“فرنسا بلد مريض بسبب إدمان استهلاك الكحول”، بهذه العبارة الصادمة افتتح البروفيسور الجزائري أمين بن يمينة، الطبيب النفسي وخبير الإدمان، نقاشًا حادًا حول أزمة إدمان الكحول في البلاد.
وفقاً للإحصائيات، يموت حوالي 42 ألف شخص سنويًا بسبب مشكلات تتعلق بالكحول، مما يجعله عاملًا رئيسيًا في العديد من الأمراض، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والسكتات الدماغية.
ورغم هذه الأرقام المروعة، لا يزال هناك إنكار جماعي في فرنسا حول حجم المشكلة.
في هذه الحلقة من برنامج “لضيف الساعة الثامنة” على راديو فرنسا، شارك الممثل والكاتب ماكسيم موسكوا تجربته الشخصية مع الكحول.
فقد أقر بأنه لم يكن يتخيل يومًا حياته بلا كحول قبل أن يقرر الإقلاع عنه منذ أربع سنوات. وكان يعتقد أن العيش بدون كحول سيكون مملًا، لكنه اكتشف أنه يعيش بشكل أفضل.
وقد وصف موسكوا كيف كان الكحول وسيلة له لنسيان مشاكله الشخصية، حيث كان يجتمع مع أصدقائه كل عطلة نهاية أسبوع للاحتفال والشرب.
تحدث موسكوا عن معاناته العميقة مع الاكتئاب وفقدان الأحباء، معترفًا بأن الكحول كان وسيلة للهروب من ضغوط الحياة. لكنه أدرك في النهاية أنه كان يعاني من إدمان، وهو ما جعله يشعر بالخجل من الاعتراف بمشكلته، نظرًا للوصمة الاجتماعية المرتبطة بهذا الموضوع في فرنسا.
إن الاعتراف بالمعاناة هو الخطوة الأولى نحو الشفاء، لكن الثقافة الفرنسية غالبًا ما تعزز من إنكار هذه القضايا.
بدلًا من استخدام مصطلح “مدمن كحول”، دعا البروفيسور الجزائري بن يمينة في اللقاء ذاته إلى استخدام عبارة “مشكلات مع الكحول”، مؤكدًا أن ذلك سيساعد في تجنب الوصمة الاجتماعية.
الأشخاص الذين يعانون من مشكلات الكحول أكثر تعقيدًا من مجرد تصنيفهم كمدمنين، لذا يجب التعامل معهم بنظرة شاملة وعميقة، حسب اعتقاد البروفيسور بن يمينة.
تشير الدراسات إلى أن 50 في المائة من طلاب الصف السادس في فرنسا قد جربوا الكحول، و20 في المائة من طلاب الثانوية يشربون بانتظام.
هذا الوضع المقلق يعكس الضغوط المتزايدة التي يتعرض لها الشباب في فرنسا، سواء من المجتمع أو وسائل التواصل الاجتماعي، مما يعرضهم لمخاطر أكبر تتعلق باستهلاك الكحول.
وهكذا فإن فرنسا قد فشلت في السيطرة على مشكلة إدمان الكحول لاسيما بين الشباب. ما يقتضي إعادة تقييم علاقتها مع هذه الآفة التي تتمدد في المجتمع الفرنسي، الذي بات فعليًا مريضًا بالإدمان.