آخر الأخبار

هل توقف قطار تسوية المسألة الكردية في تركيا؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

"إن الأتراك والعرب والأكراد إخوة، يجمعهم الدين والتاريخ، وإن عليهم أن يصوغوا مستقبل المشرق معا كما صاغوا تاريخه معا.. وإن وحدة الترك والعرب والكرد هي التي صنعت روح الانتصار في ملاذ كرد، وتحالف تحرير القدس من الصليبيين، وحرب استقلال تركيا الحديثة".

كان ذلك الجزء الأهم من خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 11 يوليو/تموز 2025، الذي دعا فيه إلى حل المسألة التركية بالحوار والتفاوض بدلا من استخدام القوة والسلاح، معتبرا أنه مقتنع بهذا المسار رغم التحديات والعقبات التي تواجهه.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 ما أبعاد اختيار العريش كمقر لإدارة غزة في خطة ترامب؟
* list 2 of 2 "آسيان" وحرب غزة.. بين دعم الفلسطينيين وحسابات المصالح مع إسرائيل end of list

وحول تسوية المسألة الكردية هذه وما يرتبط بها من إكراهات، نشر مركز الجزيرة للدراسات تقدير موقف بعنوان " فكفكة التشابكات: رهانات تباطؤ التسوية الكردية في تركيا " ناقش خلفيات التفاهم، والعقبات التي تواجهه نتيجة التباينات بين القوى المتنازعة، واختلاف مصالحها وارتباطاتها.

خارطة طريق وتفاهمات أولية

كان الرئيس أردوغان قد أعلن في السنوات الأولى من رئاسته ل حزب العدالة والتنمية وللحكومة التركية عن توجهات تدور حول ضرورة التفاهم الوطني، وليس من المستبعد أن يحوّلها إلى نص دستوري، لا سيما أنه وعد بكتابة دستور جديد قبل انتهاء ولايته، كما أن الأكراد يأملون أن تكون عملية السلام موثقة بإجراءات ونصوص قانونية مكتوبة.

وفي سياق التفاهمات والتقارب والسعي إلى الحل عن طريق الحوار والتفاوض، أعلن زعيم حزب العمال الكردستاني ومؤسسه، عبد الله أوجلان ، من سجنه، في نهاية فبراير/شباط 2025، الدعوة لحل الحزب والتخلي عن الكفاح المسلح.

وبعد خطاب الرئيس أردوغان في يوليو/تموز الماضي عقد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش مؤتمرا صحفيا لتسليط الضوء على أعمال اللجنة البرلمانية التي تم تشكيلها للعمل على حل الإشكالات القانونية المتعلقة بحل حزب العمال الكردستاني.

وكان دولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية، المتحالف مع العدالة والتنمية منذ سنوات، والذي يُنظر إليه باعتباره الحزب الحارس للهوية التركية دعا في مبادرة سابقة إلى أن يكون حل حزب العمال الكردستاني أولى الخطوات لعملية السلام والتعاضد الأهلي.

إعلان

في اليوم السابق على خطاب أردوغان في 11 يوليو/تموز، أعلنت مجموعة صغيرة من مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق تخليهم عن العنف وقاموا بإلقاء السلاح وحرقه، طبقًا لتفاهمات مع الاستخبارات التركية، التي تدير الاتصالات بين الدولة والحزب.

وقد فرض هذا المشهد نفسه على مجمل الساحة السياسية التركية وأطرافها المختلفة، وأسس للتفاؤل بنجاح الأفكار التي حملها خطاب الرئيس أردوغان.

ويبدو أن خارطة طريق عامة تهدف إلى السلم الأهلي والمصالحة قد بدأت تتشكل عمليا، لأن الترتيبات المسبقة لمسيرة السلم الأهلي تتضمن سماح الدولة التركية للمسلحين الأكراد الذين لم توجَّه لهم اتهامات جنائية بالعودة إلى البلاد واستئناف حياتهم الطبيعية.

وبدأت اللجنة البرلمانية عملها بعقد جلسات مع كافة قوى المجتمع التركي لتشكيل رأي عام وطني لقبول عملية المصالحة التي يجري العمل عليها، كما عقدت لقاء مع مدير الاستخبارات السابق ووزير الخارجية الحالي هاكان فيدان.

ورغم كل هذه المساعي، فلا توجد مؤشرات توحي بأن اللجنة بدأت في وضع مشروع خاص باستيعاب المسلّحين بعد حل حزب العمال وتخلّيه عن السلاح، وهو الأمر الذي يعتبره البعض من أسباب تباطؤ التقدم في استمرار عملية السلام.

