آخر الأخبار

التبادل التجاري الجزائري-الفرنسي يتراجع 12.3% في النصف الأول من 2025

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

الجزائرالٱن _ كشفت البيانات الرسمية للجمارك الفرنسية عن تراجع حاد في حجم المبادلات التجارية بين الجزائر وفرنسا خلال النصف الأول من العام 2025، مما يعكس تأثير التوترات السياسية المستمرة بين البلدين على العلاقات الاقتصادية الثنائية.

انخفاض ملموس في حجم التبادل التجاري

سجلت المبادلات التجارية بين الجزائر وفرنسا انخفاضاً ملحوظاً بلغ 4.8 مليار أورو خلال الأشهر الستة الأولى من 2025، مقابل 5.47 مليار أورو في الفترة المماثلة من العام الماضي، مما يمثل تراجعاً نسبته 12.3%.

هذا التراجع يأتي في سياق الأزمة الدبلوماسية المستمرة بين البلدين، والتي وصفها المراقبون بأنها “الأكثر خطورة منذ الاستقلال”، حيث تشهد العلاقات السياسية حالة من الفتور والتوتر منذ عدة سنوات.

الصادرات الجزائرية إلى فرنسا

تواصل المحروقات هيمنتها على هيكل الصادرات الجزائرية نحو فرنسا، حيث بلغت قيمتها 2.7 مليار أورو خلال النصف الأول من 2025، مسجلة تراجعاً بنسبة 11.8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

هذا التراجع يعكس التحولات في السياسات الطاقوية الأوروبية والفرنسية بشكل خاص، والتي تسعى لتنويع مصادر إمداداتها النفطية والغازية، خاصة في ظل التطورات الجيوسياسية العالمية.

الواردات الجزائرية من فرنسا

من جهتها، سجلت الصادرات الفرنسية نحو الجزائر انخفاضاً أكثر حدة، حيث بلغت قيمتها 2.1 مليار أورو، مسجلة تراجعاً قدره 12.9% مقارنة بالنصف الأول من 2024.

البيانات الأولية للربع الأول من 2025 كانت قد أشارت إلى تراجع أكثر حدة، حيث انخفضت الصادرات الفرنسية نحو الجزائر بنسبة 21% لتصل إلى 992.5 مليون أورو، مما يظهر أن التراجع تباطأ نسبياً في الربع الثاني.

الجزائر تحافظ على مكانتها في السوق الإفريقية

رغم هذا التراجع الملحوظ، تواصل الجزائر احتلال موقع متقدم في خريطة التجارة الفرنسية مع القارة الإفريقية، حيث تبقى ثاني أكبر سوق إفريقية للمنتجات الفرنسية بعد المغرب وقبل تونس.

هذا المركز المتقدم يعكس عمق العلاقات الاقتصادية التاريخية بين البلدين، والتي تطورت عبر عقود من التبادل التجاري والاستثماري، رغم التحديات السياسية الراهنة.

قطاع السيارات يقاوم الانخفاض

في مشهد إيجابي وسط التراجع العام، يواصل قطاع السيارات الفرنسي المحافظة على مكانته المتميزة في السوق الجزائرية، حيث نجح في تدارك التراجع الذي شهدته قطاعات أخرى.

هذا الأداء المتماسك لقطاع السيارات يعود إلى عوامل متعددة، منها الجودة المعترف بها للمنتجات الفرنسية في هذا المجال، بالإضافة إلى شبكة الصيانة والخدمات ما بعد البيع المتطورة التي تمتلكها الشركات الفرنسية في الجزائر.

التوترات السياسية وانعكاساتها الاقتصادية

يأتي هذا التراجع في المبادلات التجارية في سياق التوترات السياسية المستمرة بين الجزائر وفرنسا، والتي تفاقمت في السنوات الأخيرة حول عدة ملفات، منها ملف الذاكرة والتاريخ الاستعماري، وقضايا السياسة الخارجية في المنطقة.

المراقبون الاقتصاديون يشيرون إلى أن “القلق يتزايد في الأوساط التجارية الفرنسية” حول مستقبل العلاقات الاقتصادية مع الجزائر، خاصة في ظل تنامي المنافسة من شركاء تجاريين آخرين.

التنويع التجاري والبحث عن بدائل

تسعى الجزائر في إطار استراتيجيتها الاقتصادية الحديثة إلى تنويع شراكاتها التجارية وتقليل اعتمادها على الأسواق التقليدية، وهو ما قد يفسر جزءاً من التراجع في التبادل مع فرنسا.

من جهة أخرى، تواجه فرنسا تحديات في الحفاظ على مكانتها في السوق الجزائرية وسط المنافسة المتزايدة من قوى اقتصادية صاعدة، خاصة الصين وتركيا وألمانيا.

الأرقام في السياق التاريخي

البيانات التاريخية تشير إلى أن الصادرات الفرنسية نحو الجزائر بلغت 4.67 مليار دولار في 2023، بينما الواردات الفرنسية من الجزائر سجلت 6.92 مليار دولار في 2024، مما يظهر أن الجزائر تحقق فائضاً تجارياً في علاقتها مع فرنسا.

وفي 2024، بلغت الصادرات الفرنسية نحو الجزائر 4.8 مليار يورو، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 6.6% عن 2023، مما يجعل تراجع 2025 أكثر دلالة على تأثر العلاقات بالتوترات السياسية.

التطلعات المستقبلية

تواجه العلاقات التجارية الجزائرية-الفرنسية تحديات متعددة في المرحلة الراهنة، تتطلب إرادة سياسية من الجانبين لتجاوز الخلافات والتركيز على المصالح الاقتصادية المشتركة.

من جهة أخرى، تتيح هذه المرحلة فرصاً للجزائر لتعزيز شراكاتها التجارية مع أسواق أخرى، بينما تحتاج فرنسا إلى إعادة تقييم استراتيجيتها التجارية مع شريكها التاريخي في شمال إفريقيا.

أهمية الحوار الاقتصادي

يؤكد الخبراء على ضرورة فصل الملفات الاقتصادية عن التوترات السياسية، والعمل على تطوير آليات حوار اقتصادي مستدام بين البلدين، خاصة في ظل الإمكانيات الهائلة للتعاون في قطاعات حيوية مثل الطاقات المتجددة والتكنولوجيا والزراعة.

علاقة اقتصادية في مفترق طرق

تشير بيانات النصف الأول من 2025 إلى أن العلاقات التجارية الجزائرية-الفرنسية تمر بمرحلة حساسة، حيث تتأثر المصالح الاقتصادية المشتركة بالتوترات السياسية المستمرة.

وبينما تحتفظ الجزائر بمكانتها كشريك تجاري مهم لفرنسا في إفريقيا، فإن التراجع المستمر في حجم المبادلات يستدعي مراجعة جدية من الجانبين لإعادة إحياء الشراكة الاقتصادية على أسس جديدة تتجاوز الخلافات السياسية وتركز على المنافع المتبادلة.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا