في ظل التصعيد المستمر في المنطقة والأزمات الداخلية التي تعصف بإسرائيل، أجرى موقع "بكرا" حوارًا مع المحلل السياسي إسماعيل الريماوي، الذي قدم قراءة تحليلية للوضع الراهن، محذرًا من تداعيات السياسات الإسرائيلية على مستقبلها. وأكد أن استمرار النهج الحالي قد يؤدي إلى نتائج كارثية لا تقتصر على الداخل الإسرائيلي فقط، بل تمتد إلى المنطقة ككل.
إسرائيل تحترق بنارها
استهل الريماوي حديثه بالإشارة إلى مقال نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، حيث حذر كاتب إسرائيلي من أن المجتمع الإسرائيلي بات مهووسًا بالانتقام، وأن استئناف الحرب يمثل تهديدًا مباشرًا لحياة الرهائن. وأضاف الريماوي: "هناك أصوات داخل إسرائيل نفسها تحذر من أن هوس الانتقام يضع مستقبل الإسرائيليين في خطر. فالسلام هو الحل الوحيد لضمان أمن الأجيال القادمة، واستمرار القتال سيؤدي إلى نتائج كارثية".
أزمة داخلية تهدد إسرائيل من الداخل
وحول الأوضاع السياسية داخل إسرائيل، أشار الريماوي إلى أن الأزمات السياسية والقضائية المتصاعدة تنذر بانزلاق البلاد نحو مواجهة خطيرة، قد تصل إلى حد الحرب الأهلية. وقال: "وسائل الإعلام الإسرائيلية نفسها تتحدث عن أزمة غير مسبوقة بين الحكومة والمؤسسات القضائية، حيث بات الصدام بين الطرفين يشكل خطرًا حقيقيًا على استقرار الدولة".
وأضاف أن المواجهة الكبرى تدور حول قرار المحكمة العليا بشأن إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، وهو ما أدى إلى تعميق الانقسامات داخل إسرائيل. "القاضية غيلا شتاينتس أصدرت أمرًا مؤقتًا بتجميد قرار الإقالة، مما أثار ردود فعل غاضبة داخل الحكومة، التي ترى في هذا القرار محاولة لتعزيز ما يسمى بـ'سلطة الدولة العميقة'".
تحذيرات من الحرب الأهلية
وتابع الريماوي: "رئيس المحكمة العليا السابق، أهارون براك، حذر في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية من خطورة الأوضاع، قائلًا: 'نحن قريبون جدًا من الحرب الأهلية، وربما من الحرب الثامنة لإسرائيل'. إن التصعيد في الشارع الإسرائيلي بات واضحًا، وإذا لم يتم التوصل إلى حلول سياسية، فقد تجد إسرائيل نفسها أمام سيناريو كارثي".
كما لفت إلى تصريحات عاموس يلدين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، الذي أكد أن الانقسامات الداخلية قد تضعف قدرة إسرائيل على مواجهة التهديدات الخارجية. وقال: "بعد السابع من أكتوبر، كان هناك شعور بالاكتئاب في إسرائيل، ولكن الآن هناك من يعيش نشوة سياسية زائفة، ما قد يؤدي إلى انقسام حاد يضر بالأمن القومي الإسرائيلي".
نتنياهو في مواجهة الديمقراطية
أما عن موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقد أوضح الريماوي أنه يسعى إلى التخلص من المؤسسات التي تعرقل سياساته، مشيرًا إلى أن نائب رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، يائير جولان، أكد أن نتنياهو يعمل على إضعاف المحكمة العليا لضمان بقائه في السلطة، مما قد يفتح الباب أمام "انتخابات غير حرة".
وقال الريماوي: "نتنياهو يدرك جيدًا أن فرص فوزه بالانتخابات المقبلة معدومة في ظل النظام الحالي، ولهذا يعمل على تقويض أسس الديمقراطية الإسرائيلية بالكامل. استمرار هذا النهج قد يدفع إسرائيل نحو نقطة اللاعودة".
انقسامات داخلية تضعف إسرائيل
وختم الريماوي حديثه بالتأكيد على أن إسرائيل لم تعد موحدة كما كانت في بداية الحرب، مشيرًا إلى أن صحيفة "جيروزاليم بوست" أكدت أن القتال عزز الانقسامات الداخلية بدلًا من توحيد الصفوف. وأضاف: "صحيفة 'هآرتس' بدورها أشارت إلى أن نتنياهو يواصل نشر الفوضى في الداخل الإسرائيلي من أجل البقاء في السلطة، حتى لو كان ذلك على حساب الاستقرار الداخلي ومستقبل إسرائيل بأكملها".
وختم بالقول: "التصعيد العسكري الذي نشهده اليوم لم يعد يقتصر على غزة، بل امتد إلى لبنان وسوريا، وأصبح يهدد المنطقة ككل. إن النار التي تشعلها إسرائيل ستعود لتحرقها، وما لم يتدارك القادة الإسرائيليون خطورة الوضع، فإن المستقبل القريب قد يحمل تطورات كارثية".