في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
طرابلس- بعد أيام من الاستنفار العسكري والاشتباكات المتقطعة التي أعادت العاصمة الليبية طرابلس إلى مشهد التوتر المسلح، أعلن المجلس الرئاسي وصول قوة محايدة تابعة له إلى مطار معيتيقة المدني لتأمينه؛ تنفيذا لاتفاق خفض التصعيد الذي رعته أنقرة بالتعاون مع قوة فض النزاع المشكلة من المجلس.
تأتي هذه الخطوة حصيلة تفاهمات مضنية بغية احتواء التصعيد المسلح الذي اندلع في منتصف أغسطس/آب الماضي بين جهاز الردع لمكافحة الإرهاب الذي يتبع المجلس، والقوة المشتركة مصراتة التي تتبع وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية، وسبق ذلك اشتباكات بين الجهاز واللواء 444 قتال الذي يتبع هو الآخر الوزارة.
ولفك خيوط المشهد لا بد من العودة إلى خط زمني متسلسل يوضح كيف تدرج في طرابلس خلال أسابيع قليلة من توترات متفرقة إلى احتكاكات مباشرة بين التشكيلات المسلحة وسط مساعٍ محلية ودولية لاحتواء التصعيد.
تعود خلفية هذه التحشيدات إلى الثاني من مايو/أيار الماضي عندما تبنى رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي عبد الغني الككلي بعد أن استدعي إلى معسكر تابع للواء 444 للتحقيق معه في التجاوزات التي كان يمارسها الجهاز.
عقب مقتله اندلعت اشتباكات مسلحة بين جهاز الردع واللواء 444 التابع لحكومة الوحدة بقيادة محمود حمزة، وتركزت في محيط قاعدة معيتيقة الجوية وما جاورها من مقار وسجون، قبل أن تمتد تداعياتها إلى أحياء أخرى شرقي العاصمة.
وفي 20 أغسطس/آب الماضي، قرر الدبيبة حل جهاز الردع ونقل أصوله واختصاصاته إلى وزارة الداخلية بحكومته بذريعة أنه خارج سلطة الدولة، إلا أن الجهاز رفض القرار معتبرا أن مسألة حله أو إعادة هيكلته شأن يخص المجلس الرئاسي الذي شكّل -في الشهر نفسه على خلفية هذه التوترات- لجنة للترتيبات الأمنية تحاول كبح التحركات العسكرية والأمنية الأخيرة.
وبعد 10 أيام من الاحتقان واستمرار تدفق الأرتال المسلحة القادمة من مصراتة وغريان وزليتن باتجاه طرابلس، أعلن وكيل وزارة الدفاع عبد السلام زوبي التوصل إلى إطار توافقي بين الطرفين وموافقة الجهاز على الإطار العام للشروط التي وضعتها وزارته.
وفي تصريحه للجزيرة نت، أشار مستشار المجلس الرئاسي زياد دغيم إلى أن الاتفاق يشمل المنافذ البحرية والجوية والسجون ومراكز الاحتجاز، إضافة إلى وضع ضوابط تنظّم إجراءات القبض والتحقيق. وأكد أن التنفيذ سيتم وفق مبدأ "خطوة تقابلها خطوة" حيث يعلن كل طرف عن إجراءاته في نطاق اختصاصه، مشيرا إلى أن جهاز الردع بدأ أولى هذه الخطوات بتسليم مطار معيتيقة، على أن تُستكمل بقية البنود لاحقا.
وحول ضمانات تنفيذ الاتفاقية وتجنب تكرار سيناريوهات الفشل، أوضح دغيم أن عدم نشره بالكامل يُعد جزءا من خطة نجاحه وضمان سيره بسلاسة، مضيفا أن إشراك بعثة الأمم المتحدة وتركيا في المتابعة يعزز فرص نجاح الوساطة واستكمال ترتيبات التنفيذ.
