نشر المشرّعون الأمريكيون أكثر من 20 ألف صفحة من وثائق الممول الراحل جيفري إبستين، المدان بارتكاب جرائم جنسية.
وتذكر بعض الوثائق أندرو ماونتباتن وندسور، الأمير السابق وشقيق الملك تشارلز؛ والرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ ومستشاره السابق ستيف بانون؛ ومجموعة من الشخصيات الأخرى من عالم الإعلام والسياسة والترفيه، مما يُسلط الضوء على نطاق اتصالات إبستين.
وكان ترامب صديقاً لإبستين لسنوات، لكن الرئيس صرّح بأن خلافاً وقع بينهما عام 2004 تقريباً، أي قبل سنوات من اعتقال إبستين لأول مرة. وقد نفى ترامب باستمرار ارتكاب أي مخالفات تتعلق بإبستين.
وفيما يلي بعض الأسماء الأخرى التي ظهرت، دون الإشارة إلى ارتكاب أي مخالفات من قبل أي من الأطراف المذكورة.
مايكل وولف، البالغ 72 عاماً، صحفي وكاتب عمود أمريكي، ومؤلف للكثير من الكتب عن الأثرياء والمشاهير.
صدر كتابه "النار والغضب"، وهو الأول من سلسلة كتب تتناول الفترة الأولى لترامب كرئيس للولايات المتحدة، عام 2018، متضمناً وصفاً لاختلال أداء البيت الأبيض وتفاصيل فاضحة عن القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية. الأمر الذي وصفه ترامب بأنه "مليء بالأكاذيب".
وتُسلّط الدفعة الجديدة من الملفات المتعلقة بجيفري إبستين الضوء على علاقة يبدو أنها تُشير إلى وجود مراسلات بين وولف والراحل إبستين المُدان بجرائم جنسية.
وتركز الاهتمام بشكل خاص على إحدى رسائل البريد الإلكتروني، التي يبدو فيها أن وولف كان يُقدم نصائح لإبستين فيما يتعلق بعلاقته بترامب، بينما كان الأخير يُخوض حملته الانتخابية للبيت الأبيض لأول مرة.
وكتب وولف إلى إبستين عام 2015 لإبلاغه بأن شبكة "سي إن إن" الأمريكية تخطط لسؤال ترامب، بصفته مرشحاً رئاسياً، عن علاقته بإبستين.
وأجاب إبستين في حينها: "إذا استطعنا صياغة إجابة له، فماذا ستكون برأيك؟".
وواصل الاثنان مناقشة استراتيجية، حيث كتب وولف: "أعتقد أن عليكم تركه يورّط نفسه".
وفي رسالة بريد إلكتروني منفصلة في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وقبل أيام من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، عرض وولف على إبستين فرصة إجراء مقابلة قد "تُنهي" ترامب.
ورداً على نشر المستندات، نشر وولف فيديو عبر "إنستغرام"، قال خلاله إن "بعض هذه الرسائل الإلكترونية بيني وبين إبستين، تتضمن مناقشة إبستين لعلاقته مع دونالد ترامب. وكنت أحاول الحديث عن هذه القصة منذ فترة طويلة".
وكشف وولف قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة أنه أجرى مقابلات مع إبستين "بشكل دوري" لصالح كتاب "النار والغضب"، وأنه نشر تسجيلات لتلك المحادثات.
وتتضمن الوثائق مراسلات بين إبستين ولاري سامرز، وزير الخزانة السابق للرئيس الديمقراطي بيل كلينتون. وقد أُفيد سابقاً أن الرجلين كانا يعرفان بعضهما البعض.
وتشير رسائل البريد الإلكتروني إلى أن الرجلين كانا يلتقيان على العشاء بشكل متكرر، وكان إبستين يحاول في كثير من الأحيان ربط سامرز بشخصيات عالمية بارزة. وفي إحدى المرات، في يوليو/ تموز 2018، اقترح إبستين لقاء يجمع سامرز برئيس الأمم المتحدة، معلقاً أنه "شخص مثير للاهتمام" بالنسبة لسامرز.
وفي رسالة بريد إلكتروني منفصلة من أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016، بعد انتخاب ترامب مباشرة، طلب سامرز من إبستين "عدم بذل أي جهد في أي علاقة تجمعه بترامب".
وبسبب "نهج ترامب في التعامل مع تضارب المصالح"، و"قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، و"رد فعله المتهور" على وفاة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، قال سامرز إنه "كان من الأفضل أن يظل بعيداً جداً".
ورفض متحدث باسم سامرز التعليق، لكنه أحال إلى بي بي سي تصريحات سابقة لسامرز. وصرح ممثل عنه لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عام 2023 بأن المسؤول السابق "يأسف بشدة لتواصله مع إبستين بعد إدانته".
ونشرت لجنة الرقابة في مجلس النواب الأمريكي عدة رسائل بريد إلكتروني متبادلة بين إبستين وكاثرين روملر، المحامية التي عملت مستشارة قانونية للبيت الأبيض خلال فترة رئاسة باراك أوباما.
