الجزائر تدخل مرحلة جديدة من التيسير النقدي
الجزائرالٱن _ قرر بنك الجزائر الاعتماد على إجراءات نقدية جديدة تستهدف ضخ سيولة إضافية في الاقتصاد الوطني.
فقد أعلن المجلس النقدي والمصرفي ، برئاسة المحافظ صالح الدين طالب، عن تخفيض معدل الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس ليستقر عند 2.75% بدلًا من 3%، كما قرر تقليص نسبة الاحتياطي الإلزامي من 3% إلى 2%.
تراجع التضخم إلى أدنى مستوياته منذ سنوات
تشير بيانات المجلس إلى أن التضخم العام انخفض إلى 0.35% في جويلية 2025، مقابل 6.35% في الفترة نفسها من السنة الماضية. كما تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى 3.14% بعدما كان يتجاوز 6%، وانخفض التضخم الأساسي إلى 2.58%. هذه المؤشرات تمنح البنك المركزي فسحة لاعتماد سياسة نقدية تيسيرية دون تهديد لاستقرار الأسعار.
ارتفاع الكتلة النقدية بدفع من القروض الموجهة للاقتصاد
الكتلة النقدية ارتفعت بنسبة 3.81% حتى نهاية جوان 2025، نتيجة نمو القروض الموجهة للاقتصاد بنسبة 5.36% خلال النصف الأول من السنة، وهي نسبة تفوق ما تحقق في كامل سنة 2024. ويرى محللون أن هذا التوسع لم ينعكس على شكل ضغوط تضخمية، ما يعكس بقاء السيولة تحت السيطرة.
خبراء يعتبرون أن البنك يملك هامش مناورة واسع
وفي تقرير لموقع “الجزيرة نت”، اعتبر الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي أن انخفاض التضخم إلى مستويات مريحة مكّن بنك الجزائر من خفض الفائدة دون مخاوف كبيرة على استقرار الأسعار. وأوضح أن تقليص نسبة الاحتياطي الإلزامي أتاح للبنوك سيولة إضافية تعادل 1% من الودائع، ما يرفع قدرتها على تمويل مشاريع استثمارية خصوصًا في القطاعات التحويلية والطاقات المتجددة.
سيولة إضافية بأكثر من 600 مليار دينار
من جانبه، أكد المستشار الدولي عبد الرحمن هادف أن خفض الفائدة وتقليص الاحتياطي الإلزامي وفّرا سيولة تفوق 600 مليار دينار (4.6 مليارات دولار). واعتبر أن هذه الخطوة تفتح المجال أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل 90% من النسيج الاقتصادي للحصول على تمويل، مع انعكاسات إيجابية أيضًا على القروض الاستهلاكية والسكنية. لكنه شدد على أن نجاح هذه السياسة مرهون بتغيير البنوك لسلوكها التقليدي والانتقال إلى تمويل مشاريع إنتاجية طويلة الأمد.
مخاطر التضخم مرتبطة بالعرض لا بالسيولة
وبخصوص احتمال عودة التضخم، أوضح هادف أن التجربة الجزائرية تختلف عن غيرها، لأن الضغوط السعرية الأخيرة لم تكن نتيجة وفرة السيولة بل بسبب اضطرابات في العرض، لاسيما في المواد الغذائية والنقل والاستيراد. ويرى أن خفض الفائدة لن يؤدي بالضرورة إلى موجة تضخمية جديدة، خصوصًا في ظل استقرار أسعار الطاقة والدعم الحكومي.
إصلاحات هيكلية ضرورية لتعزيز التحول الاقتصادي
يشدد خبراء الاقتصاد على أن السياسة النقدية الحالية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة وحدها، ما لم ترافقها إصلاحات موازية تشمل تحسين بيئة الأعمال، تطوير السوق المالية، تسريع تهيئة المناطق الصناعية، وتعزيز الرقمنة لمحاربة البيروقراطية والفساد.
ويؤكد هؤلاء أن هذه الإجراءات تمثل بداية لمسار طويل نحو تنويع الاقتصاد وتقليص التبعية للمحروقات.