وبحسب مصدر مسؤول في جهاز الردع تحدث للجزيرة نت، نص اتفاق خفض التصعيد على:
شملت أبرز التشكيلات المسلحة المشاركة في الأحداث الأخيرة جهاز الردع والقوة المشتركة مصراتة واللواء 444 قتال.
وتعود نشأة الجهاز إلى العام 2011 عندما كان في البداية سرية تابعة للمجلس العسكري في منطقة سوق الجمعة، وسرعان ما تطور إلى قوة منظمة حملت اسم قوة الردع الخاصة بقيادة عبد الرؤوف كارة، قبل أن يعاد تشكيلها سنة 2018 تحت اسم جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وتم ذلك بواسطة المجلس الرئاسي الذي منح الجهاز صلاحيات استثنائية، من بينها صفة مأموري الضبط القضائي ومصادرة الأموال والممتلكات، ومراقبة الاتصالات وتعقب الجماعات الإرهابية والإجرامية، كما يسيطر على مؤسسات حيوية مثل مطار معيتيقة وسجنها ومصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.
وتعود جذور قوة العمليات المشتركة مصراتة إلى عام 2013 حين تقرر إنشاء غرفة العمليات الأمنية المشتركة بقرار من مجلس الوزراء، وفي سنة 2020 أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق قرارا بإعادة تسميتها إلى قوة العمليات المشتركة، ومنحها صلاحيات موسعة تمثلت في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
أما اللواء 444 قتال فتأسس عام 2021 بعد انشقاق كتيبة 2020 عن قوة الردع الخاصة، بقيادة العقيد محمود حمزة، ويتبع وزارة الدفاع في حكومة الوحدة ويتخذ من معسكر التكبالي جنوب العاصمة مقرا له.
وعن موقف مجلس النواب، أوضح العضو فيه عبد المنعم العرفي أن البرلمان يرى في هذه التحشيدات العسكرية زيادة في معاناة المدنيين وتخريبا للممتلكات العامة والخاصة، لكنه أكد أن مسار التوافق السياسي ماضٍ بدعم من خارطة الطريق الأممية. وقال للجزيرة نت إن أمام التشكيلات المسلحة خيارين إما الانضواء تحت سلطة الدولة أو مواجهة قرارات مجلس الأمن في حال عرقلة العملية السياسية.
بدوره، قال عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد لنقي للجزيرة نت، إن هناك تواصلا مستمرا بين قوى الأمر الواقع في ليبيا لتوحيد المواقف، بغض النظر عن المواقف الخارجية منها، معتبرا أن هذا التواصل قد يقود -حسب رأيه- إلى توحيد مؤسسات الدولة بشكل أو بآخر.
وحول جهود التهدئة، أوضح المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا محمد الأسعدي للجزيرة نت أن البعثة مستمرة في التواصل مع لجنتي الهدنة والترتيبات الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الرئاسي والعمل للحفاظ على الهدوء والاستقرار ومنع انزلاق العاصمة في أتون مواجهات مسلحة.
كما تواصل -يكمل الأسعدي- دعم جهود الأعيان والوجهاء وحشد الدعم الدولي اللازم للحد من النزاع، بهدف حقن دماء الليبيين وتوفير بيئة آمنة ومواتية للعملية السياسية، وتنفيذ خارطة الطريق الأممية.
وأكد أن البعثة ملتزمة بدعم جهود الوساطة والتهدئة الرامية إلى تثبيت الهدنة، ودعم التقدم الملموس في المفاوضات في طرابلس.
وبخصوص مصير خارطة الطريق الأممية التي أعلنت عنها المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه أمام مجلس الأمن الدولي، رسم المحلل السياسي المقيم في طرابلس إلياس الباروني، في حديث للجزيرة نت، 3 سيناريوهات رئيسية:
ولتعزيز فرص نجاح الخارطة، اقترح الباروني جملة من الإجراءات العملية: