آخر الأخبار

الجزائر تدخل عصر الجراحة الروبوتية: قفزة استراتيجية تعترضها تحديات ميدانية واضحة

شارك
بواسطة سليم محمدي
صحفي جزائري مختص في الشأن الوطني .
مصدر الصورة
الكاتب: سليم محمدي

* الجزائر تدخل عصر الجراحة الروبوتية: قفزة استراتيجية تعترضها تحديات ميدانية واضحة

الجزائر الآن _ أعلن البروفيسور سيد أحمد ولد عربي، رئيس قسم أمراض الكلى وزرعها بالمستشفى الجامعي في البليدة، عن اقتناء الجزائر خلال الأشهر المقبلة ستة روبوتات جراحية متطورة سيتم توزيعها عبر مستشفيات مختلفة في البلاد، في إطار مشروع استراتيجي تشرف عليه وزارة الصحة واللجنة الوطنية للوقاية من السرطان ومكافحته.

تكنولوجيا حديثة تعزز المنظومة الصحية

الجراحة الروبوتية لا تمثل مجرد إدخال تقنية جديدة إلى غرف العمليات، بل تعد خطوة نوعية في تحديث المنظومة الصحية الوطنية.

فالتقنية تتيح للجراح دقة ومرونة تفوق الإمكانيات البشرية، بفضل أذرع قادرة على الدوران 360 درجة ورؤية ثلاثية الأبعاد عالية الجودة.

وتنعكس هذه الميزات بشكل مباشر على المرضى من خلال تقليل النزيف، تسريع فترة النقاهة، تخفيف الألم، وتمكين المريض من العودة سريعاً إلى حياته الطبيعية.

بعد استراتيجي وسيادي

اعتماد الجزائر على الجراحة الروبوتية يتجاوز البعد الطبي ليعكس رؤية استراتيجية للدولة في تعزيز سيادتها الصحية.

فبفضل هذه التكنولوجيا، ستتمكن المستشفيات الجزائرية من إجراء عمليات معقدة على غرار زراعة الكلى وجراحة البروستاتا داخل البلاد، ما يقلل من تكاليف التحويل للعلاج في الخارج، ويضع حداً لتبعية المنظومة الصحية للتجهيزات والكوادر الأجنبية.

كما أن إدخال هذه التقنية يواكب رؤية الجزائر 2030 في الاستثمار في رأس المال البشري، إذ سيتطلب المشروع تكوين جيل جديد من الجراحين في استخدام الروبوتات الطبية، مما يرفع من مستوى الكفاءات الوطنية ويؤهلها للمنافسة إقليمياً.

التحديات الواقعية: بين الطموح والممارسة

غير أن هذه القفزة التكنولوجية تواجه تحديات ميدانية كبيرة، خصوصاً في المستشفيات الولائية. فكثير من المرضى يشتكون من غياب الطواقم الطبية في بعض الأحيان، أو نقص أطباء التخدير، أو حتى ندرة الأسرة الجراحية، وهي مشاكل متكررة تعرقل إجراء العمليات حتى بالوسائل التقليدية.

كما أن تجارب سابقة أظهرت أن أجهزة سكانير حديثة ومتطورة وُضعت في مستشفيات ولائية بقيت غير مستعملة لسنوات، إما بسبب غياب الكفاءات المؤهلة لتشغيلها، أو مشاكل بيروقراطية وتقنية، ما جعل الاستثمار في المعدات لا ينعكس بالضرورة على تحسين الخدمات الصحية للمواطنين .وهو الواقع الذي جعل منظومة الصحة الجزائرية رغم الإمكانيات التي وفرتها الدولة الجزائرية تبقى دائما في دائرة الشك.

موقع متقدم في المنطقة

رغم هذه التحديات، تبقى الخطوة ذات أهمية استراتيجية، إذ تضع الجزائر في موقع الريادة الطبية المغاربية والإفريقية، في وقت لا تزال الجراحة الروبوتية حكراً على عدد محدود من المراكز الطبية في العالم العربي.

وهو ما يعزز مكانة البلاد كوجهة إقليمية للرعاية الصحية المتقدمة إن واكب التطورات .

نحو طب المستقبل

إن دخول الجزائر عصر الجراحة الروبوتية يمثل بداية لمسار جديد نحو الطب الذكي الذي يمزج بين الذكاء الاصطناعي والطب الدقيق.

لكن نجاح هذه الخطوة يبقى مرهوناً بمدى قدرة المنظومة الصحية على معالجة اختلالات التسيير وتطوير الموارد البشرية، حتى لا تتحول التكنولوجيا المتقدمة إلى مجرد أجهزة معطلة في أروقة المستشفيات.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا