_ مطالب سياسية بتجريد محمد السادس من سلطاته
_ مطالب بتعديل دستوري يحول المغرب إلى ملكية برلمانية
الجزائر الآن _ في تصريح يُعد الأجرأ والأكثر إثارة للجدل منذ سنوات، فجر الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد جمال العسري قنبلة سياسية من العيار الثقيل حين دعا علناً إلى تعديل دستوري يحول المغرب إلى “ملكية برلمانية” على الطريقة الأوروبية، حيث يصبح الملك مجرد رمز يسود دون أن يحكم، وتنتقل كافة السلطات التنفيذية والتشريعية إلى الحكومة والبرلمان.
الدعوة السياسية التي أطلقها العسري خلال أشغال الجامعة الوطنية لحزب التقدم والاشتراكية لم تكن مجرد رأي عابر، بل تصور سياسي متكامل يهدف إلى قلب النظام السياسي المغربي رأساً على عقب. “الملك يسود ولا يحكم”، هذه العبارة التي تختصر فلسفة الملكيات البرلمانية الغربية، أصبحت الآن مطروحة رسمياً على الطاولة السياسية المغربية.
_ هجوم شرس على تحالف “السلطة والمال”
لم يكتف العسري بطرح تصوره الدستوري، بل شن هجوماً عنيفاً على ما أسماه “زواج السلطة بالمال”، واصفاً إياه بـ”الشيطان الذي ينجب الفساد”. في إشارة مباشرة إلى تشابك المصالح بين السلطة ورجال الأعمال، استحضر العسري حالات إعفاء مسؤولين في مؤسسات الحكامة تجرؤوا على كشف ملفات الفساد، في رسالة واضحة: من يكشف الحقيقة يُعاقب.
كما وجه العسري رسالة لا تقبل التأويل: الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين والصحافيين، وعلى رأسهم معتقلو حراك الريف. “لا إصلاح ولا مصالحة في ظل استمرار الاعتقال”، قالها بوضوح، مؤكداً أن أي حديث عن الديمقراطية في ظل السجون المكتظة بالنشطاء ليس سوى كذبة كبيرة.
تضامن كامل مع “جيل زد” الثائر
في موقف صريح ومباشر، أعلن العسري تضامن حزبه الكامل مع الاحتجاجات الشبابية التي تجتاح المدن المغربية. هاجم بشراسة “القمع المفرط” الذي طال المتظاهرين، بمن فيهم أطفال قاصرون، معتبراً أن لجوء الدولة إلى الحل الأمني هو إعلان صريح بالعجز عن فهم المطالب المشروعة.
“حين تواجه الدولة الشباب بالهراوات بدلاً من الحوار، فهي تعترف ضمنياً بإفلاسها السياسي والأخلاقي”، هكذا لخص العسري موقفه من المقاربة الأمنية التي تتبعها السلطات.
الطباخ نفسه منذ 65 عاماً
في واحدة من أكثر اللحظات إثارة، استخدم العسري استعارة ساخرة ولاذعة: “الطباخ نفسه ما زال يشرف على الطبخة نفسها منذ 65 عاماً”. كان يقصد وزارة الداخلية وإشرافها على الانتخابات، معتبراً أن استمرار نفس الجهة الأمنية في تدبير العملية الانتخابية يعني استمرار نفس النتائج المزورة.
دعوته إلى إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات واعتماد التسجيل التلقائي عبر بطاقة التعريف الوطنية تهدف إلى كسر احتكار وزارة الداخلية للعملية الانتخابية، في خطوة يراها كثيرون تمهيداً لتقليص نفوذ الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية.
هل يجرؤ أحد على المساس بالملكية؟
رغم كل هذه التصريحات الجريئة، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن فعلاً تمرير تعديل دستوري بهذا الحجم في المغرب؟ هل ستقبل المؤسسات المتحكمة في دواليب الحكم ورقاب المغاربة بتحويل الملك إلى رمز بلا سلطة؟ الواقع يقول إن هذا السيناريو يبدوا حد صعب ، لكن طرحه علناً يعكس عمق الأزمة السياسية وحجم الإحباط الشعبي.
المعادلة المغربية بحسب المراقبين أصبحت أكثر تعقيداً من أي وقت مضى: شارع غاضب، أحزاب يسارية تطالب بملكية برلمانية، محافظون يحذرون من الفوضى والانهيار القيمي، وحكومة عاجزة عن تقديم إجابات.
في هذه الأثناء، يبقى المغرب على مفترق طرق: إما إصلاح حقيقي يستجيب للمطالب دون المساس بالثوابت، أو انزلاق نحو أزمة أعمق لا يعلم أحد كيف ستنتهي.