آخر الأخبار

تركيا.. مناقصة تاريخية لإطلاق شبكات الجيل الخامس

شارك

أنقرة- دخلت تركيا رسميا سباق التحول الرقمي بإطلاقها مناقصة تاريخية لتشغيل شبكات الجيل الخامس (جي 5)، في خطوة وصفت بأنها الأهم في مسار تحديث بنيتها التحتية للاتصالات.

جمعت المناقصة، التي أُجريت الخميس الماضي بمشاركة شركات الاتصالات الثلاث الكبرى (ترك تيليكوم، وتوركسل، وفودافون)، عروضا تجاوزت 2.9 مليار دولار، بعدما كانت التقديرات الأولية تشير إلى نحو ملياري دولار فقط.

شملت المنافسة 11 حزمة تردد ضمن نطاقي 700 ميغاهرتز و3.5 غيغاهرتزات، لتدر على خزينة الدولة عائدات تقدر بنحو 3.5 مليارات دولار بعد احتساب الضرائب، وفق ما أعلن وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو.

ترقب الانطلاق

من المقرر أن تنطلق أول إشارة للجيل الخامس في تركيا مطلع أبريل/نيسان 2026، على أن تُطرح الخدمة تدريجيا في المدن الكبرى قبل أن تمتد لتغطي معظم أنحاء البلاد خلال عام واحد تقريبا، وفق الجدول الزمني المعلن.

تشير تقديرات اقتصادية إلى أن مشغلي الاتصالات سيضخون استثمارات بمليارات الدولارات خلال السنوات المقبلة لتحديث شبكاتهم بما يتوافق مع متطلبات التقنية الجديدة، وهو ما سيخلق حراكا اقتصاديا واسعا يمتد من الصناعات الإلكترونية والمعدات إلى فرص العمل في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا.

مصدر الصورة ممثلو شركة توركسل خلال المناقصة (الأناضول)

ووصف وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو نتائج المناقصة بأنها نقطة تحول كبرى في مسار الاقتصاد الرقمي التركي، موضحا أن العائدات التي فاقت التوقعات "ستسهم بصورة مباشرة في دعم خزينة الدولة وتعزيز النمو الاقتصادي ". وأكد الوزير أن تركيا "تدخل مرحلة جديدة من الثورة الرقمية" ترتكز على الإنتاج المحلي والتنافسية التكنولوجية، في إطار رؤية تجعل من التقنية محركا رئيسيا للتنمية الشاملة.

وشدد أورال أوغلو على أن الحكومة جعلت للإنتاج المحلي والتكنولوجيا الوطنية أولوية خلال التحضير للمناقصة، لضمان مشاركة الموردين المحليين في تصنيع وتطوير مكونات الشبكات الجديدة قدر الإمكان.

إعلان

ويأتي هذا التوجه انسجاما مع إستراتيجية أنقرة لتحقيق الاكتفاء التقني الذاتي وتقليص الاعتماد على الشركات الأجنبية، بما يعزز استقلالية الاقتصاد الوطني ويضيق الفجوة التقنية بين تركيا والدول الصناعية الكبرى، فاتحا الباب أمام جني عوائد اقتصادية مستدامة من الثورة الرقمية المقبلة.

مكاسب اقتصادية

لا تقتصر أهمية مناقصة الجيل الخامس على عائداتها المالية الكبيرة فحسب، بل تتجاوزها إلى تأسيس بنية تحتية رقمية متقدمة تمهد لازدهار الاقتصاد الرقمي في تركيا.

في السياق، يقول المحلل الاقتصادي عمر أكوتش إن إطلاق مناقصة الجيل الخامس يمثل منعطفا في مسار بناء السيادة الرقمية لتركيا، ويمنحها قدرة غير مسبوقة على التحكم في أدواتها التكنولوجية وتعزيز استقلالها الاقتصادي.

وأوضح -في حديث مع الجزيرة نت- أن الترددات الجديدة ستُحدث نقلة نوعية في بنية الاقتصاد الوطني، من خلال رفع كفاءة القطاعات الإنتاجية وتمكينها من الاعتماد على تطبيقات صناعية وتجارية أكثر ابتكارا، بما ينعكس إيجابا على جودة الخدمات العامة والخاصة في آن واحد.

وأضاف أكوتش أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام تدفق استثمارات كبيرة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وستُسهم في خلق بيئة خصبة لنمو الشركات الناشئة والصناعات الإبداعية التي تعتمد على الاتصال فائق السرعة لتطوير منتجات وخدمات جديدة.

واعتبر أن انتشار شبكات الجيل الخامس سيؤدي إلى توسيع قاعدة الاقتصاد المعرفي في تركيا وزيادة القيمة المضافة المحلية، مما يعزز موقع البلاد كمركز إقليمي للتقنية والابتكار في السنوات المقبلة.

مصدر الصورة لجنة المناقصة (الأناضول)

تحولات ممتدة

ترى الباحثة في شؤون الاتصالات الفضائية بشرى دينيز أن إدخال شبكات الجيل الخامس إلى تركيا سيُحدث تحولا بنيويا عميقا في الاقتصاد والخدمات العامة، نظرا لما ستتيحه هذه التقنية من بنية رقمية متقدمة تمتد آثارها إلى قطاعات الصناعة والنقل والتعليم والصحة والإدارة الحكومية.

وأوضحت دينيز -في حديثها مع الجزيرة نت- أن القطاع الصناعي سيكون من أبرز المستفيدين، وستمكن شبكات الجيل الخامس آلاف الآلات في المصانع من التواصل اللحظي فيما بينها، مما يحدث نقلة نوعية نحو ما يُعرف بـ"التصنيع الذكي".

وهذه القدرة على الاتصال الفوري، حسب قولها، ستقلل الأعطال وتزيد من كفاءة خطوط الإنتاج وتخفض التكاليف التشغيلية، مما يعزز قدرة الصناعة التركية على المنافسة عالميا.

وأضافت أن قطاع النقل والخدمات اللوجيستية سيشهد بدوره تطورا في الأداء، وستُتيح السرعات العالية وزمن الاستجابة المنخفض للمركبات ذاتية القيادة اتخاذ قرارات آنية أكثر أمانا، في حين ستسهم الشبكات الذكية المزودة بأجهزة استشعار في تحسين إدارة حركة المرور وخفض الازدحام والحوادث، وهو ما سيُترجم إلى مكاسب اقتصادية ملموسة من خلال تقليل الهدر في الوقت والوقود وتعزيز كفاءة الإمداد والنقل.

وبشأن قطاعي التعليم والخدمات الحكومية، أكدت الباحثة أن شبكات الجيل الخامس ستفتح الباب أمام جيل جديد من التعليم التفاعلي القائم على تقنيات الواقعين الافتراضي والمعزز، مما سيجعل الفصول الدراسية متاحة رقميا بجودة عالية من أي مكان، كما ستسهم هذه الشبكات في تسريع بناء المدن الذكية، وتتيح تقنية إنترنت الأشياء للإدارات المحلية والحكومية إدارة المرافق العامة والطوارئ والمواصلات بكفاءة وسرعة أكبر.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار