كأن كل أزمات تراجع الإنتاج أو حقوق الملكية الفكرية أو المنافسات الفنية لا تكفي " هوليوود"، حتى انفجرت مشكلة جديدة وُصفت بأنها "زلزال في صناعة السينما".
فقد أثارت شخصية رقمية تُدعى تيلي نوروود، طوّرتها شركة Xicoia كأول "ممثلة بالذكاء الاصطناعي"، عاصفة من الجدل في قلب صناعة السينما الأميركية.
وبينما تحاول الشركة الترويج لها كـ"موهبة جديدة تبحث عن وكيل فني"، رأى العديد من الفنانين والنقابات أن ما يجري يعد بمثابة تهديد مباشر للمهنة ولقيم الإبداع الإنساني.
فقد أكدت نقابة الممثلين الأميركيين في بيان "ناري" أن "تيلي ليست ممثلة، بل شخصية وُلدت من برنامج حاسوبي دُرّب على أعمال ممثلين حقيقيين من دون إذن أو تعويض".
كما أضافت أن هذه الشخصية "تفتقر إلى التجربة الحياتية والمشاعر، والجمهور لا يبحث عن محتوى مفصول عن التجربة الإنسانية"، بحسب ما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".
بدورهم، هاجم عدد من الممثلين الفكرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وكتبت الممثلة ميليسا باريرا بطلة فيلم "سكريم": "أتمنى أن يتخلى جميع الممثلين عن الوكيل الذي يوقّع مع هذه الشخصية. هذا أمر مقزز".
أما ناتاشا ليون، بطلة فيلم "رشان دول"، فقالت إن الفكرة "مضللة وخطيرة"، داعية إلى مقاطعة أي وكالة فنية تتبنى "ممثلين" بالذكاء الاصطناعي.
في المقابل، روجت إيلين فان دير فيلدن، الكوميدية والمنتجة الهولندية ومؤسسة شركة Particle6، لشخصية تيلي خلال قمة زيورخ السينمائية. وأكدت أن وكالات المواهب مهتمة بالتعاقد معها.
كما ردّت على الانتقادات قائلة إن تيلي "ليست بديلًا للبشر، بل عمل فني يحفّز النقاش"، مشبهةً ابتكارها برسم شخصية أو كتابة دور درامي. وأوضحت أنها "مثل العديد من أشكال الفن التي سبقتها، فهي تُثير الجدل، وهذا بحد ذاته يُظهر قوة الإبداع".
إلى ذلك، قالت "لقد كان ابتكار تيلي، بالنسبة لي، عملاً من الخيال والحرفية، لا يختلف عن رسم شخصية أو كتابة دور أو تشكيل أداء". "يتطلب الأمر وقتًا ومهارة وتكرارًا لإضفاء الحيوية على مثل هذه الشخصية".
أما تيلي فتظهر على حسابها في إنستغرام، وكأنها شخصية عادية تشرب القهوة أو تتسوق، ولديها أكثر من 33 ألف متابع.
بل إنها قالت في أحد المنشورات: "استمتعت كثيرًا بتصوير بعض اختبارات الشاشة مؤخرًا.. أشعر كل يوم كأنني أقترب خطوة من الشاشة الكبيرة".
يذكر أنه رغم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل واسع حالياً في إنتاج الأفلام، إلا أن استخداماته كانت تقتصر غالبا على العمليات الفنية.
لكنه أثار جدلا واسعا في الأوساط الفنية، خاصة بعد الإضراب التاريخي لنقابة الممثلين SAG-AFTRA عام 2023، الذي انتهى باتفاق يضع بعض الضمانات لحماية استخدام صور وأداء الممثلين عبر الذكاء الاصطناعي.
كما شهد قطاع ألعاب الفيديو نزاعًا مشابهًا، وانتهى بفرض قيود تلزم الشركات بالحصول على إذن خطي قبل إنشاء نسخ رقمية من المؤدين. وفي يوليو الماضي، وافق ممثلو ألعاب الفيديو على عقد جديد يُلزم أصحاب العمل بالحصول على إذن كتابي لإنشاء نسخة رقمية.
لكن على صعيد التمثيل، ثار جدل واسع حول استخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة بعد استخدامه في فيلم "الوحشي" (The Brutalist) الحائز على جائزة الأوسكار عام 2024 في الحوار الذي دار باللغة المجرية بين شخصيتي أدريان برودي وفيليسيتي جونز.
كما دار صراع أعمق حول مستقبل الفن، وأسئلة على غرار "هل يمكن لشخصية اصطناعية أن تنافس ممثلًا حقيقيًا على الشاشة الكبيرة؟"، و"هل يوفر ذلك حلولاً أفضل للصناعة؟"... والسؤال الأهم: "هل ينتهي عصر الفن بشكله الحالي؟"