في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
جاء خطاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في لحظة تصعيد غير مسبوقة، تزامنت مع ضربة جوية نفذها تحالف دعم الشرعية في ميناء المكلا، لتفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، وحدود النفوذ الإقليمي في جنوب اليمن.
وبحسب مدير مكتب الجزيرة في اليمن سعيد ثابت، فإن خطاب العليمي لم يكن معزولا عن التطورات الميدانية، بل جاء بعد أقل من ساعة من بيان التحالف الذي أعلن استهداف أسلحة وصلت إلى ميناء المكلا على متن سفينتين عطّلتا أنظمة التتبع.
وكان التحالف قد طلب، فجر اليوم الثلاثاء من المدنيين إخلاء ميناء المكلا فورا، قبل أن يعلن لاحقا استهداف دعم عسكري خارجي، مؤكدا أن العملية لم تسفر عن إصابات بشرية أو أضرار جانبية داخل الميناء.
وأوضح التحالف أن سفينتين قدمتا من ميناء الفجيرة إلى المكلا يومي السبت والأحد الماضيين، بعد تعطيل أنظمة التتبع، وقامتا بإنزال شحنات سلاح دعما لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، في مخالفة صريحة للقرارات الدولية.
وأشار ثابت إلى أن أهمية بيان التحالف تكمن في استناده إلى قرار مجلس الأمن 2216، بما يعيد الصراع إلى إطاره السياسي والقانوني، ويؤكد أن الضربة جاءت لمنع تسليح أي طرف خارج مؤسسات الدولة الشرعية.
وأضاف أن العليمي بارك الضربة وأعاد التأكيد على دعوته السابقة للتحالف لوقف تمدد القوات التابعة للمجلس الانتقالي نحو المحافظات الشرقية، متخذا حزمة قرارات وصفها بأنها الأخطر منذ تشكيل مجلس القيادة.
وشملت القرارات إعلان حالة الطوارئ، وإغلاق المجال الجوي، وإلغاء اتفاقية التعاون الدفاعي مع الإمارات، والمطالبة بخروج قواتها من اليمن، في خطوة عكست -بحسب ثابت- سعيا لحصر العمل العسكري ضمن حدود ضيقة.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بدوره قد طالب في بيان له كل القوات الإماراتية بالخروج من جميع الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، مؤكدا إعلان حالة الطوارئ في كل أراضي الجمهورية بدءا من اليوم ولمدة 90 يوما،
وفي تطور لافت، برزت قوة " درع الوطن" كعنصر جديد في المعادلة، إذ دعا التحالف وسلطات الدولة في حضرموت والمهرة إلى التنسيق معها، باعتبارها القوة البديلة لملء الفراغ الأمني في المحافظتين.
ويرى ثابت أن الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي كانت تتفاعل منذ أشهر، وتكاد تقسم المجلس إلى معسكرين متقابلين، يتمحور أخطرها حول إدارة المناطق المحررة، خاصة في الجنوب والشرق.
وأوضح أن ممثلي المجلس الانتقالي، المدعومين إماراتيا، يدفعون باتجاه إدارة منفصلة بعيدا عن إطار الشرعية الدولية، بينما يتمسك الطرف الآخر بتوحيد مركز القرار تحت مظلة الدولة.
أما عن دوافع التركيز على حضرموت والمهرة، فيؤكد ثابت أن المحافظتين تمثلان عمق الدولة الجنوبية التي يسعى الانتقالي لإقامتها، لما تمتلكانه من ثروة ومنافذ وحدود إقليمية حيوية.
وبشأن موقع الإمارات، يرى ثابت أن أبو ظبي وضعت ثقلها إلى جانب طرف واحد داخل مجلس القيادة، متجاوزة -برأيه- اعتبارات الشرعية الدولية، مما جعلها عبئا على التحالف كما وصفها العليمي.
ويعزز هذا التقدير، بحسب ثابت، بيان الخارجية السعودية الذي عبّر بوضوح عن أسف الرياض لدفع الإمارات المجلس الانتقالي نحو تفجير الموقف عسكريا في حضرموت والمهرة.
بدوره، أوضح مراسل الجزيرة بدر الربيعان أن الموقف السعودي انتقل من الاحتواء الدبلوماسي إلى إعلان موقف سياسي وأمني صريح، صنف التحركات قرب الحدود الجنوبية تهديدا مباشرا للأمن القومي.
وأكد الربيعان أن بيان الخارجية السعودية حمل عتبا سياسيا واضحا تجاه دولة شريكة في التحالف، مع تجديد الدعم الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي باعتباره المرجعية الشرعية الوحيدة.
وأشار إلى أن الرياض شددت على رفض أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، ودعت إلى إشراك المجلس الانتقالي في الحل السياسي لا فرض الوقائع الميدانية بالقوة.
كما حذر البيان السعودي من نقل أسلحة دون تصاريح رسمية، معتبرا ذلك دلالة خطيرة، ومؤكدا مركزية قيادة التحالف في ضبط التحركات العسكرية وحماية أمن المنطقة والخليج.
وتوقف الربيعان عند دلالة المهلة الزمنية البالغة 24 ساعة، معتبرا إياها رسالة سياسية حازمة بأن الصبر الإستراتيجي السعودي له حدود واضحة.
وسبق هذا البيان، وفق الربيعان، حراك سياسي قاده وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، شدد فيه على مرجعية التدخل العسكري، واعتبر القضية الجنوبية قضية سياسية لا عسكرية.
ودعا الأمير خالد بن سلمان المجلس الانتقالي إلى تغليب الحكمة والانسحاب من المعسكرات وتسليمها لقوات "درع الوطن"، محذرا من أن التصعيد يخدم الخصوم ويهدر تضحيات التحالف واليمنيين.
ويخلص الربيعان إلى أن السعودية تجنبت خلال الأسابيع الماضية أي تصادم مباشر، مراهنة على الحل السياسي وحماية وحدة اليمن، غير أن استمرار التصعيد فرض انتقالا إلى مرحلة أكثر حزما.
المصدر:
الجزيرة