مع ارتفاع درجات الحرارة وحلول فصل الصيف، تواجه السلطات الصحية تحديا متزايدا يتمثل في ارتفاع ملحوظ في حالات التسمم الغذائي، وقد حذرت وزارة الصحة مؤخرا من هذا الوضع المقلق، مشيرة إلى أن الظروف المناخية الحارة تسهم بشكل كبير في تسريع تكاثر البكتيريا والجراثيم في الأغذية القابلة للتلف.
وبحسب بيان الوزارة تشكل موجات الحر التي تشهدها البلاد خلال هذا الموسم بيئة مثالية لنمو الميكروبات الضارة، مما يزيد من مخاطر الإصابة بالتسمم الغذائي. هذا الوضع يتطلب يقظة مضاعفة من جانب المواطنين والمؤسسات التي تتعامل مع المواد الغذائية.
وتعزو وزارة الصحة الارتفاع في حالات التسمم الغذائي إلى عدة عوامل أساسية، أبرزها سوء احترام قواعد النظافة والتعامل غير السليم مع الأغذية في مختلف مراحل دورة حياتها. فمن الإنتاج إلى التخزين، ومن التحضير إلى الاستهلاك، كل مرحلة تتطلب الالتزام الصارم بمعايير السلامة الغذائية.
ولا تقتصر المخاطر على البيوت فحسب، بل تمتد لتشمل التجمعات الكبرى مثل المخيمات الصيفية والمطاعم المؤقتة وقاعات الحفلات ومراكز العطل. هذه الأماكن تشكل بؤرا محتملة لانتقال الأمراض في حال عدم مراعاة معايير السلامة الغذائية بدقة.
كما تلعب عوامل أخرى دورا مهما في تلوث الطعام، منها عدم احترام سلسلة التبريد واستخدام المواد منتهية الصلاحية، وتحضير الطعام في بيئات تفتقر إلى أدنى معايير النظافة، هذا التهاون قد يؤدي إلى كوارث صحية على المستويين الفردي والجماعي.
ولمواجهة هذا التحدي، وضعت وزارة الصحة استراتيجية وقائية شاملة تقوم على ثلاثة محاور أساسية منها الحذر في أثناء التسوق، حيث يجب على المواطنين تجنب شراء المنتجات المعروضة تحت أشعة الشمس المباشرة، خاصة المواد الحساسة كالخبز والمياه المعدنية والبيض والمشروبات الغازية. كما يتوجب التأكد من تاريخ صلاحية جميع المنتجات، وبصفة خاصة المعلبات ومشتقات الحليب، ومن الضروري أيضا تجنب اقتناء العلب المنتفخة أو المشوهة، لأنها قد تشير إلى فساد المحتوى وتلوثه بجراثيم خطيرة.
والمحور الثاني يتطلب الحرص على اقتناء المنتجات الحساسة التي تحفظ مبردة، ووضع الأغذية القابلة للتلف في الثلاجة مباشرة بعد الشراء، كما يجب تجنب إعادة تجميد الأطعمة بعد إذابتها، والتأكد من سلامة المرطبات وعدم تعريضها للحرارة، وتنصح وزارة الصحة باستهلاك الأطباق الباردة فورا بعد تحضيرها، وعدم تركها في درجة حرارة الغرفة لأكثر من ساعة واحدة.
ويعتبر المحور الثالث حجر الزاوية في الوقاية من التسممات الغذائية؛ فغسل اليدين بانتظام، خصوصا قبل إعداد الطعام وقبل تناوله، يشكل خط الدفاع الأول ضد الجراثيم، كما يجب تنظيف الخضر والفواكه جيدا قبل استهلاكها.
ومن الضروري أيضا تجنب تناول الطعام من المطاعم أو الأكشاك غير الملتزمة بشروط النظافة، والامتناع عن استهلاك الصلصات المحضرة مسبقا والمجهولة المصدر، وتؤكد وزارة الصحة أن مواجهة هذا التحدي تتطلب تضافر جهود جميع أطياف المجتمع، فالأمر لا يقتصر على المسؤولية الفردية للمواطنين، بل يمتد ليشمل المؤسسات التجارية والمطاعم ومراكز توزيع الأغذية.
وتدعو الوزارة جميع المواطنين إلى التحلي باليقظة والمسؤولية خلال هذا الموسم، والالتزام بكافة التوصيات الوقائية من أجل الحفاظ على الصحة العامة وتجنب وقوع تسممات غذائية فردية أو جماعية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة.