آخر الأخبار

هل تدفع فرنسا ضريبة تعاملها السيء مع الجزائر؟ ..بروفيسور في العلاقات الدولية والديبلوماسية يجيب

شارك
بواسطة محمد قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد قادري

* هل تدفع فرنسا ضريبة تعاملها السيء مع الجزائر؟ .. بروفيسور في العلاقات الدولية والديبلوماسية يجيب
*
* فقدان إفريقيا.. الضربة القاضية للاقتصاد الفرنسي
*

الجزائر الآن _ في وقت تتوالى فيه الأزمات على فرنسا من سقوط الحكومات المتتالي إلى الانقسامات السياسية العميقة، وصولاً إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة، تتزايد التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الانهيار المتسارع. هل تدفع فرنسا اليوم ثمن سياساتها الخاطئة تجاه شركائها التاريخيين، وخاصة الجزائر؟ وما هو الدور الذي لعبته التصريحات العدائية والممارسات الاستفزازية في تأجيج هذه الأزمات؟

للإجابة على هذه التساؤلات المحورية، يقدم البروفيسور المتخصص في تاريخ العلاقات الدولية والديبلوماسية، الجيلالي شقرون ، في حوار مع صحيفة “الجزائر الآن” الإلكترونية، قراءة تحليلية معمقة تربط بين السياسات الفرنسية الخاطئة تجاه الجزائر والأزمة الشاملة التي تعصف بفرنسا اليوم .


* جذور الأزمة.. من الانقسام السياسي إلى السقوط الحكومي

يرى البروفيسور شقرون أن سقوط حكومة فرانسوا بايرو جاء كنتيجة طبيعية للخريف السياسي الذي تشهده فرنسا.

ويوضح أن البلاد تعيش انقساماً عميقاً بين ثلاثة تيارات رئيسية: اليمين المتطرف، والتيار الماكروني، واليسار، مما خلق حالة من عدم الاستقرار السياسي انعكست بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي .

هذا التشرذم السياسي منع الحكومة من معالجة القضايا الجوهرية، بما في ذلك الأزمات الاجتماعية المتفاقمة مثل انتشار الإجرام وتعاطي المخدرات والعنصرية والإسلاموفوبيا، والتي أشار إليها البرلمانيون في خطاباتهم المباشرة لرئيس الحكومة .


* روتايو.. المحرك الأساسي للعداء مع الجزائر

يضع الخبير الجزائري مسؤولية كبيرة على وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو في تأجيج التوترات مع الجزائر.

ويؤكد أن روتايو لعب دوراً مدمراً من خلال دعمه الشديد للإسلاموفوبيا والعنصرية، مما ساهم في إضعاف موقف فرنسا أمام العالم .

الأخطر من ذلك، بحسب البروفيسور شقرون، هو أن روتايو بدأ بمهاجمة الجزائريين والجزائر بشكل مباشر، مما خلق أزمة سياسية ودبلوماسية كبيرة بين البلدين. ويستشهد الخبير بمثل شعبي يقول: “رجل صالح يمسه أي شخص دعوته مستجابة”، مضيفاً أن “الجزائر المحروسة وكل من اقترب منها سينال جزاؤه “.

ويرى أن سقوط روتايو يأتي في سياق سقوط شخصيات أخرى من اليمين المتطرف مثل إريك زمور، مؤكداً أن هذا النمط سيستمر مع كل من يحاول المساس بالجزائر .


* فرنسا تحتاج للجزائر وليس العكس

في نقطة مهمة، يستشهد البروفيسور شقرون بتصريح لرئيس الحزب اليميني المتطرف لوبان الأب، الذي قال: “ليست الجزائر هي من تحتاج إلى فرنسا بل فرنسا من تحتاج إلى الجزائر”. هذا التصريح يكشف حقيقة العلاقة الاقتصادية بين البلدين ويظهر مدى أهمية الجزائر لفرنسا .

ويؤكد الخبير أن فرنسا خرجت عن العرف الدبلوماسي والسياسي في علاقاتها الدولية، خاصة مع الجزائر، مما أضر بمصالحها الاستراتيجية. ويدعو إلى ضرورة عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعي احتراماً للقوانين والاتفاقيات الدولية بين البلدين .

الحل في يد ماكرون.. إنهاء سياسة روتايو المدمرة

يرى البروفيسور شقرون في حديثه لـ “الجزائر الآن”، أنه إذا كان ماكرون ذكيا سيعين حكومة جديدة تعمل على إيجاد حل مع الجزائر وإنهاء التصرفات الشائنة التي يقوم بها روتايو. ويؤكد أن هذا التوجه ضروري لتسوية الأوضاع بشكل دبلوماسي وإعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية إلى مسارها الصحيح .

الخبير يشدد على أن فرنسا بحاجة ماسة لدعم اقتصادها المنهار، وأن الجزائر تمثل شريكاً استراتيجياً لا يمكن تجاهله. كما يشير إلى أن الضغط الشعبي المتزايد قد يدفع بماكرون نحو الاستقالة، خاصة وأن سياساته هي التي أوصلت فرنسا إلى وضعها الحالي .


* تراجع الدور الفرنسي عالمياً.. من القيادة إلى التبعية

على المستوى الدولي، يلاحظ البروفيسور شقرون أن فرنسا فقدت مكانتها الدبلوماسية بعد تخليها عن الأخلاق الدبلوماسية، وأصبحت غير قادرة على الوقوف دون الاتحاد الأوروبي. ويستشهد بالمشهد الذي شهده لقاء قادة أوروبا مع ترامب، حيث ظهر بوضوح أن أمريكا تدرك الهشاشة الدبلوماسية الأوروبية .

كما يؤكد أن فرنسا لم تعد قادرة على الخروج للعالم بسياسة خارجية قوية، وحتى وزير الخارجية فشل في معالجة المشاكل المتراكمة. هذا التراجع في الدور الدولي يضع فرنسا في موقف ضعيف أمام التحديات الجيوسياسية الراهنة .


* فقدان إفريقيا.. الضربة القاضية للاقتصاد الفرنسي

في الجانب الاقتصادي، يشير الخبير إلى أن فقدان فرنسا لمكانتها في إفريقيا شكل ضربة قاصمة لاقتصادها. فقد كانت القارة السمراء الممول الرئيسي للاقتصاد الفرنسي، خاصة من خلال المواد الأولية مثل اليورانيوم المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية .

بعد طردها من إفريقيا، أصبحت فرنسا تعاني من عجز كبير وارتفاع في الدين العام، مما دفع حكومة بايرو إلى خفض الدعم الاجتماعي والإنفاق العام. هذه السياسات التقشفية أثارت غضب الشعب الفرنسي وساهمت في سقوط الحكومة .


* الجزائر صامدة وفرنسا في مفترق الطرق

يختتم البروفيسور شقرون تحليله لـ”الجزائر الآن”، بالتأكيد على أن الجزائر أصبحت رائدة في سياستها الخارجية، وأنها تقف صامدة وقوية في مواجهة التحديات. في المقابل، تقف فرنسا اليوم في مفترق الطرق، تواجه أزمة سياسية خانقة وتحتاج إلى إعادة النظر في سياساتها الداخلية والخارجية .

الرسالة واضحة: فرنسا تدفع اليوم فاتورة سياساتها الخاطئة تجاه الجزائر والجزائريين، والحل يكمن في العودة إلى الاحترام المتبادل والتعامل الدبلوماسي السليم، بعيداً عن العنصرية والإسلاموفوبيا التي روج لها روتايو وأمثاله.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا