في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
صادقت الكنيست الأسبوع الماضي على ميزانية الدولة لعام 2025، والتي تُعدّ الأكبر في تاريخ البلاد، حيث تبلغ حوالي 620 مليار شيكل. ومع ذلك، فإنها ميزانية لا تحمل بشائر حقيقية للجمهور الواسع،
بالتزامن مع استمرار المداولات تمهيدا للمصادقة على ميزانية الدولة : مواجهات واعتقالات خارج مبنى الكنيست
إذ أنها بحسب وسائل اعلام عبرية تفتقر إلى الإصلاحات، وتمتلئ بالأعباء الاقتصادية، وتفتقد لمحركات النمو الاقتصادي.
وبحسب تقرير نشره واينت فان الميزانية الجديدة تشمل أيضا العديد من الأعباء التي تصل قيمتها إلى عشرات المليارات، وقد بدأ تطبيق بعضها بالفعل، وأبرزها رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 18%، وتجميد سلالم ضريبة الدخل، والضرائب العقارية، ومعاشات التأمين الوطني (باستثناء مخصصات الأطفال).
إلى جانب الامتيازات السياسية، تتضمّن الميزانية تخفيضات في مجالات حيوية لم تتلقّ تمويلا كافيا، وبعضها تضرر بشكل مباشر.
الأزمة في الشمال
أدّت الحرب الأطول في تاريخ الدولة إلى خسائر فادحة في الجبهة الشمالية، حيث تعرضت 40 بلدة لأضرار جسيمة، وتضررت آلاف المنازل، ودُمرت البنية التحتية، وأصيبت الأراضي الزراعية بأضرار كبيرة. لا يزال عشرات الآلاف من السكان يتنقلون بين أماكن إجلائهم ومنازلهم المتضررة ، ورغم هذه المعطيات القاسية، لم تستوعب الحكومة بعد حجم الكارثة. فمع نهاية عام 2024، تقرر تخصيص 15 مليار شيكل لإعادة تأهيل وتنمية الشمال، إلا أن هذا المبلغ، المخصص للبلدات الواقعة على بعد 30 كيلومترا من الحدود، مُوزّع على ثلاث سنوات، وتم تقليص جزء منه في ميزانية 2025.
يمكن رؤية حجم الأزمة في حالة الأعمال التجارية بالمنطقة. فقد قال رئيس اتحاد أصحاب الأعمال المستقلين، المحامي روعي كوهين : "من دون دعم عاجل، سنستمر في رؤية مراكز تجارية مهجورة ومدن بأكملها بلا مشاريع صغيرة وهي المحرك الأساسي لاقتصاد المنطقة".
حاليا، العديد من النازحين من الشمال يتلقون منحا تتقلص تدريجيا، بينما لم يعد البعض الآخر يحصل على أي دعم. وعبّر رؤساء 43 بلدة مُهجرة في الشمال عن استيائهم، قائلين: "الحكومة منفصلة عن الواقع".ف من أصل 15 مليار شيكل التي وعدت بها الحكومة، سيتم تحويل 2.2 مليار شيكل فقط في ميزانية هذا العام وهو مبلغ ضئيل وغير كاف لإعادة إعمار الشمال، وإعادة السكان، ودعم الأعمال المتعثرة.
الوضع في الجنوب
منذ 7 أكتوبر، خاضت المناطق الجنوبية معركة للحصول على ميزانيات لإعادة التأهيل والدعم. ومؤخرا، ضمن ميزانية الدولة، تم إقرار "قانون تِكوما" الذي يشمل ميزانية متعددة السنوات بقيمة 19 مليار شيكل لإعادة تأهيل منطقة غلاف غزة. ومع ذلك، لا تزال هذه الميزانية غير كافية لتغطية جميع الاحتياجات.
يُعتبر كيبوتس "نير عوز" الأكثر تضررا مقارنة بحجمه، حيث فقد ثُلث سكانه بين قتيل أو مختطف من أصل 385 شخصًا كانوا متواجدين فيه صباح الهجوم. ولم تُصنَّف سوى منزلين فقط ضمن الفئة "الخضراء" أي غير متضررين. ورغم هذه المأساة، تضع الدولة عراقيل أمام إعادة الإعمار، حيث أفادت قيادة الكيبوتس بوجود فجوة تبلغ 200 مليون شيكل بين الميزانية المخصصة لإعادة التأهيل والمبلغ المطلوب فعليًا لاستعادة الحياة إلى سابق عهدها.
قطاع الصحة
كانت منظومة الصحة الإسرائيلية تأمل في الحصول على مئات الملايين من الشواكل التي تم تخصيصها لوزارات غير ضرورية، من أجل تخفيف الأعباء عن كاهلها وتحسين خدماتها. هذه الأموال المهدرة كان من الممكن أن تُستخدم لمعالجة أزمة نقص الكوادر الطبية، التي ستتفاقم في السنوات القادمة، مما سيؤثر بشكل خاص على المناطق الطرفية، ويزيد من حدة عدم المساواة في الخدمات الصحية.
كما كان من الممكن توجيه هذه الأموال لإضافة كوادر طبية إلى المستشفيات أو لتوسيع برامج زيادة عدد طلاب الطب. بالإضافة إلى ذلك، لم يتم توسيع سلة الأدوية بشكل يتماشى مع ارتفاع أسعار الأدوية. فقد بقيت الميزانية الإضافية لسلة الأدوية لعام 2025 عند 650 مليون شيكل، وهو مبلغ غير كاف ، حيث تصل تكلفة الأدوية المطلوبة إلى مليارات الشواكل، مما يؤدي إلى ترك العديد من المرضى بدون علاج، ويضطرهم إلى تمويل أدويتهم بأنفسهم.
قطاع التعليم
من المقرر أن يتم اقتطاع 80 مليون شيكل من ميزانية وزارة التربية والتعليم، مما سيؤثر على ما يُعرف بـ"الروح الإضافية" لمنظومة التعليم. سيتأثر بهذه التخفيضات العديد من الأنشطة التعليمية والبرامج المختلفة، حيث سيتم تقليص 1% من كل برنامج دون إلغائه بالكامل. ولكن البرامج المتعلقة بالتعليم الخاص، والطلاب في الداخليات، والطلاب المعرضين للخطر، وساعات التدريس، وتمويل السلطات المحلية لن تتأثر بهذا التقليص.
من بين البرامج التي ستتأثر: برامج الإثراء، ومشروع إعارة الكتب الدراسية، وبرامج الإرشاد والدعم للمدارس، والحركات الشبابية. وهذا سيجبر مديري المدارس على تمويل النقص من الميزانية المدرسية الخاصة بهم.
قطاع الرفاه الاجتماعي
سيتم اقتطاع حوالي 80 مليون شيكل من ميزانية "هيئة الأمن المجتمعي"، وهو ما يعادل أكثر من نصف ميزانيتها الحالية.
تعمل هذه الهيئة ضمن وزارة الأمن القومي، وتهدف إلى منع العنف والجريمة والإدمان. ومع ذلك، أعلنت الوزارة أن هذا التقليص لن يؤثر على موظفي المقر، بل سيؤثر فقط على العاملين الميدانيين في السلطات المحلية، مثل مرشدي الشباب، والمشرفين على الأمن، ومنسقي دوريات الأهل.
نتيجة لذلك، ستتأثر الجهود المبذولة للحد من العنف بين الشباب ومكافحة الإدمان، وهي جهود تقلل من حالات العنف والتدخلات الشرطية. ووفقًا لأحد موظفي الهيئة: "بفضل هذه الأنشطة، انخفضت معدلات العنف وتدخل الشرطة، ولكن الآن، هذه الأنشطة مهددة بالإغلاق".
المجتمع العربي
أثار قرار وزيرة المساواة الاجتماعية، ماي غولان، بوقف تحويل الأموال المخصصة للخطة الخُمسية للمجتمع العربي، والتي كُشف عنها في موقع واينت، جدلا واسعا. حيث ادّعت غولان أن هناك حاجة إلى "آلية رقابة" على هذه الأموال، ولكن هناك مخاوف من أن تكون هذه مجرد ذريعة لتحويل الميزانية إلى مجالات أخرى.
وقد انتقد النائب أحمد الطيبي هذا القرار قائلا: "هذه الأموال هي حق للمجتمع العربي وليست منحة. إجمالي التخفيضات في ميزانيات المجتمع العربي يصل إلى حوالي 2 مليار شيكل". وأضاف أن " قرار الوزيرة بتحويل عشرات الملايين من الشواكل من أموال المجتمع العربي لصالح وزارتها هو "إضافة إهانة إلى الجرح الذي تسببت به هذه الحكومة".
مؤخرا، توجه رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، إلى وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهار، وطلب منه أن يقود مبادرة لنقل مسؤولية الخطة الخُمسية من وزارة المساواة الاجتماعية إلى وزارته، نظرا لرفض غولان تحويل الأموال حتى يتم تحديد وجهتها وإنشاء آلية رقابية عليها.