مصدر الصورة الاتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع (يمين) وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ما زال يراوح مكانه وينعكس سلبا على تسوية المسألة الكردية في سوريا وتركيا (الفرنسية)

عقبات في الطريق

رغم الجلسات المتعددة التي عقدتها اللجنة البرلمانية المكلفة بهذا الملف، فإنه لا يعرف حتى الآن الأسباب الكامنة وراء عدم تقديمها لمشروع قانون يتعلق بعودة مسلّحي الحزب ودمجهم في الحياة الطبيعية، والعفو عن قياداته البارزة.

تقول بعض القراءات والتحليلات إن نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم الذين يشكلون أغلبية في اللجنة وكذا في البرلمان، يتردّدون في شأن حسم الموقف خوفا من ردة فعل المجتمع التركي، وخاصة من أهالي الضحايا الذين فقدوا أبناءهم في سنوات القتال.

لكن المصادر الرسمية تشير إلى أن اللجنة البرلمانية تنتظر مزيدا من الخطوات الملموسة من حزب العمال في اتجاه التخلّي عن السلاح وتسليمه للدولة، قبل أن تقوم بالخطوة الحاسمة لطرح مشروع القانون وتقديمه للمشرّعين بشكل نهائي من أجل التصويت عليه.

ويذهب المناصرون لهذه المعلومات إلى أن حزب العمال ما زال يماطل في الدخول إلى المرحلة المتعلقة بتسليم السلاح، وهنالك قيادات لها علاقة بإسرائيل تحاول أن توقف التفاوض نحو تطبيق عملية المصالحة من أجل كسب المزيد من الوقت.

أما السبب الأبرز الذي يعتبر عقبة فعلية في الدفع بعملية السلام إلى الأمام، فهو مستقبل المسألة الكردية في سوريا التي تُعد تركيا القوة الإقليمية الرئيسية التي تقف خلف نظام حكمها الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع ، خصوصا مع تعثّر الاتفاق مع مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المصنّف بأنه جزء من حزب العمال الكردستاني، والموقع في مارس/آذار الماضي.

ويلوّح المسؤولون الأتراك إلى أن رفض القوات الكردية في سوريا الانضواء تحت ظل الدولة سيؤدي إلى تدخل عسكري تركي في نهاية المطاف في شمال شرقي سوريا لحسم النزاع.

إعلان

وفي حين ترى قيادات حزب العمال الكردستاني أن المحافظة على تنظيم القوات الكردية في سوريا سيمكّن من استخدامها كورقة ضغط، فيسعى عدد من المسؤولين الأتراك إلى حل المسألتين الكرديتين في تركيا وسوريا في وقت واحد، حتى إن نجم عن ذلك تباطؤ عملية السلام.

منعطف تاريخي

تعتبر مبادرة حل المسألة الكردية واستجابة حزب العمال الكردستاني لها من أهم المنعطفات التاريخية في دولة تركيا الحديثة، إذ إنها ستضع حدا للعمل الكردي المسلّح الذي انطلق قبل 40 عاما، وترك ما يربو على 50 ألف قتيل بين الأتراك والأكراد.

وستفتح عملية السلام فرصة غير مسبوقة أمام تركيا للتخلص من عبء العنف والانقسام الثقيل، وإعادة بناء العلاقة بين الدولة وكافة قطاعات شعبها على أسس جديدة، وإغلاق باب التدخلات الأجنبية في هذا الملف الشائك الذي ألقى بظلاله على المنطقة.

ويتوقع أن تقوم الدولة التركية -وليس بالضرورة في المدى القصير- بتعديلات دستورية في المواد المتعلقة بتعريف المواطنة والمساواة بين المواطنين، رغم أن الحديث يدور الآن حول مدى توافق الأطراف السياسية التركية على تعديلات دستورية تتعلق بهذا الإطار.

وعلى الصعيد الإقليمي فليس ثمة شك في أن التسوية السلمية للمسألة الكردية في تركيا ستترك آثارًا كبيرة في كافة دول المشرق، ولا سيما إن انتهت العملية في تركيا بتعديل دستوري يرضي أغلب فئات الشعب التركي.

وليس من الوارد أن يكون هنالك حل نهائي لقضية الأكراد في تركيا التي تضمم أكبر من عدد من الشعب الكردي، دون أن يكون لذلك صدى كبير في المنطقة بشكل عام، وخاصة في سوريا والعراق وإيران .

وستفتح عملية السلام والمصالحة هذه باب النقاش والنظر من جديد حول مفهوم سيادة الدولة وعلاقاتها شعوبها ببعضها البعض.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا