في مقالي يوم أمس بعنوان "أمريكا زعيمة العالم سياسياً تتزعمه الآن روحياً... بابا أمريكي صدفة أم خطة؟" قلت بكل وضوح:" من حقنا كمحللين سياسيين أن نتساءل عن سبب سرعة ترقية بريفوست في منصبين في غاية الأهمية على صعيد الفاتيكان خلال سنة ونصف. يا لها من صدفة غريبة: نال رتبة كاردينال في 30 سبتمبر 2023، وفي 6 فبراير 2025، رُقّي إلى رتبة أسقف كاردينال وعيّنه البابا فرنسيس رئيسًا لدائرة الأساقفة، وهو منصب بارز رفع من مكانته مرشحاً محتملاً للبابوية وهذا ما حصل. والسؤال الذي يطرح نفسه هل ترقية بريفوست بهذه السرعة وقدومه على رأس الكنيسة الكاثوليكية ينفس السرعة هو بالفعل نتيجة (اختيار)أو نتيجة خطة مسبقة."
وقد تلقيت مكالمات يسأل أصحابها عما إذا كنت أقصد ان أمريكا ترامب هي صاحبة الخطة المفترضة. وأؤكد لهؤلاء أن فهمهم بهذا الشكل هو فهم خاطئ لأني أقصد العكس تماما. بمعنى أن الخطة وكما أعتقد لغاية الآن هي من وضع البابا الأرجنتيني الراحل فرنسيس من أجل قدوم بابا جديد يسير على نهجه ويحافظ على إرثه، ولم ير خيراً من القادم من شيكاغو ليصبح خليفته، خصوصاً لأنه كان من المقربين له. وإلاً كيف نفهم سرعة الترقيات للأمريكي بريفيست بوقت قصير لتوفير إمكانية ترشيحه لمنصب البابوية.
صحيح أن شيكاغو هي المدينة الأكثر دموية وإجراما في الولايات الأمريكية، لكنها أنتجت رجل دين كاثولوكي " Made in Chikago " استطاع أن يصل الى رأس الكنيسة الكاثولوكية في الفاتيكان ليجعل من أمريكا ترامب متصدرة العالم روحيا. وصحيح أيضاً أن دونالد ترامب Made in America لكن الفارق بين الاثنين هو أن الأمريكي ترامب رجل يميني شعبوي يؤمن بالقوة بينما البابا الأمريكي رجل تسامح يؤمن بالعدالة الاجتماعية كما علمه سلفه البابا فرنسيس. على الأقل هكذا تقول المعلومات المتوفرة.
قد يكون هناك وجود قاسم مشترك بين العرّافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف والأمريكي ترامب في التوقع. فقبل فترة وبعد وفاة البابا فرنسيس، أجاب ترامب مازحاً، في ردّ على سؤال في شأن من يفضّله لمنصب البابا قائلاً: “أرى أن أكون أنا البابا”، ثمّ أردف أن لا تفضيل لديه وأوحى بإمكان تصدير بابا، ملمّحاً إلى كاردينال كاثوليكي من نيويورك. لكن الدخان الأبيض في الفاتيكان كان لصالح كاردينال من شيكاغو لقيادة كاثوليك العالم يحمل اسم البابا ليو الرابع عشر.
واضح من خلال مواقف سابقة للبابا الجديد انه لن يتفق مع ابن بلده ترامب. وعلى ذمة الصحافة الأمريكية، كان البابا كان قد انتقد سياسات ترامب ومواقف نائبه جيه دي فانس في مجال الهجرة، وهذا يعني أنّ الاختلاف في الرأي موجود بين الأمريكي الحاكم في واشنطن والأمريكي الحاكم في الفاتيكان. ولا شيء على الاطلاق يجمع بين الاثنين، فالأول على سبيل المثال يريد طرد المهاجرين وتعميم التطرف والثاني يؤمن بالتسامح والانفتاح على الشعوب ومساعدتهم.