وفي أغسطس/ آب 2018، ناقشت روملر وإبستين دفع ترامب رشاوى لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز قبل انتخابات 2016، وهي قضية أُدين ترامب بسببها لاحقاً بتزوير سجلات أعماله. وينفي ترامب مزاعم إقامته علاقة مع دانيلز.
وبلغت المحادثة بين روملر وإبستين ذروتها عندما كتب إبستين: "كما ترين، أنا أعرف مدى دناءة دونالد".
وصرح بنك غولدمان ساكس، الذي تشغل فيه روملر حالياً منصب المديرة القانونية والمستشارة القانونية العامة، لشبكة "سي إن بي سي" بأنه يدعم موظفته.
وقال توني فراتو، المتحدث باسم البنك في بيان: "كانت هذه الرسائل الإلكترونية مراسلات خاصة قبل انضمام كاثي روملر إلى البنك بوقت طويل. كاثي مستشارة قانونية عامة استثنائية، ونحن نستفيد من حكمتها يومياً".
وفي عام 2023، صرّحت روملر لصحيفة "وول ستريت جورنال"، بأنها تشعر "بالندم لأنها عرفت جيفري إبستين".
وطلبت بي بي سي من روملر وغولدمان ساكس مزيداً من التعليقات.
وظهر اسم المستثمر الملياردير بيتر ثيل، المؤيد والمتقلب لترامب، مجدداً في أحدث وثائق إبستين، بعد أن ذُكر لأول مرة في دفعة وثائق نُشرت في سبتمبر/ أيلول.
ووفقاً للملفات المنشورة حديثاً، كان إبستين قد راسل ثيل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 لدعوته لزيارته في جزيرته الكاريبية، حيث يُعتقد أن بعض جرائم إبستين قد ارتُكبت.
وطلبت بي بي سي من مؤسسة ثيل وصندوق المؤسسين التابع للمستثمر التعليق. وصرح ممثل عن ثيل لصحيفة "بوليتيكو" بأنه لم يزر الجزيرة قط.
وانتقد ثيل إبستين في حلقة من بودكاست "تجربة جو روغان" في أغسطس/ آب 2024. وقال "كما تعلم، التقيتُ بإبستين عدة مرات".
وأضاف أنه تعرّف على إبستين عن طريق مسؤول تنفيذي آخر في وادي السيليكون عام 2014.
وأكد: "لم أتحقق من الأمر، ولم أسأل أي أسئلة كافية حوله". وتوقع أن "إبستين كان على دراية واسعة بالضرائب".
وتتضمن أحدث الوثائق المزيد من المراسلات بين عالم اللغويات الشهير نعوم تشومسكي، البالغ من العمر 96 عاماً، وإبستين. وكانت العديد من مناقشاتهما أكاديمية أو شخصية.
وتناولت المحادثات أحياناً موضوع ترامب، بما في ذلك في ديسمبر/ كانون الأول 2016.
وفي رسالته الإلكترونية، قال تشومسكي لإبستين: "لاحظتُ أن توقعك كان صحيحاً بشأن تجنب ترامب للبيت الأبيض باعتباره بدائياً للغاية".
واتصلت بي بي سي بممثل عن تشومسكي للتعليق.
ورداً على تقرير سابق لصحيفة "وول ستريت جورنال" حول علاقتهما، قال تشومسكي إن إبستين ساعده في نقل الأموال بين حساباته دون "فلس واحد من إبستين"، وأنه يجب الاعتراف أنه "كان يعرفه وكانا يتقابلا بين حين وآخر".
استشار إبستين مسؤولة العلاقات العامة بيغي سيغال مع تفاقم الفضيحة المحيطة به وبشركائه.
وكتب إبستين إلى سيغال عام 2011 طالباً منها التواصل مع أريانا هافينغتون، مؤسسة صحيفة هافينغتون بوست، لتشويه قصة فيرجينيا جيوفري، التي كانت من أبرز متهمي إبستين وأندرو. وانتحرت جيوفري في وقت سابق من هذا العام.
وأخبر إبستين سيغال أن هافينغتون "يجب أن تدافع عن مخاطر الادعاءات الكاذبة..".
وتُظهر رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة أن سيغال قالت لإبستين: "إذا أعدتَ صياغة رسالتك الأخيرة بأسلوب لغوي أفضل (وبالتالي أفهمها بشكل أفضل)، يُمكنني نسخها ولصقها وإرسالها مني إلى أريانا هافينغتون..".
وفي مقابلة هاتفية، صرّحت سيغال لبي بي سي بأنها لم تُبلغ هافينغتون قط بطلب إبستين، وقالت: "لم أتصل بأريانا". وأضافت: "كانت هافينغتون تنشر كتاباتي، ولا يوجد أي سبب يُذكر لأُعرّض هذه العلاقة للخطر".
لكن طلب إبستين "لم يكن غريباً. لقد كان طلباً سخيفاً"، على حد قولها. وأضافت: "كان لدى جيفري عادة محاولة استدراج الناس إلى عالمه الوهمي".
وفي الوقت نفسه، صرّحت هافينغتون لصحيفة "بوليتيكو" بأنها "لم يتم الاتصال بها، ولم تبعث أيّ مُراسل".
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة