مأساة ناغازاكي.. صرخة سلام لثمانية عقود من الجحيم! - الإخبارية

احتشد المئات من سكان مدينة ناغازاكي اليابانية صباح السبت، في مشهد مؤثر غمرته الأمطار، في حديقة السلام لإحياء الذكرى الثمانين لأبشع مأساة عرفتها البشرية بعد الحرب العالمية الثانية، حين قصفت الولايات المتحدة المدينة بقنبلة نووية من البلوتونيوم في 9 أوت 1945، أي بعد ثلاثة أيام فقط من تدمير هيروشيما.

دقت الأجراس وأُعلنت دقيقة صمت موكوتو، تذكيرا بجرح لا يندمل عند الساعة 11:02 تماما، وهو التوقيت الذي شهد الانفجار المروع قبل ثمانية عقود.

وأعاد الحدث، الذي نقلته إذاعة فرنسا الدولية إلى الواجهة شهادات الناجين المعروفين باسم هيباكوشا. من بينهم هيروشي نيشيوكا، الذي كان في الثالثة عشرة من عمره عند الكارثة، ويبلغ اليوم 93 عاما. يقول نيشيوكا: “علمت بعد الحرب أن ما دمر مدينتي كان قنبلة ذرية. حتى بعد توقف المعارك، ظل الخوف من الإشعاع النووي يلاحقنا طوال حياتنا. السلاح النووي يجب ألا يُستخدم أبدا، لأن استخدامه يعني النهاية”.

وتحمل سجلات الضحايا اليوم أسماء 201942 شخصا توفوا جراء آثار القنبلة والإشعاعات خلال العقود الماضية، بينما أضيفت هذا العام وحده أسماء 3167 ضحية جديدة. ورغم أن المناسبة تستحضر الماضي المظلم، فإن رسائلها كانت موجهة بقوة نحو المستقبل، حيث شدد المشاركون على أن ناغازاكي يجب أن تكون آخر مدينة في التاريخ تتعرض لهجوم نووي.

من جهته، أطلق شيرو سوزوكي، عمدة ناغازاكي، نداء صريحا خلال كلمته قائلا: “من كان يتصور أنه بعد 80 عاما سنكون في هذا الوضع؟ أوقفوا فورا منطق الرد على القوة بالقوة. الصراعات تتفاقم في كل أنحاء العالم داخل دوامة مدمرة من العنف والانقسام، وإذا استمرينا على هذا المسار فنحن نقترب من حرب نووية”.

ودعا سوزوكي حكومة بلاده إلى اتخاذ موقف شجاع بالتخلي عن سياسة الردع النووي والتوقيع على معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية.

ولم تخل المناسبة من رسائل سياسية مباشرة، إذ وجهت المدينة دعوات لحضور المراسم إلى سفراء إسرائيل وروسيا وإيران، رغم النزاعات المستعرة في غزة وأوكرانيا، في محاولة لإيصال صورة حية عن الرعب المطلق الذي تجسده الأسلحة النووية.

وهكذا ثمانون عاما مضت على يوم أسود مزق سماء ناغازاكي بنار مشعة، لكن المدينة ما تزال ترفع راية السلام، موجهة رسالتها للعالم أجمع: الإنسانية لا تحتمل قنبلة ثالثة.

@ آلاء عمري