آخر الأخبار

الجزائر تعزز جسور الطيران مع الصين: خط مباشر بين الجزائر وغوانغزو برؤية اقتصادية واستراتيجية

شارك
بواسطة محمد قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد قادري

الجزائر الآن _ أعلنت شركة الخطوط الجوية الجزائرية عن إطلاق خط جوي مباشر يربط الجزائر العاصمة بمدينة غوانغزو الصينية، أحد أكبر المراكز الاقتصادية والتجارية في القارة الآسيوية والعالم ، بأسعار تبدأ من 96 ألف دينار جزائري.

خطوة تبدو للوهلة الأولى تجارية بحتة، لكنها تحمل في طياتها بحسب المراقبين أبعادا اقتصادية وسياسية واستراتيجية عميقة في سياق التحولات العالمية الراهنة.

غوانغزو.. بوابة إفريقيا نحو الصين

تُعد غوانغزو العاصمة الاقتصادية لإقليم غوانغدونغ، ووجهة رئيسية للتجار الجزائريين منذ بداية الألفية، حيث يزور المدينة سنويًا آلاف المستوردين الجزائريين بحثا عن السلع والمنتجات المتنوعة.

لكن الجديد اليوم أن ربط الجزائر مباشرة بهذه المدينة لا يُسهل فقط حركة رجال الأعمال والتجار، بل يحوّل الجزائر نفسها إلى جسر استراتيجي في حركة المبادلات بين إفريقيا والصين، خاصة وأن الجزائر تسعى لتكون محورًا لوجستيا إفريقيا متكاملا.

ما وراء خطوات الجوية الجزائرية.. رؤية اقتصادية جديدة

تأتي هذه الخطوة في لحظة حساسة تشهد فيها الجزائر جهودا متواصلة لتنويع اقتصادها وتخفيف اعتماده على المحروقات. فتح خط مباشر نحو الصين، أكبر شريك تجاري للجزائر خارج أوروبا، يعزز من قدرة الشركات الجزائرية على الانخراط في الأسواق الآسيوية واستقطاب استثمارات صينية جديدة في قطاعات البنية التحتية، التكنولوجيا، والصناعة التحويلية.
كما يمنح هذا الخط دعمًا ملموسا لفئة الطلبة الجزائريين في الصين، وللجالية الجزائرية المقيمة هناك، بما يعكس بُعدًا إنسانيًا إلى جانب البُعد الاقتصادي.

سياق سياسي واستراتيجي

من الناحية الجيوسياسية، يعكس هذا الخط إرادة الجزائر في تعميق شراكتها مع الصين، خاصة بعد توقيع الجزائر على مبادرة “الحزام والطريق” عام 2018، والتي تهدف إلى ربط آسيا بإفريقيا وأوروبا عبر مشاريع لوجستية وتجارية ضخمة.

وفي ظل تنافس القوى الكبرى على النفوذ في إفريقيا، تمثل هذه الخطوة تعزيزًا لتموقع الجزائر كلاعب إقليمي قادر على التفاوض بندية مع الشركاء الدوليين، عبر جعل أراضيها ومطاراتها ممرًا رئيسيًا للتدفقات التجارية.

خط جوي استراتيجي للمستقبل

إذا تم ربط هذا الخط الجديد بخطط الجزائر لتطوير مطاراتها وموانئها ومناطقها الحرة، فقد يتحول إلى جزء من شبكة أوسع تجعل الجزائر محطة رئيسية للربط بين إفريقيا جنوب الصحراء وآسيا.

هنا لا يعود الأمر مجرد طيران مدني، بل خيارًا استراتيجيًا ضمن رؤية اقتصادية كبرى: الجزائر كقطب إقليمي للتجارة والاستثمار، وكمركز يوازن بين أوروبا وآسيا وإفريقيا.

الخلاصة يعتبر العديد من الخبراء في مجال النقل الجوي ،أن إطلاق الخط المباشر نحو غوانغزو ليس مجرد قرار تجاري للخطوط الجوية الجزائرية، بل هو تعبير عملي عن تحوّل استراتيجي في رؤية الجزائر الجديدة، التي تسعى إلى تنويع شركائها الاقتصاديين وتثبيت مكانتها كمحور لوجستي في إفريقيا.

فبينما يشكل هذا الخط متنفسًا للتجار ورجال الأعمال والطلبة والجالية الجزائرية في الصين، فإنه في العمق يمثل خطوة إضافية في بناء جسور مستدامة بين الجزائر وآسيا، خارج الفضاء التقليدي الأوروبي.

إنها بداية لمسار قد يجعل من السماء الجزائرية طريقًا حيويًا للتجارة العالمية، ويمنح البلاد موقعًا استراتيجيًا في خريطة التحولات الاقتصادية المقبلة، حيث لا يمر المستقبل إلا عبر من يمتلك القدرة على الربط بين القارات.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا