الطفل البالغ من العمر 14 عامًا، الذي قُتل مؤخرًا أمام منزله في اللد، لم يذهب إلى المدرسة منذ عامين، تمامًا مثل العديد من الأطفال الآخرين المنتمين لعائلات عالقة في صراعات دموية. في الحي الذي يقطن فيه، لا يجرؤ أحد على ذكر اسمه، ولم تُنصب خيمة عزاء، بينما يُجمع السكان على أن كل طفل بات الآن هدفًا محتملًا.
الاعتداء وقع عندما اقتحم مسلحون مجمع عائلة أبو زيد في اللد وفتحوا النار، مما أسفر عن إصابة رجل وامرأة بجروح متوسطة، بينما أصيب الطفل بجراح خطيرة أودت بحياته في المستشفى. وعلى الرغم من بشاعة الحادث، لم يُظهر السكان أي استعداد للحديث عنه، إذ يسود بينهم الخوف من أن أي تصريح قد يؤدي إلى انتقام دموي جديد.
مُعلم في إحدى مدارس المدينة أكد، في حديث لصحيفة "هأرتس، أن تغيب الأطفال عن الدراسة ليس بالأمر النادر، إذ إن هناك عائلات بأكملها تمنع أبناءها من الذهاب إلى المدارس خوفًا من تعرضهم للاستهداف. وأضاف: "كل مرة تتغير قواعد اللعبة، والآن، بعد هذا القتل، أي طفل يمكن أن يكون الضحية التالية."
تحصينات وقلق دائم: الحياة خلف الجدران
وفق التقرير، في الأحياء العربية باللد، يعيش العديد من العائلات داخل مناطق مغلقة ومحصنة، محاطة بأسوار حديدية ضخمة تفصلها عن العالم الخارجي. غالبًا ما تكون المنازل داخل هذه المجمعات مبنية بشكل غير قانوني وتعاني من الإهمال. الشرطة تعتبر هذه المناطق بؤرًا للجريمة، حيث يُعثر فيها مرارًا على أسلحة ومتفجرات، مما يجعل السكان عرضةً لحملات مداهمة متكررة.
قبل ساعتين فقط من الجريمة، كانت الشرطة قد هدمت جدارًا في مجمع أبو زيد، وهو ما يُعتقد أنه سهّل دخول المهاجمين إلى المنطقة. أفراد العائلة أكدوا أن الهدم كان السبب المباشر لتمكين المهاجمين من تنفيذ الجريمة، لكن الشرطة تدعي أن المنفذين دخلوا من اتجاه آخر.
بينما يرفض السكان الحديث علنًا عن الجريمة، يؤكد المطلعون على عالم الجريمة في اللد أن عدم إقامة خيمة عزاء يعد مؤشرًا واضحًا على أن العائلة تخطط للانتقام. أحد سكان الحي قال: "حين يُقتل رجل، قد يكون هناك مجال للمصالحة، لكن عندما يُقتل طفل، لا أحد يستطيع إيقاف دوامة الدم."
طفولة مسلوبة ومستقبل مجهول
صحيفة "هآرتس" كشفت أن الطفل الضحية كان طالبًا في التعليم الخاص، يعاني من صعوبات تعلم كبيرة، وكان غيابه الطويل عن المدرسة قد أدى إلى تأخره التعليمي بشكل حاد. معلموه قالوا إن العديد من الأطفال في اللد يواجهون نفس المصير، حيث تؤدي النزاعات العائلية والعنف المستمر إلى إبعادهم عن التعليم والحياة الطبيعية.
اسمه لم يُذكر، صورته لم تُنشر، لكن الحقيقة واحدة: كان طفلًا، لم يكن له أي يد في الصراع الدموي الذي فُرض عليه، ودفع حياته ثمنًا لذلك. بدل أن يكون في مدرسته، قُتل أمام منزله.