آخر الأخبار

الدروز في سوريا: إدانات لغارة إسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في دمشق، وسوريا تؤكد تمسكها بسيادتها والدفاع عن شعبها

شارك
مصدر الصورة

أعلن الجيش الإسرائيلي فجر الجمعة أنّه شنّ غارات جوية على منطقة مجاورة للقصر الرئاسي في دمشق، في قصف يأتي بُعيد تهديده الحكومة السورية بـ "ضربات انتقامية إذا لم تحمِ الأقلّية الدرزية في البلاد".

وقال المتحدّث باسم الجيش أفيخاي أدرعي في منشور على إكس إنّ "طائرات حربية أغارت قبل قليل على المنطقة المجاورة لقصر أحمد حسين الشرع في دمشق".

وأتى هذا القصف بعيد تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من أن إسرائيل "ستردّ بقوة" إذا فشلت الحكومة السورية في حماية الأقلية الدرزية، عقب يومين من الاشتباكات قرب دمشق.

وأدت الاشتباكات إلى مقتل أكثر من مئة شخص بالإضافة إلى عشرات الجرحى، غالبيتهم مقاتلون دروز، وفق حصيلة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان الخميس.

ويُشير المرصد إلى أن من بين القتلى 10 مدنيين دروز و21 مقاتلاً درزياً، بالإضافة إلى 35 مقاتلاً درزياً آخرين قُتلوا بالرصاص في "كمين" نصبته قوات الأمن أثناء توجههم من السويداء إلى دمشق يوم الأربعاء.

كما قُتل 30 عنصراً من جهاز الأمن العام والمقاتلين المتحالفين معه.

وقال كاتس في بيان "إذا استؤنفت الهجمات على الدروز وفشل النظام السوري في منعها، فسترد إسرائيل بقدر كبير من القوة".

وعقب الغارة فجر الجمعة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مشترك مع كاتس إن "هذه رسالة واضحة للنظام السوري. لن نسمح بنشر قوات (سورية) جنوب دمشق أو بتهديد الطائفة الدرزية بأيّ شكل من الأشكال".

وفي أول رد لها على الغارات، أدانت رئاسة الجمهورية العربية السورية بشدة القصف الإسرائيلي الذي استهدف القصر الرئاسي، واصفة إياه بـ "تصعيد خطير من قبل الاحتلال الإسرائيلي يهدد استقرار الدولة ووحدة شعبها".

وأكدت الرئاسة في بيان صدر الجمعة أن هذا الهجوم يأتي ضمن محاولات مستمرة لزعزعة الأمن الداخلي وتفاقم الأزمات، مشيرة إلى أن الاعتداءات المتكررة لن تضعف إرادة السوريين أو تعيق جهود الدولة لتحقيق الاستقرار والسلام.

وطالبت الرئاسة المجتمع الدولي والدول العربية باتخاذ موقف حازم في مواجهة هذه الاعتداءات، والوقوف إلى جانب سوريا في الدفاع عن حقوقها وسيادتها.

كما جددت رئاسة الجمهورية دعوتها لجميع الأطراف للالتزام بالحوار والتعاون ضمن إطار وحدة الوطن، والتصدي لكل محاولات التشويش على مسار البناء والإصلاح. واختتم البيان بالتأكيد على أن سوريا لن تساوم على سيادتها أو أمنها، وستواصل الدفاع عن حقوق شعبها بكل الوسائل المتاحة.

"هجمة إبادة غير مبررة"

مصدر الصورة

وكان مدير مديرية أمن ريف دمشق، المقدم حسام الطحان، أعلن الخميس التوصل إلى اتفاق بين مندوبين عن الحكومة السورية ووجهاء مدينة جرمانا، يقضي بتسليم السلاح الثقيل بشكل فوري، إضافة إلى زيادة انتشار قوات إدارة الأمن العام داخل المدينة، في خطوة تهدف إلى ترسيخ الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها.

وأوضح الطحان في تصريح لوكالة (سانا) أن الاتفاق يشمل أيضاً تسليم السلاح الفردي غير المرخص ضمن فترة زمنية محددة، مع حصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الرسمية.

أما محافظ السويداء مصطفى البكور فشدّد في تصريحات صحفية على أن الحكومة السورية لن تسمح بوجود أي مسلح خارج سلطة الدولة، مؤكداً أنه لا نية لدى الجيش أو القوى الأمنية لاقتحام محافظة السويداء.

وقال إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع أعيان الدروز في أشرفية صحنايا بريف دمشق يتضمن وقف إطلاق النار وأي تعدٍ من أي طرف، سواء من الخارجين عن القانون أو من قوات الأمن العام.

وأكد وجهاء الطائفة الدرزية في بيان رفضهم التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال، مطالبين بتفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في محافظة السويداء من أبناء المحافظة.

كما أكدوا على ضرورة تأمين طريق السويداء-دمشق وبسط الأمن والأمان على الأراضي السورية، بحسب بيانهم الذي صدر في وقت متأخر من ليل الخميس.

وفي وقت سابق، اعتبر الشيخ حكمت الهجري الذي يُعدّ أبرز القادة الروحيّين لدروز سوريا، ما شهدته منطقتا جرمانا وصحنايا قرب دمشق في اليومين الأخيرين بأنّه "هجمة إبادة غير مبررة ضد آمنين في بيوتهم".

وقال "لم نعد نثق بهيئة تدّعي أنها حكومة.. لأن الحكومة لا تقتل شعبها بواسطة عصاباتها التكفيرية التي تنتمي إليها، وبعد المجازر تدّعي أنها عناصر منفلتة"، معتبراً أنه على الحكومة أن "تحمي شعبها".

