الجزائر الآن _ في كلمته خلال الاحتفال بوصول أوريدو الجزائر إلى عتبة 15 مليون مشترك، اختصر المدير العام روني طعمه الرؤية المستقبلية للمؤسسة في عبارة محورية: “هذا النجاح هو ثمرة ثقة المشتركين، ويحفّزنا على المضي قدمًا، والاستمرار في الابتكار، وتقديم خدمات بمعايير عالمية.”
لم تكن هذه الجملة مجرّد خطاب احتفالي، بل تعكس بوضوح مسارًا استراتيجيًا طويل الأمد تتبناه أوريدو، يقوم على ثلاث ركائز: الثقة، الابتكار، والتحول الرقمي.
الزبون كمركز الاستراتيجية – تحوّل ذكي في نموذج الأعمال
تصريح المدير العام بأن “الزبون في صميم استراتيجيتنا” ليس مجرد تعبير تسويقي، بل يُعبّر عن تحول في النموذج التقليدي لعلاقات المؤسسات مع السوق.
فبدلاً من التركيز على التوسع العددي فقط، يبدو أن أوريدو تنتهج نموذج القيمة المُضافة للمشترك، حيث يصبح المستخدم ليس فقط مستهلكًا للخدمة، بل شريكًا في تطويرها.
هذا النهج يُمكّن الشركة من جمع بيانات سلوكية ومعرفية تساعدها على تصميم عروض ذكية، موجهة، وأكثر تخصيصًا، وهو ما يعزز الولاء ويقلّل من نسب التخلي (Churn Rate) على المدى الطويل.
التأكيد على “الاستمرار في الابتكار وتقديم خدمات بمعايير عالمية” يُترجم وعيًا استراتيجيًا بمشهد الاتصالات المتحوّل بسرعة، خاصة مع اقتراب إطلاق الجيل الخامس في الجزائر. أوريدو، التي كانت سبّاقة في إدخال 3G و4G، تبدو مستعدة لتقود مرحلة 5G بما يتجاوز مجرد السرعة.
فالرؤية الذكية تكمن في تقديم حلول متكاملة في مجالات المدن الذكية، الصحة الرقمية، والاقتصاد المتصل، مما يضع أوريدو في موقع الريادة التقنية بدلًا من مجرد التبعية التكنولوجية.
في عبارة “نجاحنا هو ثمرة ثقة المشتركين بعلامتنا التجارية”، يضع روني طعمه عنصر الثقة كأصل معنوي ذي قيمة استراتيجية.
الثقة لا تُشترى، بل تُكتسب عبر الزمن، وتُبنى من خلال الاتساق في الخدمة، والشفافية، والاستجابة لحاجات المستخدم. وهو ما نجحت أوريدو في ترسيخه عبر عقدين، لتصبح أحد أهم أصولها غير الملموسة، وميزة تنافسية يصعب على منافسيها نسخها.
الحفاظ على هذه الثقة يتطلب إدارة ذكية للتجربة الرقمية وقراءة عميقة لتوقعات المستهلك الجزائري المتطور.
حين يتحدث المدير العام لأوريدو عن “المساهمة في التحول الرقمي في الجزائر”، فهو لا يُقدّم وعدًا تسويقيًا فقط، بل يُحمّل أوريدو مسؤولية وطنية تتجاوز البعد الربحي.
فالشمول الرقمي يعني تمكين كل فئات المجتمع من الوصول إلى التكنولوجيا، خصوصًا في المناطق الداخلية والجنوبية.
وهنا، تبدو أوريدو واعية لدورها كشريك استراتيجي للدولة، في جعل التكنولوجيا عامل مساواة لا تمييز. وإذا ما تم تنفيذ هذه الرؤية بتدرّج ذكي، فإن أوريدو لن تكون فقط متعاملاً اقتصاديًا، بل قوة تغيير اجتماعي واقتصادي شامل.
كلمة روني طعمه لم تكن فقط استعراضًا لإنجاز رقمي بل خريطة طريق لاستراتيجية متكاملة. من مركزية الزبون، مرورًا بالابتكار والتكنولوجيا، إلى بناء الثقة وتحقيق الشمول الرقمي، تُبرهن أوريدو على أنها لا تلاحق التحول الرقمي، بل تسعى لقيادته في الجزائر.
هذا التصور الواقعي والطموح في آن واحد، إذا ما تم ترجمته إلى مشاريع ملموسة، قد يجعل من أوريدو قصة نجاح إقليمية في عالم الاتصالات المتجدّد.