الجزائرالٱن _ في خطوة وُصفت بالتاريخية على صعيد التشريعات المرتبطة بحقوق المرأة، أعلنت الجزائر رسميًا رفع تحفظها عن الفقرة الرابعة من المادة 15 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وهي المادة التي تكفل للمرأة الحق في اختيار مكان إقامتها والتنقل بحرية أسوة بالرجل.
القرار جاء بموجب مرسوم رئاسي وقّعه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ونُشر في آخر عدد من الجريدة الرسمية، ما يجعله ساري المفعول فورًا. ويُنظر إليه على أنه تعزيز عملي لمبدأ المساواة بين الجنسين في المنظومة القانونية الجزائرية، وخطوة إضافية في مسار إصلاح التشريعات الوطنية بما يتوافق مع الالتزامات الدولية للجزائر.
خطوة تحمل أبعادًا اجتماعية وقانونية
رفع التحفظ يفتح الباب أمام مراجعة أعمق لأحكام قانون الأسرة، خصوصًا فيما يتعلق باستقلالية المرأة في القرارات اليومية المرتبطة بالسكن والتنقل. الجمعيات النسوية سارعت إلى الترحيب بالقرار، معتبرة إياه “تأكيدًا رسميًا على الاعتراف بحرية المرأة وكرامتها” وخطوة نحو تكريس العدالة بين الجنسين في المؤسسات القضائية والإدارية.
خبراء قانونيون أوضحوا أن القرار قد ينعكس أيضًا على أحكام المحاكم في النزاعات الأسرية، حيث ستحظى المرأة الآن بمرجعية دولية واضحة تضمن حقها في الإقامة واختيار السكن دون قيود.
سوابق وإصلاحات تدريجية
ليست هذه المرة الأولى التي تراجع فيها الجزائر تحفظاتها على “سيداو”. ففي 2005 عُدّل قانون الجنسية، بما مكّن الأم الجزائرية من نقل جنسيتها لأبنائها مثلها مثل الأب. وقد تُوّج ذلك برفع التحفظ رسمياً في 2009 بموجب مرسوم رئاسي. الخطوة الجديدة تُعتبر استمرارية لذلك المسار الإصلاحي، لكنها تضع الجزائر أمام تحديات جديدة بخصوص مراجعة النصوص التي ما زالت محل جدل.
التحفظات التي ما زالت قائمة
ورغم هذا التقدّم، ما تزال الجزائر متمسكة بتحفظين أساسيين:
المادة 16: التي تنص على المساواة الكاملة في مسائل الزواج والعلاقات الأسرية، وهي مادة مثيرة للجدل في معظم الدول الإسلامية لارتباطها بالشريعة.
الفقرة الأولى من المادة 29: الخاصة بآليات التحكيم الدولي في حال النزاع حول تفسير الاتفاقية أو تطبيقها. الجزائر تشترط أن يتم ذلك فقط بموافقة جميع الأطراف.
انعكاسات إقليمية
يأتي القرار الجزائري في سياق عربي وإسلامي يشهد تدريجيًا تراجعًا عن بعض التحفظات على “سيداو”، خصوصًا في المواد التي تتعلق بحرية التنقل والعمل والتعليم والمشاركة السياسية. وبذلك، تضع الجزائر نفسها ضمن الدول التي تسعى إلى التوفيق بين الخصوصية الثقافية والتزاماتها الدولية.
آفاق المرحلة المقبلة
رفع التحفظ عن المادة 15 يُنظر إليه كبداية لمسار أطول قد يفضي إلى إصلاحات أوسع في قانون الأسرة، وهو ما ستتابعه الجمعيات النسوية عن في خطوة وُصفت بالتاريخية على صعيد التشريعات المرتبطة بحقوق المرأة.
كما يتوقع مراقبون أن يشجع القرار على نقاش اجتماعي وقانوني أوسع حول المساواة في الزواج والطلاق وحضانة الأطفال، بما ينسجم مع المعايير الدولية.