آخر الأخبار

رسوم متحركة فرنسية للأطفال لتزيين الحقبة الاستعمارية بالجزائر!

شارك

كشفت شركة الإنتاج الفرنسية “دارجيلينغ” بالتعاون مع فريق “ميام أنيميشن” عن مسلسل رسوم متحركة جديد بعنوان “صيفنا الحار”، يحاول، حسب ما ورد في موقع Unifrance معالجة بدايات الثورة الجزائرية عام 1955 في عمل موجه للأطفال والعائلات.

غير أن هذا المشروع الذي يقدَّم كمساحة للحوار حول التاريخ، يبدو في جوهره محاولة فرنسية ناعمة لتجميل ماضيها الاستعماري وإعادة صياغة رواية الأحداث من منظورها الخاص.

وتتحدث السلسلة عن أربعة أطفال من خلفيات دينية واجتماعية مختلفة في مدينة الجزائر عشية اندلاع ثورة التحرير، حيث تعرض قصتهم “بروح إنسانية” تحاول الدعوة إلى “الأخوة والتسامح”، لكنها تتجاهل عمق المأساة الجزائرية تحت نير الاستعمار الفرنسي الذي استباح الأرض والكرامة لأكثر من 130 عامًا.

فبينما تسعى فرنسا اليوم لتعليم أطفالها تاريخها مزورًا عبر الرسوم المتحركة، تتجاهل تمامًا جرائمها التي مزقت طفولة ملايين الجزائريين الحقيقيين خلال الاحتلال.

وتستند فكرة المشروع، كما أوضح منتجوه لموقع Unifrance، إلى رغبة قناة “فرانس تي في” في خوض مواضيع تاريخية للأطفال بعد نجاح عملها السابق العطلة الطويلة. واستدعيت الروائية أليس زينيتير، صاحبة رواية فن الخسارة، لكتابة السيناريو رفقة المخرج أنطوان كولومب.

ورغم الشكل الجمالي لهذه المشاركة الأدبية والفنية، إلا أن قيمتها الإبداعية، لا تخفي حقيقة أن فرنسا لا تزال ترفض الاعتراف الرسمي بجرائمها في الجزائر، وتستبدل الاعتذار بمنتجات ثقافية ناعمة تهدف لتبييض التاريخ.

ويبدو أن المشرفين على هذه الرسوم المتحركة، قد نسوا أو ربما تناسوا وقفزوا على مأساة عاشها أطفال الجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي، حيث لم تسلم الأجساد الصغيرة البريئة من وحشية المحتل، أين قتل مئات الآلاف من الأطفال الجزائريين بطريقة مباشرة وحشية أو ماتوا جوعًا ومرضًا بسبب سياسات القمع والإبادة الجماعية.

كما استهدف المستعمر الغاشم المدارس والقرى، وحرم الأجيال من أبسط حقوقها في الحياة. وقد أمعن الاستعمار الفرنسي في قتل الطفولة وتشويه المستقبل، لزرع الخوف والهزيمة في النفوس.

وتفضح هذه الجرائم المروعة فرنسا الاستعمارية، التي لم ترحم حتى الأطفال الأبرياء، تاركة إرثًا من الألم والموت.

في السياق يزعم العمل أنه يروي قصص الهجرة وتنوع المجتمع الجزائري. غير أن هذه المقاربة الانتقائية تهمش صوت الجزائريين أنفسهم، وتحول المأساة الاستعمارية إلى قصة “تعايش” بين أطفال من مختلف الأطياف، وكأن الصراع لم يكن بين محتل وشعب مناضل من أجل الحرية.

ويتباهى صناع العمل بعرضه في مهرجان آنسي الدولي لأفلام الرسوم المتحركة 2025 وببيعه لقنوات أوروبية وكندية مثل RAI وRTS وTV5Monde، في محاولة لتسويق الرواية الفرنسية على نطاق عالمي. كما يجري إعداد نسخة مطولة مدتها 90 دقيقة لعرضها في قاعات السينما.

وبهذا المشروع، تؤكد فرنسا مرة أخرى أنها تواصل استعمار الذاكرة الجزائرية بأساليب ثقافية ناعمة، متجاهلة الاعتراف بماضيها الدموي. فبينما تتغنى بالحرية على شاشاتها، لا تزال عاجزة عن قول كلمة “اعتذار” لشعب انتزع حريته بدمائه لا بألوان الرسوم المتحركة.

@ آلاء عمري

الإخبارية المصدر: الإخبارية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا