تحيي الجزائر السبت، الذكرى الـ 71 للثورة التحريرية المجيدة أول نوفمبر 1954، والتي تمثل حدثا فارقا، جسد تضحيات أبطال الثورة التحريرية وصنع أمجاد شعب رسم بدماء أبنائه عهدا جديدا أنهى 132 عاما من الاستعمار الاستيطاني الفرنسي.
وفي هذا السياق، أشار أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة البليدة 2، محفوظ عاشور، إلى أن “الفاتح من نوفمبر 1954 يمثل لحظة مفصلية في تاريخ الجزائر، باعتباره اليوم الذي اندلعت فيه أكبر ثورة تحريرية عرفها القرن العشرون، ليس في إفريقيا فحسب، بل في العالم بأسره”.
وقد جاءت هذه الثورة المنفردة “تتويجا لكفاح طويل بدأ منذ وطئت أقدام الاحتلال الفرنسي أرض الجزائر، بمقاومات بطولية متعاقبة، وصولا إلى الحركة الوطنية التي أدركت بعد مجازر 8 مايو 1945 أن الاستقلال لن يسترجع إلا بالسلاح”.
وبتراكم هذه النضالات التي انصهرت في بوتقة واحدة، تجلت الثورة المجيدة التي شكل اندلاعها “صدمة للاستعمار الفرنسي الذي فوجئ بمواجهة وضع صعب، استوجب منه دعم جيشه المتواجد بالجزائر بإمدادات بشرية وبعتاد حربي متطور، ثم الاستنجاد بالحلف الأطلسي”, يقول عاشور.
وقد أدت ثورة أول نوفمبر إلى وضع الإدارة الفرنسية في مأزق عسكري، نتيجة البطولات والانتصارات التي حققها جيش التحرير، ومأزق سياسي بسبب الانتصارات التي حققتها دبلوماسية الثورة ، في المحافل الدولية وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة”.
ويرى عاشور أن حجم الصمود والتضحيات التي قوبل بها المحتل الفرنسي “صقل الهوية الوطنية”، حيث أضحت الذاكرة الوطنية “حاضرة في كل شبر من أرض الجزائر، فكل مكان وكل تاريخ يذكرنا ببطولات وتضحيات الشعب الجزائري”.
من جهته، لفت أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة الجزائر2، مصطفى نويصر، إلى أن الثورة الجزائرية تجاوزت كونها حدثا وطنيا، حيث شكلت مصدر فخر واعتزاز لكل الشعوب الافريقية والعربية التي “استعادت ثقتها بذاتها، بعدما كانت الأمة تعيش حالة من الانكسار، فانتصارها منح الأمل للشعوب المستعمرة”.
فقد كانت الثورة الجزائرية –كما ذكر به السيد نوصير– “أول ثورة يلتف حولها العرب بمختلف توجهاتهم، يتابعون أخبارها عبر إذاعة +صوت العرب+ ويعتبرونها معركة كل الأمة ضد الاستعمار”.
أما على الصعيد الإنساني، فقد تحولت ثورة أول نوفمبر إلى “مدرسة عالمية في مقاومة الاستعمار”, بحيث “أثبتت أن إرادة الشعوب قادرة على تحطيم أقوى الإمبراطوريات الاستعمارية”.
بدورها، أوضحت الباحثة في التاريخ، أميرة زاتير، أن ثورة أول نوفمبر “لم تأت صدفة، بل تأسست على تراكم نضالي وسياسي وفكري امتد لعقود”, خلده بيان أول نوفمبر الذي كان بمثابة “الميثاق الوطني الجامع الذي وحد الجزائريين حول هدف واحد هو استرجاع السيادة الوطنية”.
كما عرجت على التنظيم المحكم الذي تم اعتماده خلال الثورة التحريرية، بتقسيم البلاد إلى ولايات تاريخية، مع إرساء تنسيق دقيق بين الداخل والخارج، ما جعلها “نموذجا في التسيير الثوري”.
كما استذكرت الباحثة وحشية جرائم المستعمر الفرنسي الذي مارس أبشع أنواع التنكيل والتقتيل في حق الجزائريين، ساعيا إلى طمس الدين واللغة والهوية الوطنية، وهو ما قابله الجزائريون بالوحدة والإصرار.
وإزاء ذلك، انخراط الشعب الجزائري، بكل فئاته، في ملحمة وطنية من أجل الحرية، ما شكل “جوهر انتصار الثورة المجيدة، التي ستظل، للأبد، مصدر فخر واعتزاز لكل الجزائريين”.
@ المصدر: وكالة الأنباء الحزائرية
المصدر:
الإخبارية