أقرّ الجيش الإسرائيلي بأن ما وصفها بالعمليات العسكرية في جنين وطولكرم ونور شمس شمالي الضفة الغربية تهدف إلى تغيير ملامح المخيمات، في ظل عدوان متواصل منذ قرابة 6 أشهر.
وأوضح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الهدف من هذه العمليات هو إعادة تشكيل المخيمات وتحويلها إلى مناطق مفتوحة يسهل الوصول إليها وتخضع لسيطرة الجيش.
وأشار إلى أن ذلك من شأنه أن يتيح للجيش حرية الحركة لإحباط العمليات العسكرية.
وتشير تقديرات إلى أن الجرافات الإسرائيلية هدمت أكثر من 600 منزل بالكامل بمخيم جنين وحده، وفتحت 15 شارعا، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
كما يواصل جيش الاحتلال هدم المباني في مخيم طولكرم، رغم صدور قرار قضائي إسرائيلي بتجميد العملية.
ومنذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي يواصل الجيش الإسرائيلي عدوانا عسكريا في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس.
وأدى العدوان الإسرائيلي إلى تدمير ما لا يقل عن 400 منزل كليا في مخيمي طولكرم ونور شمس، و2573 منزلا جزئيا، مع استمرار إغلاق مداخل المخيمين وتحويلهما إلى مناطق خالية من الحياة، بحسب معطيات رسمية.
وتشير التقديرات الفلسطينية إلى أن الاحتلال شرّد نحو 40 ألف فلسطيني من المخيمات الثلاثة، ولم يسمح لسكان مخيم جنين بالعودة لاستعادة بعض ممتلكاتهم.
في غضون ذلك، زار المنسق الأميركي للشؤون الأمنية في الضفة الغربية مايكل آر فينزل أمس الثلاثاء مخيم نور شمس، للاطلاع على آثار العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ نحو 150 يوما.
وقال محافظ طولكرم عبد الله كميل الذي رافق المسؤول الأميركي في جولته، بتصريحات للصحفيين، إن الزيارة تأتي في إطار تواصل الجانب الفلسطيني مع مختلف الجهات، بما فيها الأوروبية والولايات المتحدة التي تملك قدرة على الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها.
وأضاف كميل أن الهدف الفلسطيني هو إعادة الناس إلى منازلهم، ورفع الأذى عنهم، وإعادة إعمار المخيمات.
وأشار إلى أن الأميركيين اقترحوا أن تكون بداية الإعمار من مخيم نور شمس، وتابع "نحن لسنا ضد ذلك".
وأشار المحافظ إلى أنها المرة الأولى التي يدخل فيها المخيم منذ بدء العدوان، واصفا الوضع هناك بأنه "مأساوي"، مشيرا إلى أن المنسق الأميركي "أبدى امتعاضه مما شاهده".
كما شدد كميل على ضرورة إعادة تأهيل البنية التحتية للمخيم من صرف صحي ومياه وكهرباء وشوارع، مشيرا إلى تهديدات إسرائيلية "بقصف أي مبنى يُعاد بناؤه بعد الهدم".
وتأتي عمليات الهدم ضمن أحدث مخطط أعلنته سلطات الاحتلال في مايو/أيار الماضي يقضي بهدم 106 مبان، منها 58 في مخيم طولكرم، تضم أكثر من 250 وحدة سكنية وعشرات المنشآت التجارية، و48 مبنى في مخيم نور شمس.
من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد إن العدوان الإسرائيلي على المخيمات في الضفة الغربية يحمل أهدافا أبعد من الاعتبارات الأمنية والعسكرية، موضحا أن الاحتلال لا يسعى فقط لتحويل المخيمات إلى أحياء داخل المدن لتسهيل السيطرة الأمنية، بل يعمل على إلغاء فكرة المخيم كرمز لحق العودة واللجوء الفلسطيني، وهي في صميم الرواية الفلسطينية.
وأوضح أبو عواد، في مقابلة مع الجزيرة نت، أن إسرائيل تحاول تنفيذ مشروع تهجير علني وليس مبطنا، مشيرا إلى تهجير نحو 40 ألف فلسطيني من الضفة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولفت إلى أن إسرائيل تعمل على تقليص الوجود الفلسطيني، كما يطرح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، تمهيدا لمرحلة ثانية عنوانها ترحيل الفلسطينيين، وهو ما يظهر بوضوح من خلال سياسات التهجير، وفرض العقوبات، والسيطرة على الأرض، وتفكيك المخيمات.
وبالتوازي مع حرب الإبادة في غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس، مما أدى إلى استشهاد 993 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في قطاع غزة مخلفة أكثر من 194 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.