خبير أممي يكشف: “قرار مجلس الأمن حول الصحراء الغربية “خلطة عجيبة” مستحيلة التطبيق”
عبد الحميد صيام: “كيف يمكن الجمع بين تقرير المصير والسيادة المغربية في نفس الوقت؟”
في تحليل قانوني وسياسي دقيق، وصف الدكتور عبد الحميد صيام، أستاذ العلوم السياسية في جامعة روجرس الأمريكية، والخبير الأممي ،قرار مجلس الأمن حول الصحراء الغربية بأنه “خلطة عجيبة” تجمع بين متناقضات لا يمكن التوفيق بينها، مؤكداً أن القرار “يستحيل تطبيقه على أرض الواقع”.
وفي تصريحات لقناة “العربي” ، كشف صيام عن التناقضات العميقة التي يحملها القرار، والتي تجعله غير قابل للتنفيذ من الناحية القانونية والعملية.
التناقض الأول: حل تفاوضي يرضي الطرفين أم فرض الحكم الذاتي؟
يقول صيام إن القرار “من جهة يدعو إلى حل تفاوضي يرضي الطرفين ويضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ، ومن جهة أخرى يعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب سنة 2007 أساساً لهذه المفاوضات، وهذا لا يستقيم”.
ويطرح السؤال المحوري: “كيف يمكن الحديث عن رضا الطرفين بالمفاوضات والقرار يقول على أساس الحكم الذاتي؟”
هذا التناقض يكشف أن القرار يريد أن يكون حيادياً (حل يرضي الطرفين) ومنحازاً (على أساس الحكم الذاتي) في نفس الوقت، وهو أمر مستحيل منطقياً وقانونياً.
التناقض الثاني: تقرير المصير مقابل السيادة المغربية
يلفت صيام الانتباه إلى أن “هناك نصاً يشير مرتين إلى قضية حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره”، لكن القرار في الوقت نفسه يرحب بمبادرة الحكم الذاتي المغربية ويعتبرها أساساً للمفاوضات.
ويؤكد بحسم: “لا يمكن تحقيق تقرير مصير الشعب الصحراوي والسيادة المغربية على الصحراء الغربية في نفس الوقت”.
هذا التناقض الجوهري يجعل القرار عبارة عن “خلطة عجيبة لا يمكن أن تجمع هذه المتناقضات”، بحسب تعبير صيام.
خطوة نحو الموقف المغربي لكن دون فرض السيادة
رغم التناقضات، يرى صيام أن “هذا القرار اقترب خطوة إلى الموقف المغربي بالترحيب بمبادرة الحكم الذاتي وطلب المفاوضات واعتبار أن هذه المبادرة قد تكون الأفضل”.
لكنه يلفت الانتباه إلى تفصيل لغوي مهم: “لاحظ أن القرار استعمل عبارة (قد) عند الحديث عن المبادرة المغربية من أجل التوصل إلى حل عادل، فهو أخذ بها ورحب بها ولكنه لم يفرضها، أي لم يفرض السيادة المغربية على الصحراء الغربية”.
استخدام كلمة “قد” يعني أن المبادرة المغربية ليست الحل الوحيد أو الحتمي، بل مجرد احتمال من بين احتمالات أخرى، وهو ما يقوّض الرواية المغربية عن “انتصار تاريخي”.
التمييز بين المفاوضات والتشاور
يكشف صيام عن تفصيل مهم في صياغة القرار، قائلاً: “هناك فرصة بأن يتفاوض مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مع الطرفين والتشاور مع بقية الأطراف ويقصد الجزائر وموريتانيا”.
وهذا يعني أن “المفاوضات تكون مع طرفي النزاع البوليساريو والمغرب، أما التشاور فيكون مع الجزائر وموريتانيا”.
هذا التمييز بين “المفاوضات” و”التشاور” يؤكد أن جبهة البوليساريو تظل طرفاً رئيسياً في النزاع، وليست مجرد ممثل للجزائر كما يحاول المغرب تصويرها.
حذف مقترحات البوليساريو انحياز واضح
يشير صيام إلى أن “من جهة أخرى لقد تم حذف مقترحات البوليساريو التي قدمتها للأمين العام، وتم الاكتفاء بالمبادرة المغربية”.
هذا الحذف يمثل انحيازاً واضحاً في القرار، ويتناقض مع مبدأ التفاوض بين طرفين متساويين. كيف يمكن الحديث عن “حل يرضي الطرفين” بينما يتم تجاهل مقترحات أحد الطرفين تماماً؟
يضيف صيام: “لهذه الخلطة كانت أوضح في القرارات السابقة عند الحديث عن المبادرة المغربية”، في إشارة إلى أن القرارات السابقة كانت أكثر توازناً في التعامل مع مقترحات الطرفين.
قرار غير واقعي على الإطلاق
يختم صيام تحليله بخلاصة حاسمة: “في الأخير، القرار عبارة عن خلطة عجيبة لا يمكن أن تجمع هذه المتناقضات، لا يمكن تحقيق تقرير مصير الشعب الصحراوي والسيادة المغربية على الصحراء الغربية في نفس الوقت، باختصار قرار مجلس الأمن غير واقعي على الإطلاق”.
التناقضات الخمسة القاتلة في القرار
بناءً على تحليل الدكتور صيام، يمكن تلخيص التناقضات الجوهرية في القرار كالتالي:
1ـ حل يرضي الطرفين مع أساس محدد مسبقاً
القرار يدعو إلى حل تفاوضي يرضي الطرفين، لكنه في نفس الوقت يحدد مسبقاً أن المفاوضات يجب أن تكون على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
2ـ تقرير المصير مع الحكم الذاتي
القرار يشير مرتين إلى حق تقرير المصير، لكنه يرحب بمبادرة الحكم الذاتي التي لا تتضمن خيار الاستقلال.
3 ـ مساواة الطرفين مع تجاهل مقترحات أحدهما
القرار يتحدث عن مفاوضات بين طرفين، لكنه يحذف مقترحات البوليساريو ويكتفي بالمبادرة المغربية.
4 ـ الترحيب بالمبادرة مع عدم فرضها
القرار يرحب بمبادرة الحكم الذاتي ويعتبرها أساساً للمفاوضات، لكنه يستخدم كلمة “قد” التي تعني أنها ليست الحل الحتمي.
5 ـ المفاوضات مع التشاور
خبير أممي يكشف: “قرار مجلس الأمن حول الصحراء الغربية “خلطة عجيبة” مستحيلة التطبيق”
القرار يميز بين المفاوضات (مع البوليساريو والمغرب) والتشاور (مع الجزائر وموريتانيا)، لكن هذا التمييز يتناقض مع محاولة تهميش دور البوليساريو.
لماذا القرار مستحيل التطبيق؟
بناءً على تحليل صيام، فإن القرار مستحيل التطبيق للأسباب التالية:
2 ـ التناقض القانوني
لا يمكن الجمع بين حق تقرير المصير (الذي يشمل خيار الاستقلال) والحكم الذاتي (الذي يستبعد هذا الخيار)
2 ـ التناقض السياسي
لا يمكن تحقيق حل يرضي الطرفين بينما يتم تجاهل مقترحات أحد الطرفين وفرض أساس محدد مسبقاً للمفاوضات.
3ـ التناقض الميداني
أي محاولة لفرض الحكم الذاتي دون موافقة البوليساريو ستواجه رفضاً ميدانياً وقد تعيد المنطقة إلى الحرب.
4 ـ غموض الصياغة
استخدام كلمات مثل “قد” و”التشاور” و”المفاوضات” بطريقة غامضة يجعل القرار قابلاً لتفسيرات متضاربة.
ماذا يعني هذا التحليل؟
تحليل الدكتور عبد الحميد صيام، وهو أستاذ متخصص في العلوم السياسية والقانون الدولي، يكشف أن القرار ليس سوى “خلطة عجيبة” من التناقضات التي تجعله:
ـ غير قابل للتطبيق من الناحية القانونية (لا يمكن الجمع بين تقرير المصير والسيادة)
ـ غير عادل من الناحية السياسية (تجاهل مقترحات أحد الطرفين)
ـ غير واقعي من الناحية الميدانية (أي طرف لن يقبل بما يتناقض مع موقفه الأساسي)
القرار، بحسب صيام، “غير واقعي على الإطلاق”، وهو تقييم دقيق من خبير قانوني وسياسي يكشف حقيقة هذا “الانتصار التاريخي” المزعوم.
المصدر:
الجزائر الآن
مصدر الصورة