في اكتشاف قد يغيّر مستقبل علاج السمنة حول العالم، أعلن باحثون أميركيون أن بكتيريا تعيش بشكل طبيعي داخل أمعاء الإنسان قد تكون المفتاح الجديد لمنع زيادة الوزن، حتى في ظل تناول نظام غذائي غني بالدهون. وتأتي النتائج في وقت تُصنف فيه السمنة كأحد أكبر أزمات الصحة العامة، إذ تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن واحداً من كل ثمانية أشخاص يعاني منها.
الدراسة الجديدة، التي نشرها موقع Medical Xpress العلمي واستندت إلى بحث نُشر في مجلة Cell Metabolism، حدّدت بكتيريا تُدعى "توريسيباكتر" (Turicibacter) باعتبارها لاعباً مركزياً في تنظيم عملية الأيض. ورغم الاشتباه منذ سنوات في دورها المفيد، فإن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحديد آلية تأثيرها بشكل دقيق.
فريق الباحثين من جامعة يوتا الأميركية نجح أولاً في عزل البكتيريا وإكثارها، قبل تجربتها على مجموعات من الفئران، بعضها خالٍ من أية بكتيريا معوية. وتم إعطاء الفئران نظاماً غذائياً مرتفع الدهون، في ظروف عادة تؤدي إلى زيادة سريعة في الوزن وارتفاع بمستويات السكر والدهون.
لكن المفاجأة كانت أن الفئران التي حصلت على البكتيريا أظهرت انخفاضاً ملحوظاً في الدهون الحشوية، وتحسناً في مستويات السكر، وتراجعاً في الدهون الثلاثية، مقارنة بالفئران الأخرى.
ولفهم كيفية حدوث هذا التأثير، قام الفريق بتحليل عينات من أمعاء ودم الفئران. ووجدوا أن بكتيريا Turicibacter تنتج دهوناً خاصة بها. وعند استخلاص هذه الدهون وإعطائها للفئران بشكل منفصل، كانت النتيجة مماثلة، أي أن الدهون وحدها كانت قادرة على منع تراكم السمنة.
وتعمل هذه الدهون، بحسب الباحثين، على خفض إنتاج الجسم لمركبات "السيراميدات"، وهي دهون ضارة ترتبط بالسمنة والالتهابات وأمراض القلب، وترتفع بشدة لدى من يتناولون أغذية عالية الدهون.
وكتب العلماء في بحثهم: "لقد حددنا شبكة جديدة من التفاعل بين دهون تنتجها بكتيريا نافعة ودهون ينتجها الجسم، بشكل يعزز الصحة الأيضية ويمهد لعلاجات واعدة للسمنة".
كما وجد الفريق العلمي أن الأشخاص المصابين بالسمنة يملكون نسباً منخفضة من هذه البكتيريا، ما يعزز إمكانية تطوير مكملات بروبيوتيك تعتمد عليها مستقبلاً، أو حتى استغلال الدهون التي تنتجها بشكل مباشر كدواء جديد.
ويقول الباحثون إن الدراسة تمثل "خطوة أولى مهمة"، لكنها تفتح الباب أمام علاج محتمل أكثر أماناً وفعالية من الأدوية الحالية، التي قد تتسبب بآثار جانبية وتتطلب استخداماً طويل الأمد.
ورغم الحاجة إلى مزيد من الدراسات السريرية على البشر، يرى العلماء أن اكتشاف بكتيريا قادرة على إيقاف السمنة بهذه القوة قد يشكّل نقطة تحول في معركة العالم مع زيادة الوزن.
المصدر:
العربيّة