الجزائرالٱن _ في خطوة تعكس التوتر المتزايد بين المغرب وتونس، قرر الملك محمد السادس تعيين حسن طارق رئيسًا لمؤسسة “وسيط المملكة”، منهياً بذلك رسميًا مهامه كسفير للمغرب في تونس بعد أكثر من عامين من استدعائه للتشاور. ورغم أنّ هذا القرار قد يبدو إداريًا في ظاهره، إلا أنّه يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين في ظل استمرار الفتور الدبلوماسي بينهما.
وتأتي هذه الخطوة بعد غياب تهنئة محمد السادس المعتادة للرئيس التونسي قيس سعيّد بمناسبة عيد الاستقلال في 20 مارس، وهو ما عُدَّ مؤشرًا إضافيًا على تعمق الأزمة الدبلوماسية التي تعود جذورها إلى أوت 2022. حينها، قررت الرباط استدعاء سفيرها من تونس احتجاجًا على استقبال الرئيس قيّس سعيد للرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي، خلال قمة “تيكاد” اليابانية-الإفريقية. واعتبر المغرب هذا الاستقبال “عملاً عدائيًا غير مسبوق” يضر بعلاقاته مع تونس ويمس موقفه من قضية الصحراء الغربية.
تداعيات هذه الأزمة لم تقتصر على الجانب السياسي، بل امتدت إلى المجال الاقتصادي، حيث استثنى المغرب تونس من قائمة الدول الموردة لزيت الزيتون، في خطوة عكست عمق الخلاف بين البلدين. كما ازدادت الفجوة السياسية بينهما بعد استضافة تونس وفدًا من الصحراء الغربية في معرض صفاقس الدولي للصناعات التقليدية في فيفري 2024، وهو ما فسّره المغرب على أنّه استفزاز إضافي.
ويرى محللون أنّ هذا التوتر ليس مرتبطًا فقط بقضية الصحراء الغربية، بل يعكس أيضًا تباينًا في التوجهات السياسية لكلا البلدين. فقد انخرط المغرب بشكل علني في مسار “اتفاقيات أبراهام” التي تقضي بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وهو ما ترفضه تونس بشكل قاطع. ويعتبر الرئيس قيس سعيّد التطبيع “خيانة عظمى”، ما يجعله في موقف متناقض مع الرباط.
وفي سياق إقليمي أوسع، يرى البعض أنّ استبعاد المغرب عن القمة الثلاثية التي جمعت تونس والجزائر وليبيا مؤخرًا، يعكس تراجع دوره في المنطقة المغاربية، خاصة مع التقارب التونسي-الجزائري الذي لا تنظر إليه الرباط بعين الرضا. وقد يكون هذا التكتل الإقليمي الجديد أحد أسباب توتر العلاقات بين تونس والمغرب، خصوصًا أنّ الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب منذ 2021.
وبينما يذهب بعض المحللين إلى أنّ ما يحدث لا يعني بالضرورة قطيعة دبلوماسية وشيكة، بل مجرد استمرار لحالة البرود السياسي، يرى آخرون أنّ المغرب لم يعد يعول كثيرًا على تحسين العلاقات مع تونس في ظل اختلاف الأولويات السياسية لكلا البلدين. ومع تصاعد التوترات الإقليمية، يظل مستقبل هذه العلاقة مفتوحًا على كل السيناريوهات، بما في ذلك احتمال استمرار القطيعة لفترة غير قصيرة.