في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
طرابلس- يتصدر حاليا ملف تشكيل حكومة ثالثة موحدة بديلة عن الحكومتين المتنازعتين في ليبيا عنوان الأزمة، مدفوعا بمبررات دستورية ضاغطة وتحركات برلمانية متسارعة.
واستمع مجلس النواب عبر جلسات منفصلة إلى عدد من المرشحين للرئاسة، وهو ما يطرح تساؤلات بشأن مشروعية الخطوة وغاياتها وسقفها الزمني، وقدرة البرلمان على تمكين سلطة تنفيذية فاعلة من طرابلس ، ومدى الاعتراف والقبول الدولي، وأي انعكاسات لانقسام مجلس الدولة.
وفي محاولة لاستجلاء أبعاد هذه التطورات استطلعت الجزيرة نت آراء عدد من الفاعلين السياسيين الليبيين الذين عرضوا تحليلاتهم بشأن فرص النجاح والإخفاق والتحديات.
أوضح عضو مجلس الدولة بالقاسم أقزيط للجزيرة نت أن استمرار وجود حكومتين متوازيتين في ليبيا يحتم الذهاب نحو تشكيل حكومة ثالثة موحدة تنهي هذا الوضع المشوه، لأن ليبيا لا يمكن أن تدار بمنطق الدولتين، حسب تعبيره.
ولفت أقزيط إلى وجود أغلبية وازنة داخل المجلسين تمتلك الإرادة السياسية الصادقة لتشكيل حكومة موحدة تعبر عن إرادة وطنية جامعة.
بدوره، برر عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي في حديثه للجزيرة نت أن الهدف من تحركات البرلمان هو إنهاء الانقسام والازدواجية، استنادا إلى التعديل الدستوري الـ13 الذي نص صراحة على تشكيل حكومة موحدة، مبينا أن مقترحات اللجنة الاستشارية عززت هذا التوجه.
من جهته، أكد عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة للجزيرة نت أن تشكيل حكومة تنفيذية موحدة بات مطلبا، لكنه أبدى تحفظه على موقف المجتمع الدولي والبعثة الأممية.
يرى عضو مجلس النواب حسن جاب الله أن تشكيل حكومة جديدة في ظل غياب خارطة طريق واضحة وتفاهم مؤسسي بين مجلسي النواب والدولة ودون غطاء أممي عبر بعثة الأمم المتحدة و مجلس الأمن لن يفضي إلا إلى تكرار إخفاق تجربة حكومة فتحي باشاغا .
وقال جاب الله للجزيرة نت إن الدوافع الحالية المطروحة لتشكيل الحكومة لا ترتكز على مشروع وطني جامع ينهي المراحل الانتقالية ودستور دائم للبلاد، مشددا على ضرورة الاستفتاء على الدستور وحض المفوضية الوطنية العليا للانتخابات على القيام بدورها وطرحه للاستفتاء في أقرب وقت.
وأشار إلى أن العوائق الجوهرية تتمثل في الانقسام القائم داخل مجلس الدولة الذي يصفه بالشريك الجوهري في العملية التوافقية.
وعُيّن فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الليبية من قبل البرلمان عام 2022 خلفا ل عبد الحميد الدبيبة ، لكنه لم يتمكن من دخول العاصمة طرابلس، وعمل لفترة من مدينتي بنغازي و سرت ، قبل أن تُسحب منه الثقة.
وعن سؤال الجزيرة نت بشأن مدى التنسيق بين المجلسين في خطوة تشكيل الحكومة الجديدة، أوضح عضو مجلس النواب عبد النبي عبد المولى أن أكثر من 100 عضو من مجلس النواب منحوا أصواتهم لمرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، في خطوة ترافقت مع مستوى عالٍ من التنسيق مع مجلس الدولة الذي بدوره منح تأييدا مشابها.
المحلل السياسي عيسى عبد القيوم أشار في تصريحه للجزيرة نت إلى 3 متغيرات:
بدروه، يرى أستاذ القانون الخاص راقي المسماري أن الروزنامة التشريعية في ليبيا وصلت إلى درجة من الترهل، وذلك بعد مرور 14 عاما على صدور الإعلان الدستوري في 2011 الذي عُدّل 13 مرة، الأمر الذي يضع علامات استفهام كبرى بشأن المشهد الدستوري برمّته.
وأضاف المسماري للجزيرة نت أن تشكيل حكومة جديدة يمكن أن يتخذ أحد المسارين:
يوضح النائب العرفي أن معايير اختيار رئيس الحكومة الجديدة مرتبطة بنجاعة المشروع المقدم ومدى واقعيته وسرعة إنجازه، فضلا عن قدرته على تقليص أي أضرار محتملة، مؤكدا أن العامل الحاسم في هذه العملية هو الدعم الدولي، وأن غيابه سيجعل الحكومة المقترحة مجرد كيان محلي محدود الفاعلية.
وتوقع العرفي أن تكون مدينة سرت مقرا للحكومة الجديدة، نظرا لتجهيزاتها الفنية وموقعها الوسيط بين مختلف المناطق، مما يضمن عمل الحكومة بتوازن.
تواجه الحكومة الجديدة مجموعة تحديات، أبرزها إمكانية تقلدها مهامها من العاصمة طرابلس، إذ يُشخص المحلل السياسي محمد مطيريد المأزق بوضوح قائلا "الحكومة المقبلة إن لم تجد موطئ قدم آمن في طرابلس فستكون تكرارا مريرا لتجربة باشاغا، حكومة ولدت في البرلمان وماتت في سرت".
وأشار مطيريد للجزيرة نت إلى تفاهم أمني بين قوة الردع وبعض التشكيلات المسلحة من الزاوية، مما قد يمهد الطريق أمام شخصية تنفيذية من الزاوية أو سوق الجمعة للدخول إلى العاصمة، وإذا ما اختار البرلمان شخصية مقبولة من هذه المناطق فإن الحكومة المقبلة قد تتمكن من العبور إلى طرابلس.
وهو ما يتفق معه المحلل السياسي عيسى عبد القيوم الذي تحدث عن "توازنات جهوية" تبرر أن جميع المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة هم من الغرب الليبي بحكم أن رئاسة البرلمان تتموضع في الشرق، لافتا إلى أن هذا التوازن لا يكتمل إلا بالتوافق الداخلي في الغرب، بما في ذلك القوى العسكرية الفاعلة.
ويعتقد عبد القيوم -حسب تصريحه للجزيرة نت- أنه في حال تعذر هذا التوافق فإن البرلمان سيحتفظ بحكومة أسامة حماد كأمر واقع، في حين ستستمر حكومة الدبيبة بسلطة منقوصة وضعيفة تدار على الهامش.
وتوقع المحلل السياسي محمد مطيريد توجهين:
في الوقت الذي أكد فيه عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة أن الحكومة الجديدة إن لم تحظ بدعم واضح من المجتمع الدولي فإنها ستظل مبادرة محلية معزولة، وقد تعد قفزة في الهواء فإن عضو مجلس النواب عبد النبي عبد المولى أوضح أن البرلمان أجرى اتصالات متعددة مع الأطراف الدولية التي أجمعت على ضرورة تشكيل حكومة موحدة.
وأشار إلى أن التعقيدات الإقليمية والدولية تشتت الاهتمام الدولي بالملف الليبي، مما يجعل التوافق الداخلي أكثر إلحاحا، داعيا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته ودعم هذه الخطوة عبر منح الحكومة المقبلة غطاء سياسيا واعترافا دوليا.
بدوره، أشار البرلماني عبد المنعم العرفي إلى توجيه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح رسائل واضحة إلى البعثة الأممية والشركاء الإقليميين والدوليين لحثهم على دعم هذه الخطوة ومواكبتها.