آخر الأخبار

نتانياهو يعترف بـ«أرض الصومال» ويفتح باب التوتر في القرن الإفريقي

شارك
بواسطة محمد قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد قادري

● نتانياهو يعترف بـ«أرض الصومال» ويفتح باب التوتر في القرن الإفريقي

الجزائر الآن – في خطوة استفزازية جديدة تكشف عن أطماع الكيان الصهيوني التوسعية في المنطقة العربية والإسلامية.

أعلن رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو اعتراف كيانه رسميًا بجمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة ذات سيادة.

في خطوة تمثل أول اعتراف علني من دولة الاحتلال باستقلال هذا الإقليم الانفصالي الواقع في القرن الإفريقي.

وكان الجانبان قد وقعا اتفاقًا لتأسيس علاقات دبلوماسية كاملة تشمل تعيين سفراء وفتح سفارات في عواصم البلدين، وذلك في احتفال رسمي حضره وزير الخارجية الصهيوني جدعون ساعر ورئيس ما يسمى أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله.

● ما هي أرض الصومال؟

مصدر الصورة

أرض الصومال، أو ما يُعرف بـ “صوماليلاند”، هي إقليم انفصالي يقع في الجزء الشمالي الغربي من الصومال على ساحل خليج عدن.

أُعلن ميلاد جمهورية أرض الصومال من طرف واحد في 18 ماي 1991، بعد انهيار النظام المركزي في الصومال وسقوط حكم الرئيس محمد سياد بري.

تاريخيًا، كانت المنطقة مستعمرة بريطانية خلال الفترة من 1884 إلى 1960، بينما كان الجنوب الصومالي يخضع للاستعمار الإيطالي.

في جوان 1960، استقلت أرض الصومال عن بريطانيا وبادرت بالانضمام إلى الصومال الجنوبي الذي استقل بدوره في الأول من جويلية من العام نفسه، لتشكيل جمهورية الصومال الموحدة.

لكن في الثمانينيات، اندلعت انتفاضة ضد نظام سياد بري في الإقليم الشمالي، قابلها النظام بقمع وحشي.

سُجلت وفاة أكثر من 50 ألف شخص بعد القصف الذي شنته الطائرات الحكومية على هرجيسا، عاصمة الإقليم الانفصالي.

بعد هذه الحرب الأهلية الدموية وانهيار الحكم المركزي، أعلنت أرض الصومال انفصالها من جانب واحد.

وهو ما لم تعترف به الحكومة الفيدرالية الصومالية في مقديشو ولا المجتمع الدولي طيلة أكثر من ثلاثة عقود.

تبلغ مساحة أرض الصومال حوالي 137,600 كيلومتر مربع (أكبر من مساحة إيرلندا)، ويبلغ عدد سكانها قرابة ستة ملايين نسمة.

عاصمتها هرجيسا، وتتمتع بموقع استراتيجي على ساحل البحر الأحمر وخليج عدن، مما يمنحها أهمية كبيرة في طرق الملاحة الدولية.

● العلاقة مع الصومال الفيدرالي

رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على إعلان الانفصال، لا تزال الحكومة الفيدرالية الصومالية في مقديشو تعتبر أرض الصومال جزءًا لا يتجزأ من أراضيها.

وقد شهدت العلاقات بين الطرفين توترات متكررة، مع رفض مقديشو القاطع لأي محاولات دولية للاعتراف بالانفصال.

ورغم أن أرض الصومال نجحت في تحقيق استقرار نسبي مقارنة ببقية مناطق الصومال التي عانت من الحروب الأهلية والتطرف، ونظمت انتخابات ديمقراطية متعددة.

إلا أنها ظلت محرومة من الاعتراف الدولي، مما حرمها من عضوية المنظمات الدولية والوصول إلى القروض والمساعدات الدولية.

● مؤامرة صهيونية في القرن الإفريقي

مصدر الصورة

يأتي اعتراف الكيان الصهيوني بأرض الصومال في إطار استراتيجية توسعية واضحة تهدف إلى بسط النفوذ الصهيوني في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، المنطقة الحيوية للأمن القومي العربي والإسلامي.

وفقًا لمحللين، فإن الأهداف الصهيونية من هذا الاعتراف تتمثل في:

●1 ـ إقامة قاعدة عسكرية استراتيجية

تسعى تل أبيب إلى إنشاء قاعدة عسكرية في ميناء بربرة الاستراتيجي على خليج عدن، الذي يطل على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم.

هذا الموقع يمنح الكيان الصهيوني القدرة على مراقبة الحركة البحرية ومهاجمة أهداف في اليمن والمنطقة.

تشير التقارير إلى وجود رغبة جامحة للاحتلال في إيجاد موطئ قدم له في القرن الإفريقي وعند الضفة الأخرى لمضيق باب المندب، لاستهداف جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين) والحد من النفوذ الإيراني في المنطقة.

●2 ـ تطويق الأمة العربية والإسلامية

يندرج هذا التحرك ضمن مشروع “إسرائيل الكبرى” التوسعي الذي يسعى نتنياهو لتنفيذه.

فبعد توسع الاحتلال في فلسطين والجولان السوري، ها هو يمد أذرعه نحو القرن الإفريقي، في محاولة لتطويق الأمة من كل الجهات.

● 3 ـ الدور الإماراتي المشبوه

تشير التقارير إلى أن الإمارات العربية المتحدة لعبت دور الوسيط بين تل أبيب وأرض الصومال. كشفت مصادر أن الإمارات أكدت لقيادة أرض الصومال أن حكومة نتنياهو مستعدة للاعتراف بوضعها الرسمي مقابل السماح بإنشاء قاعدة عسكرية صهيونية.

هذا الدور يكشف مجددًا عن الوجه الحقيقي للإمارات التي تعمل على تطبيع الوجود الصهيوني في المنطقة العربية والإسلامية.

● 4 ـ صفقة التهجير القسري للفلسطينيين

في أخطر أبعاد هذه المؤامرة، تتحدث تقارير عن صفقة خفية تتضمن قبول أرض الصومال استيعاب فلسطينيين مهجرين من غزة مقابل الاعتراف الدولي بها.

هذا المخطط الخبيث يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتفريغ غزة من سكانها الأصليين.

● رفض الشرعية الدولية

من المهم التأكيد على أن اعتراف الكيان الصهيوني بأرض الصومال يفتقر إلى أي سند قانوني دولي.

الاعتراف باستقلال الدول يحتاج إلى سند قانوني وموافقة صريحة من مجلس الأمن الدولي.

الكيان الصهيوني، كقوة احتلال غير شرعية، ليس لها الحق في الاعتراف بأي كيانات سياسية.

كما أن هذا الاعتراف لن يغير الواقع على الأرض، حيث لا تزال الحكومة الفيدرالية الصومالية والشعب الصومالي والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ترفض الاعتراف بانفصال أرض الصومال.

● موقف الصومال والعالم العربي

تاريخيًا، اتخذت الصومال موقفًا قوميًا معاديًا للكيان الصهيوني منذ استقلالها، وانضمت إلى جامعة الدول العربية عام 1974.

عندما بعث الرئيس الصهيوني برقية تهنئة للرئيس الصومالي بمناسبة الاستقلال عام 1960، تجاهلت الحكومة الصومالية البرقية، معلنة أنها في حالة حرب مع الكيان الصهيوني.

ومن المتوقع أن تصدر الحكومة الفيدرالية الصومالية بيانًا قويًا يدين هذا الاعتراف غير الشرعي ويؤكد على وحدة الأراضي الصومالية. كما يُتوقع أن تتحرك جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي لرفض هذا الاعتراف والتأكيد على موقفهما الداعم لوحدة الصومال.

● التداعيات الخطيرة

هذا الاعتراف الصهيوني يحمل تداعيات خطيرة على المنطقة:

ـ زعزعة الاستقرار الإقليمي: قد يشجع الحركات الانفصالية في القارة الإفريقية والمنطقة العربية، مما يؤدي إلى مزيد من التفتت والصراعات.

ـ تهديد الأمن القومي العربي: وجود قواعد عسكرية صهيونية على البحر الأحمر يشكل تهديدًا مباشرًا لمصر والسودان والسعودية واليمن ودول المنطقة.

ـ تمرير مشاريع التهجير: محاولة تصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير أهل غزة إلى إفريقيا.

ـ تمزيق الصومال: تكريس الانقسام وإضعاف الدولة الصومالية التي بدأت تستعيد عافيتها بعد عقود من الفوضى.

● الموقف المفروض للدول العربية وافسلامية

على العالم العربي والإسلامي أن يقف بحزم ضد هذه المؤامرة الصهيونية الجديدة:

ـ دعم الحكومة الفيدرالية الصومالية سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا لتعزيز سيطرتها على كامل أراضيها.

ـ رفض قاطع لأي اعتراف بأرض الصومال من أي طرف دولي، والضغط على الدول الكبرى لعدم الانجرار وراء المخطط الصهيوني.

ـ فضح الدور الإماراتي في خدمة المصالح الصهيونية ضد الأمن القومي العربي.

ـ دعم القضية الفلسطينية ورفض أي مشاريع للتهجير القسري تحت أي ذريعة.

ـ تفعيل العمل العربي المشترك لحماية الأمن القومي العربي في البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

ويبقى الأكيد أنّ اعتراف الكيان الصهيوني بأرض الصومال ليس مجرد خطوة دبلوماسية عابرة، بل هو جزء من مخطط استراتيجي طويل الأمد يهدف إلى تمزيق المنطقة وبسط الهيمنة الصهيونية على مقدرات الشعوب. هذا المخطط لن ينجح إلا إذا صمتت الشعوب وتقاعست الحكومات.

الصومال الموحد والقوي هو مصلحة عربية وإسلامية، والوجود الصهيوني في القرن الإفريقي هو خطر على الجميع. الموقف الآن يتطلب حزمًا وحكمة ووحدة في مواجهة المشروع التوسعي الصهيوني الذي لا يعرف حدودًا ولا يعترف بحقوق.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا