آخر الأخبار

هاشتاغ "لا تذهب إلى العراق" .. عندما يحب الشعب رئيسه بصوتٍ مرتفع

شارك
بواسطة محمد قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد قادري

الجزائر الآن _ في عالم يزداد فيه الصخب والبرود السياسي، جاء هاشتاغ بسيط مثل “ لا تذهب إلى العراق” ليكسر القاعدة، ويُعيد للمشهد نغمة إنسانية افتقدناها طويلًا .

ما الذي يدفع الآلاف، وربما الملايين، إلى مناشدة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بألّا يسافر؟ هل هو خوف؟ حب؟ قلق؟

ربما هو كل ذلك… وربما هو أكثر: إنّه الشعب حين يشعر أنّ قلبه مهدد بالغياب .

الشعب لا يحب الرئيس تبون بالضرورة لأنه مثالي أو لأنه يحقق كل ما يريده، بل أحياناً يحبه لأنه يرى فيه نفسه، يرى فيه ملامح الوطن، وأحياناً يرى فيه ابناً له، أو أباً، أو حتى الأخ الذي يخاف عليه من مكروه .

حين أطلق البعض وسم “لا تذهب إلى العراق”، لم يكن الأمر تهكمًا أو ترفًا رقميًا. كان صرخة ناعمة، عاطفية، تخرج من جرح لم يندمل بعد .

الجزائري مازال يحمل داخله جرح بومدين، غصة بن يحيى، وصدمة كل رمز خرج ولم يعد .

ولأن الزمن لم يُغلق هذا الباب، فإنّ كل خطوة نحو “بغداد” تُقرأ، في لا وعي الناس، كخطوة نحو الغموض .

لكن الرئيس تبون ليس فقط رئيس دولة بعيد عن هموم الشعب. هو واحد منهم، يعيش مثلهم، يعاني مثلهم. عندما يتحدث، يتحدث بلغتهم، لغة البسطاء. يفهم معاناتهم ويشعر بها، ويعرف ما يعنيه أن تحارب من أجل لقمة عيش يومية. الرئيس تبون ليس بعيدًا عن قلب الشارع، بل هو جزء منه .

نروي هنا قصة بسيطة: جندي سابق في العشرية السوداء، فقد زميله في كمين بإحدى الجبال، لكنّه نجا لأنّ قائده رفض التراجع. في لقاء تلفزيوني بعد سنوات، قال : “ ‘ أنا ما حبيتش القايد لأنّه أمرني، حبيتو لأنّه واجه الموت معايا، لأنّه بقى معانا في الظلمة “.

هذا بالضبط ما يحدث اليوم مع الرئيس عبد المجيد تبون: حب الشعب له ليس حبًا سياسياً، بل حب إنساني – غريزي – شعبي، ينبع من فكرة أن هذا الرجل “باقٍ معنا”، لم يختفِ، لم يهرب، لم يغِب .

وما يعزز هذا الحب هو أنّ الرئيس تبون يعيش نفس الظروف، ويتحدث عن الفقير كما يتحدث عنه أي جزائري آخر. يعرف ما يعني أن يذهب الناس إلى الأسواق يومياً ويبحثون عن أرخص الأسعار، وأن يكون الشهر صعباً بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة .

بين بغداد والجزائر: التاريخ كظل طويل

حين تُذكر بغداد في المخيال الجزائري، لا تُذكر كمدينة فقط، بل كـ”باب مفتوح على الأسى “

ليس من باب العنصرية، ولا من باب التعميم، بل لأن الجراح القديمة لا تموت .

بن يحيى خرج دبلوماسياً باسم الجزائر، ولم يرجع .

هواري بومدين، آخر زعيم عربي يُدفن وفي صدره مرض غامض، مات بعد فترة من تواصله مع العراق .

صحيح أن هذه مجرد مصادفات أو حتى أوهام، لكن في نفسية الشعوب، المصادفة تصبح نبوءة، والخوف يصبح حكمة وقائية .

وبينما يمشي الرئيس تبون بين الناس، يبتسم لهم، ويصغي لمشاكلهم، فإن ذلك يخلق رابطًا قويًا. هو ليس فقط رجل سلطة بعيد، بل هو قائد يرى في نفسه شخصًا يعايش معاناة الشارع، ويسعى لتخفيفها .

الهاشتاغ كتجسيد للأمومة السياسية

واحدة من أجمل الصور الرمزية لهذا الهاشتاغ، هي أنه تصرف أمومي .

الأم، حين ترى ابنها يخرج في ليلة عاصفة، لا تمنعه بالقانون، بل برجائها، بندائها الناعم: “لاتذهب الليلة، قلبي غير مرتاح “

وهذا بالضبط ما فعله الشعب: قال للرئيس عبد المجيد تبون “لا تذهب” .

ليس لأنّ العراق خطر فعلاً، بل لأنّ القلب “خايف”، لأن الخسارة صارت احتمالاً، ولأن الفقد صار مألوفًا جدًا في التاريخ العربي .

هذا الهاشتاغ هو نداء مباشر من الشعب، وهو بمثابة طلب إنساني لراحة البال، لأنّ الرئيس تبون يمثل لهم الأمل في مواجهة التحديات. لا يُطلب منه أن يكون بطلًا خارقًا، بل أن يبقى معهم، وسطهم، يفهمهم ويحس بهم .

قصة أم شهيد: “لو يرجع لي ولدي، أطلب منو يبقى بجانبي ولو رئيس”

في إحدى المناطق الداخلية، تحكي أم شهيد أنّها لما تنظر إلى صور الرئيس عبد المجيد تبون، تتذكر ولدها .

تقول: “لا تهمني السياسة، لكن عندما آراه يبتسم ، أشعر هناك أمل.عندما يمرض، أخاف. وكأنه واحد من أ ولادي “

هذه الأم لا تهتم بالأحزاب ولا بالمجالس، لكنها ترى في الرئيس تبون رمزًا لنجاة البلاد من حزن آخر .

ترى فيه الأب الذي يفهم الجراح، لأن الرئيس تبون لا يكتفي بالكلام في المناسبات، بل يتحدث في المحافل الدولية عن شهامة وعزة المواطن الجزائري. يطرح قضايا البسطاء، ويدافع عن المحرومين، مثلما لو كان هو نفسه جزءاً منهم .

بين الانتقاد والحب: لماذا نخجل من مشاعرنا السياسية؟

المجتمعات العربية، ومنها الجزائر، تعودت أن تُخفي مشاعرها . ننتقد بسهولة، نسخر بسرعة، لكننا نخجل من قول: “أنا نحبه”، أو “أنا خائف عليه “

هاشتاغ ‘لا تذهب إلى العراق’ “كسر هذا الطابو”، وفتح الباب أمام علاقة جديدة بين المواطن ورئيسه: علاقة محبة، ليست فقط رقابة .

الرئيس تبون لا يتحدث لغة السياسيين فقط، بل لغة الشعب البسيط. لهذا السبب، يشعر المواطن أنه ليس بعيدًا عن مواقفه، وأنه جزء من حياته اليومية، وأنه يفهم همومه وآماله .

ما بعد الهاشتاغ

سواء سافر الرئيس عبد المجيد تبون أم لم يسافر، تبقى الحقيقة الأهم أن الشعب تكلم من قلبه .

ليس كل من كتب الهاشتاغ محباً سياسياً، وليس كل من سخر عدواً.

لكن هذا التفاعل العاطفي الكبير كشف شيئاً نادراً: عند لحظات الخطر، يتصرّف الشعب بعاطفة لا ببرود .

وإذا كان لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من سند، فهو ليس فقط الجيش، ولا البرلمان، بل هذا الشعب الذي قال له بلغة الأم: “لاتذهب .. إننا نخشى عليك مما حدث لبومدين وبن يحيى

شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا