الجزائرالٱن _ أكد الدكتور محمد البطيوي ، المحلل السياسي المغربي، أن الجزائر لم تعد تعتمد على أي جهة خارجية في صناعة قرارها الوطني، بل وصلت إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات والمجالات. هذه المرحلة الجديدة تمنح الجزائر قدرة أكبر على اتخاذ قراراتها بحرية تامة دون تدخلات خارجية، وهو ما يمثل تحولًا نوعيًا في سيادة القرار الوطني.
ويشير البطيوي إلى أن هذا التطور يعكس نموًا اقتصاديًا وسياسيًا متزامنًا مع تعزيز القدرات الدفاعية والسيادية، ما يزعج فرنسا التي كانت تمارس نفوذًا كبيرًا في الجزائر لعقود طويلة.
وبالتالي، فإن الجزائر اليوم تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز استقلالها الوطني، وهو أمر لم تستسغه بعض القوى التي كانت تستفيد من التبعية السابقة.
سياسة المعاملة بالمثل تزعج باريس
خلال حديثه في برنامج “حصاد الأسبوع” مع الإعلامية دنيا فيلالي، أوضح البطيوي أن سياسة المعاملة بالمثل التي انتهجتها الجزائر تجاه فرنسا أصبحت تمثل صداعًا حقيقيًا للسلطات الفرنسية.
فبعد أن اعتادت فرنسا على امتيازات في علاقاتها مع الجزائر، وجدت نفسها تواجه موقفًا صارمًا من جانب الجزائريين الذين لم يعودوا يقبلون بالإملاءات أو التعامل أحادي الجانب.
هذا التوجه الجديد أثار حيرة باريس، التي حاولت لسنوات فهم طبيعة العقلية الجزائرية، لكنها ما زالت في حالة من عدم الفهم رغم خبرتها التي تزيد على 132 سنة في الجزائر. هذه السياسة تمثل موقفًا مبدئيًا وواضحًا من جانب الجزائر، تعبر عن إرادتها في أن يكون التعامل على قدم المساواة، دون تمييز أو أفضليات، وهو ما أدى إلى تعقيد العلاقات الثنائية.
الجرأة الجزائرية تغيب في دول الجوار
أشار البطيوي إلى أن الجرأة التي أظهرتها الجزائر في موقفها الراسخ تجاه فرنسا وملفاتها السياسية لا تتوفر لدى بعض دول الجوار التي تعاملت مع فرنسا بمرونة مفرطة. وأضاف أن الجزائر أظهرت صلابة في سياساتها وإجراءاتها، حيث وضعت شروطًا واضحة لدخول الفرنسيين إلى أراضيها،
فتسمح فقط لمن يحمل بطاقة التعريف الوطنية الجزائرية بالدخول، رغم توفرهم على تذاكر الطيران وحجوزات الفنادق، ما يعكس حرص الجزائر على فرض قواعدها والتأكيد على سيادتها. ويشير البطيوي إلى أن هذا الموقف يشكل نموذجًا قويًا يعكس استقلالية القرار الجزائري، ويكشف التفاوت الكبير في مواقف الدول المجاورة التي لم تتبنَ مثل هذه السياسات الحازمة تجاه قضايا مماثلة.
الاعتراف الفرنسي بمقترح الحكم الذاتي سبب التوتر
كشف البطيوي أن نقطة التحول الحاسمة في العلاقات الجزائرية-الفرنسية كانت إعلان فرنسا اعترافها بمقترح الحكم الذاتي المغربي على الصحراء الغربية، وهو ما اعتبره خرقًا صارخًا للشرعية الدولية التي تنص على أن قضية الصحراء يجب أن تحل عبر استفتاء حر ونزيه. واعتبر هذا القرار بمثابة انتهاك للقوانين والأعراف الدولية، بالإضافة إلى كونه تجاوزًا واضحًا للدور الذي تلعبه الجزائر كطرف أساسي في النزاع، ودعمها لحقوق الشعب الصحراوي. هذا القرار الفرنسي أدى إلى تصعيد حاد في المواقف، ووضع الجزائر في موقف الدفاع عن سيادتها ومصالحها، مما زاد من تعقيد الأوضاع السياسية بين البلدين.
رسالة الجزائر لفرنسا حول قضية الصحراء الغربية
اختتم البطيوي تصريحه بالتأكيد على أن الجزائر وجهت رسالة واضحة وحازمة لفرنسا بخصوص قضية الصحراء الغربية، مشيرًا إلى أن الجزائر طالبت باريس بتطبيق الشرعية الدولية وحماية مبدأ حق تقرير المصير. قال إن الجزائر تذكّر فرنسا بأنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي وحامية للقانون الدولي، فكيف تسمح لنفسها بتجاهل القرارات الدولية المتعلقة بالصحراء الغربية، وترك القضية ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار؟ هذا الموقف الجزائري يعكس تمسك بلاده بالشرعية والعدالة، مؤكدًا أن الحل الوحيد للنزاع يكمن في إجراء استفتاء حر ونزيه يعبر عن إرادة الشعب الصحراوي، دون أي تدخلات أو ضغوط خارجية.