الجزائرالٱن _ افتتح رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية بخطاب وصف بالثوري في تشخيصه للواقع الإفريقي. وأكد أن إفريقيا لن تنهض إلا بوعي جماعي ومشاريع تنموية حقيقية، محذرا من استمرار تهميش صوتها في صياغة النظام العالمي رغم ما تختزنه من ثروات طبيعية وسوق استهلاكي يتجاوز 1.5 مليار نسمة.
وقال تبون إن القارة ما تزال تعاني من غياب التمثيل العادل داخل المؤسسات المالية الدولية، حيث لا تملك سوى 6.5% من حقوق التصويت في صندوق النقد الدولي، و11% في البنك العالمي، و3% فقط من حجم التجارة العالمية، رغم أنها تحوز 30% من ثروات العالم.
نقد بالأرقام لواقع القارة
استعرض رئيس الجمهورية بالأرقام مظاهر التهميش الاقتصادي الذي تعيشه إفريقيا، مشيرا إلى أن الاستثمارات الخارجية المباشرة لم تتجاوز 94 مليار دولار (أي 6% فقط من التدفقات العالمية)، وأن التجارة البينية الإفريقية لم تتعد 15%، مقابل 60% بين دول أوروبا. واعتبر أن رفع هذه النسبة سيكون له أثر مباشر في توفير ملايين مناصب الشغل لشعوب القارة.
كما لفت إلى الفجوة الكبيرة في البنية التحتية للنقل والطاقة والاتصالات التي تكلف إفريقيا 90 مليار دولار سنويا، أي ما يعادل 2% من ناتجها المحلي، مشددا على أن معالجة هذه الاختلالات شرط لبناء اقتصاد متكامل.
الجزائر ومشاريعها القارية
وأكد تبون أن الجزائر التزمت دوما بدعم إفريقيا بمشاريع ملموسة ذات بعد استراتيجي، منها:
ـ الطريق العابر للصحراء نحو دول الساحل.
ـ أنبوب الغاز الجزائر–نيجيريا لتزويد عدة دول بالطاقة.
ـ مشروع شبكة الألياف البصرية لتعزيز السيادة الرقمية والابتكار.
ـ خطوط سكك حديدية نحو مالي والنيجر (أدرار–مالي، تمنراست–النيجر)
ـ خطوط جوية وبحرية مباشرة نحو عواصم ودول إفريقية شمالا وغربا.
وفي هذا السياق أطلق الرئيس عبارته البارزة: “لن تكون الجزائر إفريقية إذا كان السفر إلى أديس بابا يمر على دولة أوروبية”.
التعليم، التكوين والدعم المالي
أعلن رئيس الجمهورية عن تخصيص 8000 منحة دراسية للشباب الإفريقي ابتداء من الموسم الجامعي الحالي، خاصة في التخصصات الاستراتيجية كالرياضيات والروبوتيك وتقنيات النانو والذكاء الاصطناعي، عبر شبكة من 101 مؤسسة جامعية جزائرية. وذكّر بإسهام الجزائر منذ الاستقلال في تكوين أكثر من 65 ألف إطار إفريقي.
كما أشار إلى إنشاء خمس مناطق تبادل حر مع دول المغرب العربي والساحل الصحراوي، وافتتاح فروع بنكية في عدة دول إفريقية لتعزيز المبادلات.
ولم يغفل تبون التذكير بمبادرات التضامن الجزائرية، مثل محو ديون 14 دولة إفريقية بقيمة 1.5 مليار دولار، مشددا على أن الجزائر “تناضل في صمت من أجل القارة دون ضجة ولا منّ”.
دعوة إلى عهد جديد
واختتم الرئيس كلمته بدعوة جميع الدول الإفريقية إلى مضاعفة الجهود وحشد الطاقات خلال السنوات الخمس المقبلة من أجل بناء بنية تحتية متكاملة تعزز التكامل الاقتصادي والسيادة القارية، مؤكدا أن “مستقبل الجزائر مرهون بإفريقيا”، ومعلنا: “لنجعل من هذه الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية منطلقا وعهدا متجددا للقارة.”