوهرية في دولة يهودية ديمقراطية، وسنواصل قيادة جهود واسعة لضمان المساواة والعدالة لكل المواطنين".
من جهته، قال مدير عام وزارة العدل، إيتامار دوننفيلד: "محاربة العنصرية في إسرائيل هي من القضايا المركزية التي نعمل عليها في الوزارة. ولذلك نتحرك على مسارين متوازيين – التشريعي والتربوي – في إطار رؤية حازمة ترفض التساهل مع العنصرية في الفضاء العام".
وفي ختام التقرير، شددت الوحدة الحكومية على أن ظاهرة العنصرية ما زالت قائمة وبحاجة إلى مواجهة حازمة ومستمرة، مؤكدة أن التعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني هو الطريق إلى خلق تغيير حقيقي وملموس.