وشدد على أن "القتل الجماعي الممنهج" يتطلب "وبشكل فوري أن تتدخل القوات الدولية لحفظ السلم ولمنع استمرار هذه الجرائم ووقفها بشكل فوري".

وجاءت مواقف الهجري الذي يعد أحد مشايخ العقل الثلاثة في سوريا، غداة إعلان السلطات السورية نشر قواتها في صحنايا لضمان الأمن، متهمة "مجموعات خارجة عن القانون" بالوقوف خلف الاشتباكات التي وقعت فيها بعدما هاجمت قوات الأمن.

بدأت الاشتباكات في مدن وبلدات سورية تسكنها غالبية درزية بين فصائل من الأخيرة، وأخرى موالية للدولة، على خلفية تسجيل صوتي يسيء للنبي محمد، نسب لشيخ درزي، ونفاه الأخير.

ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، تمكن الدروز إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد سلطات بشار الأسد ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.

لماذا تهتم إسرائيل بدروز سوريا؟

تحظى الطائفة الدرزية بمكانة خاصة داخل إسرائيل، حيث يُعدّ الدروز المواطنون العرب الوحيدون الذين يخدمون بشكل إلزامي في الجيش الإسرائيلي، ويشغلون مناصب أمنية ومدنية حساسة، بحسب ما يرصد مراسل بي بي سي في القدس مهند توتنجي.

ويقول إن المجتمع الإسرائيلي ينظر إليهم على أنهم شركاء في الأمن والدولة، ما يعزز من التزام إسرائيل السياسي تجاههم، سواء داخل حدودها أو في الجوار الإقليمي.

إضافة إلى البعد السياسي المرتبط بعلاقة إسرائيل مع الطائفة الدرزية، فإن دعم إسرائيل لدروز سوريا يخدم أهدافاً استراتيجية متعددة.

فمعظم البلدات الدرزية تقع في مناطق جنوب سوريا القريبة من الجولان المحتل، وهي مناطق تعتبرها إسرائيل ذات أهمية أمنية بالغة.

ويُعد وجود جماعات موالية لإيران أو قوات النظام السوري قرب هذه المناطق تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل، بحسب مراسل بي بي سي، لذلك فإن دعم دروز سوريا يُستخدم كوسيلة لخلق "حزام أمني اجتماعي" في تلك المناطق من خلال دعم مجتمعات محلية معارضة للنظام أو محايدة تجاه إسرائيل.

هذا وتلعب إسرائيل على التوازنات الطائفية في سوريا، حيث يمثل دعمها للدروز رسالة إلى بقية الأقليات بأن إسرائيل قد تكون حليفاً محتملاً في حال تحوّلت الصراعات الطائفية أو السياسية إلى تهديد وجودي لهم.

ويساعد هذا الدعم في تعزيز ولاء الدروز داخل إسرائيل، وإظهار الدولة على أنها تحمي أبناء الطائفة أينما كانوا، ما يعزز من تماسك الجبهة الداخلية.

يسكن الدروز مناطق حدودية مع لبنان وسوريا فضلاً عن إتقانهم اللغة العربية ما يسمح لهم للعمل في مناصب استخباراتية حساسة.

على الرغم من ذلك، يوجد عدد من دروز الجولان المحتل ما زالوا يرفضون الخدمة العسكرية الاسرائيلية ويعتبرون أنفسهم جزءاً من دروز سوريا.

مصدر الصورة

يؤكد أفيتار ألون، المستشار الأمني السابق لدى وزارة الدفاع الإسرائيلية، أن اهتمام إسرائيل بالدروز في سوريا ليس موقفاً عابراً بل امتداد لعلاقة تاريخية واستراتيجية راسخة، موضحاً أن هذه الطائفة تشكل جزءاً من النسيج الإقليمي الذي تربطه بإسرائيل "روابط اجتماعية وأمنية وثيقة".

وفي حديثه لبي بي سي، أشار ألون إلى أن مناشدات عديدة تصدر من داخل الطائفة الدرزية في إسرائيل تطالب الحكومة بالتدخل لحماية دروز سوريا، خاصة في مناطق التوتر مثل الجنوب السوري، ما يفرض على إسرائيل مسؤولية "أخلاقية وسياسية"، على حد وصفه.

ويضيف أن إسرائيل تسعى من خلال تدخلها أيضاً إلى توجيه رسالة إقليمية، مفادها أنها تملك نفوذاً لا يمكن تجاهله، خصوصاً مع تنامي النفوذ التركي وسعي أنقرة لبسط تأثيرها على الأقليات في سوريا.

وفي رده على الانتقادات التي تطال موقف إسرائيل من الأزمة، يوضح ألون أنها تستخدم قنوات علنية وسرية لإيصال رسائلها إلى الأطراف المعنية، وأن عدم ظهور رد فعل مباشر من النظام السوري لا يعني أن الرسائل لم تصل.

ويشير إلى أن هناك تنسيقاً وثيقاً مع الولايات المتحدة بشأن ملف الدروز، ما يعكس أن السياسة الإسرائيلية في هذا الصدد "ليست ارتجالية، بل مبنية على رؤية استراتيجية طويلة المدى".

من جانبه، يقول مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس، إن اهتمام إسرائيل بالدروز ينبع أيضاً من القلق المتزايد إزاء تنامي الجماعات الجهادية على حدودها، في ظل تراجع الدور الروسي وانهيار نفوذ النظام السوري في بعض المناطق.

ويضيف أن التحالف بين إسرائيل والدروز يعود إلى بدايات القرن العشرين وتعمق بعد استقلال الدولة العبرية، مشيراً إلى أن هذا الارتباط يُعرف بـ"بريت داميم" أو "تحالف الدم"، في إشارة إلى مشاركة الدروز في صفوف الجيش الإسرائيلي.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا