الوكالة الوطنية للنشر والإشهار.. من صالون الكتاب إلى هندسة الوعي الوطني
غراب: ( ANEP ) شريك فاعل في صناعة الكتاب والرقمنة الثقافية
الجزائر الآن _ في زمن تتقاطع فيه الثقافة مع الاقتصاد، ويغدو الإعلام أحد أدوات القوة الوطنية، تبرز المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار (ANEP) كإحدى الركائز الاستراتيجية في بناء المشهد الثقافي والإعلامي الجزائري الحديث.
فمنذ تأسيسها، لم تكن مجرد دار نشر أو وكالة إشهار، بل مشروع دولة يسعى لترسيخ السيادة الإعلامية والثقافية، عبر دعم الكتاب الجزائري، وتطوير الصناعة الإشهارية ، وتحديث أدوات الاتصال بما يواكب التحول الرقمي الذي تعرفه الجزائر الجديدة.
وفي المعرض الدولي للكتاب بالصنوبر البحري، تجسدت هذه الرؤية بوضوح، حيث شاركت (ANEP) بحضور قوي يعكس موقعها الريادي ودورها الحيوي في صناعة المعرفة وترقية المقروئية، لتؤكد من جديد أنها ليست مؤسسة تجارية فحسب، بل رافعة فكرية واقتصادية تسهم في تشكيل وعي الأمة ودعم اقتصادها الوطني.
الوكالة الوطنية للنشر والإشهار.. من صالون الكتاب إلى هندسة الوعي الوطني
ففي أجواء ثقافية مفعمة بالحيوية والإبداع، يشهد المعرض الدولي للكتاب بالصنوبر البحري حركية لافتة وإقبالًا كبيرًا من عشاق القراءة الذين توافدوا لاكتشاف أحدث الإصدارات الأدبية والفكرية . وقد أشرف الوزير الأول سيفي غريب على افتتاح فعاليات الطبعة الثامنة والعشرين، المنظمة تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، تحت شعار “الكتاب ملتقى الثقافات”، في تأكيد لدور الجزائر كمنبر للحوار الثقافي وملتقى للحضارات.
وخلال كلمته، أكد الوزير الأول استعداد الحكومة لرفع العراقيل أمام الناشرين وتقديم التسهيلات اللازمة لدعم المؤسسات الثقافية وتطوير صناعة الكتاب، مشيرًا إلى أن الجزائر تطمح لأن تكون “منارة للفكر والإبداع”. كما دعا إلى مواكبة التحول الرقمي الذي يقوده الشباب، ويصنعون من خلاله مستقبل الثقافة الوطنية.
الوكالة الوطنية للنشر والإشهار.. من صالون الكتاب إلى هندسة الوعي الوطني
وعلى هامش زيارته لجناح المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار (ANEP)، أشاد الوزير الأول بدورها الفاعل والرائد في دعم صناعة الكتاب وترقية الإبداع الجزائري، داعيًا إلى مواصلة رقمنة الأرشيف وتحديث وسائل التوزيع بما يواكب التحولات التكنولوجية الحديثة ويعزز مكانة الجزائر الثقافية.
غراب: تشجيع المقروئية في الجزائر رهان وطني يتطلب إرادة دولة
أكد حسان غراب، مستشار وحدة النشر في المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار (ANEP)، أن إشادة الوزير الأول بجهود المؤسسة في تطوير قطاع النشر والإشهار الوطني تأتي في إطار الاستراتيجية الثقافية الشاملة للحكومة الجزائرية، موضحًا أن المؤسسة باتت تجسد هذا التوجه من خلال مشاريعها الكبرى الرامية إلى تطوير صناعة الكتاب، والرفع من المقروئية، ودعم المبدعين في مختلف المجالات الأدبية والعلمية والتاريخية والقانونية.
أناب.. دعم للثقافة وتحفيز على القراءة بتخفيضات غير مسبوقة
وأوضح غراب أن مشاركة المؤسسة في المعرض الدولي للكتاب، الذي يعرف مشاركة 1555 عارضًا من 49 دولة، بينهم 291 جزائريًا و974 أجنبيًا، قدموا ما يفوق 240 ألف عنوان، تُتوقع له استقطاب خمسة ملايين زائر، تعكس الدور الريادي للمؤسسة في إثراء المشهد الثقافي الوطني.
وأضاف أن (ANEP) تسعى باستمرار إلى التميز في المنتوج الأدبي من حيث الجودة والنوعية والتنافسية في الأسعار، كاشفًا عن تخفيض استثنائي بنسبة 30٪ على باقة إصداراتها السابقة، باستثناء إصدارات سنة 2025 الجديدة، في خطوة تهدف إلى تحفيز القراءة وتوسيع قاعدة القراء في الجزائر.
بوابة للمواهب الجديدة وتوازن بين البعد الثقافي والنجاح الاقتصادي
أبرز غراب أن المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار أصبحت فاعلًا أساسيًا في دعم الإبداع وترقية المواهب الوطنية في مختلف المجالات الفكرية والأدبية، حيث تفتح أبوابها أمام جميع المبدعين الجزائريين دون فرض أي مقابل مالي لنشر أعمالهم، شريطة استيفاء الشروط القانونية لدى الديوان الوطني لحقوق المؤلف.
وأوضح أن لجنة القراءة التابعة للمؤسسة تتولى دراسة الأعمال المقدمة وتقييمها من الجانبين الفني والفكري، وفي حال الموافقة يتم توقيع اتفاقية شراكة تتيح للطرفين ضمان الطباعة والتوزيع والتسويق وفق معايير احترافية.
وأكد أن المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار ،تراعي في جميع إصداراتها المعايير الفنية والتقنية التي تعكس الطابع الاحترافي لمنتجاتها من حيث التصميم والجمالية وجودة الإخراج، مضيفًا أن المؤسسة تسعى إلى تحقيق التوازن بين الربحية والدعم الثقافي، بتخفيضات تصل إلى 30٪ من هامش الربح لفائدة القراء، مع ضمان جودة عالية تجعل من إصداراتها مرجعًا في السوق الوطنية.
وفيما يخص التوزيع، أوضح غراب أن (أناب) أبرمت اتفاقية مع مؤسسة بريد الجزائر، عبر فرعها “أناب للبريد السريع”، لإيصال الكتب إلى مختلف مناطق الوطن، مما يتيح للقراء طلب إصداراتهم مباشرة من أي ولاية، في خطوة ترمي إلى تعزيز المقروئية واعتماد حلول رقمية مبتكرة لتوسيع فضاءات النشر الإلكتروني.
موقع استراتيجي في القطاع الإعلامي والإعلاني الوطني
تُعد المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، التي تأسست سنة 1967، ركيزة أساسية في القطاع الإعلامي والإعلاني الوطني.
بصفتها مؤسسة عمومية اقتصادية وشركة ذات أسهم برأسمال قدره 7.750.000.000 دج، تجمع المؤسسة بين الدور الخدمي والتوجه الاقتصادي الاستراتيجي، بما يضمن دعم الإنتاج الوطني وتعزيز حضور الجزائر داخليًا وخارجيًا.
وتتبوأ (أناب) موقعًا استراتيجيًا في نقل المعلومات وتعزيز الاتصال بين مختلف الفاعلين الوطنيين، من مؤسسات عمومية وخاصة، كما تقدم استشارات مهنية لتسيير الميزانيات الإعلانية بفعالية، وتسهم في دعم المنتج الوطني وتعزيز التفاعل بين المنتجين والمستهلكين، ما يقوي سوق الإعلان المحلي.
الإشهار كأداة استراتيجية في العصر الحديث
يرى المختصون في الشأن الإعلامي أن الإشهار أصبح أداة استراتيجية لكل مؤسسة تسعى إلى تعزيز حضورها في الأسواق وتوسيع قاعدة عملائها. فمع تطور الاقتصاد والتكنولوجيا، انتقل التركيز من الإنتاج إلى المستهلك، وأصبح الإشهار الوسيلة الأكثر فعالية للتأثير على قراراته الشرائية، مما جعله عنصرًا حاسمًا في التنافسية الاقتصادية والإعلامية على حد سواء.
بنية استراتيجية لتطوير الإعلام والإشهار ودعم الصناعات الوطنية
منذ تأسيسها، تضطلع (أناب) بدور محوري في أداء الخدمة العمومية في قطاع الاتصال والإشهار والنشر، وتساهم في تنظيم السوق الوطنية من خلال إدارة الحملات الإعلانية، وإنتاج وتوزيع المنشورات والمطبوعات، وتنظيم التظاهرات الثقافية والتجارية.
وتوسعت أنشطة المؤسسة لتشمل خدمات البريد السريع والطباعة والنشر الإلكتروني، ما يعكس رؤيتها الشاملة لتطوير قطاع الإعلام والإشهار في الجزائر.
هيكل المؤسسة وفروعها الاستراتيجية
يتكون مجمع (أناب) من وحدات متخصصة تشمل وحدة الإعلانات، وحدة النشر والتوزيع، ووحدة الطباعة، مدعومة بثلاثة فروع رئيسية:
أناب اتصال وإشارات: لتعزيز حلول الاتصال البصري.
أناب البريد السريع: لتوسيع نطاق التوزيع الوطني والدولي.
أناب السمعي البصري: المشرف على قناة الجزائر الدولية، لتعزيز البعد الإعلامي والثقافي عالميًا.
كما تساهم المؤسسة بنسبة 17.72٪ في “المؤسسة الجزائرية للورق – ألباب ش.ذ.أ”، ما يعكس حرصها على تأمين سلسلة إنتاج متكاملة ودعم الصناعات الوطنية ذات الصلة.
المصدر:
الجزائر الآن
مصدر الصورة