■ عمود يومي | الآن فقط
الجزائر الآن _هناك شيء واحد لم يتعلّمه إعلام المخزن، رغم كل الهزائم التي راكمها: أن الحقيقة لا تُخرَس بالصراخ، ولا تُلغى بحشو الأكاذيب في العناوين.
بالأمس القريب، توهّم هذا الإعلام أنه سيحصد نقاطًا سهلة ضد الجزائر، فاختلق رواية “الشريط اللاصق” على كراسي احتياط منتخب السيدات، واتّهم الجزائر بطمس شعار الجامعة الملكية لكرة القدم. لكن خلال ساعات قليلة، سقطت الكذبة أمام لقطات موثّقة تُظهر بوضوح أن لجنة “الكاف” نفسها هي من أمرت بتغطية الشعار، وأن الأمر لا علاقة له لا بالجزائر ولا بمنتخبها، لا من قريب ولا من بعيد.
لكن الآلة لم تهدأ. وحين أُحرِق هذا الورق، تفتّقت “المخيلة” عن ضحية جديدة: الحكمة الجزائرية غادة محاط. مباراة واحدة أدارتها بين غانا ومالي كانت كافية لتفتح شهيّة الأبواق على سيناريو آخر. صوّروا الحكمة وكأنها تمرّدت على لوائح البطولة، وزعمت بعض المنصات أن الشارة التي تحمل اسم الراعي الرسمي سقطت لأنها تعمّدت نزعها، متجاهلين أن الشارة نفسها لم تكن مثبّتة جيدًا من الأساس، وأن الحكمة أبلغت مسؤولة “الكاف” بالمشكل، وتم تزويدها بلاصق مزدوج، لكنه لم يصمد أمام حركة مستمرة وعرقٍ يتصبب من حكمٍ يجري أكثر مما يتكلم، ويقف أكثر مما يجلس.
الهدف ليس الشارة ولا الراعي بل الجزائر
بل في التفاصيل التي تجاهلوها عمدًا يكمن كل الفرق: نفس المشكل واجهته الحكمة الإيفوارية “أكيسي كونان” في مباراة جنوب إفريقيا وتنزانيا، ولم تكتب الصحافة المغربية عنها سطرًا واحدًا. لأن الهدف ليس الشارة ولا الراعي، بل اصطياد كل ما هو جزائري، حتى لو اضطروا لنفخ الأوهام داخل قربة مثقوبة لا تحفظ ماءً ولا تُشبع ظمأً.
هنا نفهم الصورة بدقّة: الإعلام المخزني يشتغل على قاعدة بسيطة — إن لم تجد فضيحة، اصنعها من ورق رطب. وإن لم تُقنع، غطِّ الحقيقة بالصراخ، وتصرّف كما لو أنك وحدك من يرى. وهذا بالضبط ما يجعل كل حملاتهم تشبه من ينفخ في قربة مثقوبة، مهما صرخ وضخّ وأعاد، فالنتيجة قطرة ملوّنة بالكذب، تتسرّب قبل أن تروي ظمأ أحد.
حتى لو حاولوا الإيحاء بأن الأكاذيب المتتالية قادرة على إرباك الجزائر أو النيل من هيبتها، فإن الواقع يُظهر عكس ذلك تمامًا.
من “الشريط” إلى “الشارة” إلى ما سيخترعونه غدًا، القصة واحدة: ضرب في الريح بهراوة لا تُصيب إلا صاحبها حين تنكسر على الفراغ. فالحقيقة وحدها التي تبقى في نهاية اليوم.
غادة محاط لم تردّ، تمامًا كما لم ينشغل المنتخب الجزائري بالردّ حين فضح الفيديو كذبة سابقة. لأن الميدان يفرز من يركض خلف الإنجاز، ومن يطارد السراب بحناجر خاوية. القافلة تسير، النباح يتكرّر، والأبواق تصرخ لتؤكد فقط أنها ما تزال موجودة، وإن لم تعد تقنع حتى نفسها.
هكذا يليق أن نفهم هذا “النعيق” المستمر: حيلة يائسة لإستهداف الجزائر بكل الوسائل ..
أما من في الملعب، من يحمل الشارة أو يرتدي القميص الأخضر، فلا وقت لديه لتجفيف الوحل الذي يُرمى عليه.. تركوه لمن يحب العيش في وحل الكلام.
إنهم ينفخون في قربة مثقوبة، ويضربون في الريح بهراوة، لكن الريح تمضي، والقربة تتسرّب، والحقيقة تبقى. أما الجزائر، فلا تلتفت، لأن من اعتاد المشي بثبات، لا يشغله نباحٌ تعوّد أن يتعب صاحبه قبل أن يسمعه أحد.